إصلاح التعليم ليس لعبة أحزابٍ

عقدت اللجنة التحضيرية لحزب المشروع الديمقراطي الحداثي إجتماعا إستثنائيا بمدينة المحمدية يومه الثلاثاء 02 – 07- 2019 ، و ذلك من أجل تدارس الممارسات الخطيرة التي تخص استمرار حالة الاستهتار الحكومي و البرلماني بقضية وطنية مصيرية : ورش إصلاح التعليم بالمغرب.

و قد أثبتت الإنتكاسات المتوالية داخل المؤسسة التشريعية منذ إحالة مشروع القانون الإطار رقم 17-51 المتعلق بإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي على لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بتاريخ 12 شتمبر 2018

أَثْبَتَتْ أن معيقات إنجاز الإصلاح الحقيقي هي امتداد خبيث و استمرار حثيث لخطة سياسية مشبوهة تَجُرُّنَا نحو السقوط في صراع هوية بخلفية أيديولوجية مشرقية ، صراع يقوده لوبي حزبي يشرعن تفشي مظاهر التواكل و الاستيلاب المشرقي ، و غلبة عقد الدونية و الإنغلاق و التدين الساذج و التعصب الأعمى . صراع  أفرز – بالملموس- انتشار الخطاب العدمي المُحْبِط المؤدي إلى تَسْفِيه المؤسسات الدستورية الوطنية و إفشال مبادرة الإصلاح من داخلها.

هكذا يُنَاوِر حزب العدالة و التنمية – الذي يترأس التحالف الحكومي- عبر رَفْضِهِ لأي سلوك توافقي يخرج عن ضبطِه و  خطِّه الأيديولوجي و الدعوي المشرقي ، معتبراً أن مكتسبات الحقوق  الثقافية و السياسية التي جاء بها دستور 2011 باتت تهدد مشروع تديُّنَهم المُؤَدْلَج و حاضِنَته المُتَفَيْقِهَة.

كما أن فرق الأحزاب المشاركة في غنيمة الحكومة استكانَتْ لحالة البلوكاج التشريعي و اختارت المحافظة على مواقعها الوزارية . لأن هذه الأحزاب الخائفة من سقوط حكومتها الفاشلة ، ليست إلاَّ امتدادات لِقوى سياسية قديمة و متقادمة ، أو هي خارجة من رَحِمِها بعقليات أحادية لا تتقن سوى سياسة المحافظة على المصالح الخاصة . لذا نجدها وفية للتحالف الحكومي برئاسة حزب العدالة و التنمية ، لأنه سهلَّ لها الوصول إلى مواقعها الحالية. في حين أنها لا تملك مشروعا حقيقيا للتغيير الديمقراطي و لا تملك الإرادة لإحقاق ذلك .

إننا داخل اللجنة التحضيرية لحزب المشروع الديمقراطي الحداثي نؤكد أن عدم الإلتزام بأحكام العدالة الثقافية و المواطنة الدستورية الواردة في الدستور أحدث مَتاهة كبيرة في الحقل الدلالي السياسي المغربي مما يسمح بإعادة إنتشار خطابات التخوين و التكفير التي تسكن قلوب و ألسنة الأيديولوجيات المشرقية الإِخْوَانْجِيَّة و القَوْمَجِيَّة.  

و بالتالي ، نجهر بالتنبيه إلى أن مبتدأ التغيير الإيجابي يتجسد في ضرورة إصلاح التعليم – شكلا و مضمونا- كشرط وجود و كحاجة لدى الأجيال المغربية الصاعدة. هذا الإصلاح الكبير ، الذي لم يُسْعِفْنا اعتماد التعريب في إنجازه ، لن يتحقق إلاَّ بالإنفتاح – دون تردد – على إدماج اللغات العالمية الحية في التدريس و اعتماد المناهج العلمية الرائدة التي تجعل من المنظومة التعليمية فضاءا عموميا منتجًا لأجيال جديدة ، وفق خطة إصلاحية وطنية ثاقبة تعمل على تطوير دينامية المجتمع و المؤسسات و تفاعل العلاقات الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية مع زمن التكنولوجيا و الذكاء الاصطناعي.

كما نطالب الأحزاب المُمَثَّلَة داخل المؤسسة التشريعية بضرورة التحلي بالمسؤولية الوطنية، و الإلتزام بواجباتها الدستورية في تغيير الواقع التعليمي و الثقافي المُتَرَهِّل بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة. وذلك عبر تعجيل الشروع في المصادقة على مشروع القانون الإطار رقم 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ، و عدم الزج بالمغربيات و المغاربة في دوامة تكرار الأخطاء التي جعلت الأجيال الحاضرة غارقة في الأزمات و الكوارث و منها على الخصوص فاجعة المنظومة التعليمية ، و قصورها الذاتي المخيف.

*رئيس اللجنة التحضيرية لحزب المشروع الديمقراطي الحداثي 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد