الدكتور محمد ابزيكا.. العباقرة لا يموتون.. 

يوسف غريب //

هم هكذا… لا تقاس حياتهم بتعاقب الليل والنهار ولا توزّع اهتماماتهم بين رحلتي الشتاء والصّيف؛ بل من يتأمل مسارهم الاستثنائي يجد أن للقدر رعاية خاصة تتجاوز الصُّدفة والحظ ليصبح قانونا طبيعيا ينفرد به هؤلاء العباقرة بمنحهم ولادة ثانية… تماما كما هو حال فقيذنا محمد ابزيكا الذي لا شك أنه يطل من ثقب بالسماء هناك كحمو اونامير وهو يتابع حفل ميلاده الثاني البارحة بالقطب الجامعي بأيت ملول..

يتأمل أحباؤه وهم يعيدون ترتيب أوراق بحثه الأكاديمي في تشابه تام مع أوراق إدريس بطل رواية عبد الله العروي ( حتى لا نعثر عليها عند بائع الزريعة كما صرح بوشعيب صديق إدريس)..

نعم أعيد ترتيب هذه الأوراق المبعثرة منذ صيف 91 19 تاريخ عودته الى الزاوية كأي صوفي يحول عينيه نحوداخله ينتظر الخيط الرابط بين الاختفاء لمدة 28سنة.. وبين تجلياته البارحة وباسم ولقب جديد الدكتور محمد بزيكا…

سقف انتظار قد يبدو طويلا عند أحبائه وهم يحملون وزر وثقل الاعتراف والعرفان… أما المتخادلون فللقدر إجابات بمنطق انتظار توفير كل الشروط المادية والرمزية تليق بمستوى وقامة هذا العبقري… وبحجم هذا القطب الجامعي الذي احتضن فعالية مناقشة أطروحته وهذه الفرادة المعمارية والجمالية وطنيا.. وعلى مرمى حجر من قبره يسارا…وباطلالة سريعة على منزله يمينا…بل وأن تكون أول أطروحة تناقش هنا…وأول دكتورة فخرية بميزة مشرف جدا مع توصية بالطبع..

نعم للقدر رعاية خاصة لا يدركها الا من حضر فعاليات هذا اليوم التكريمي الذي اختلط فيه الأكاديمي بالرمزي والجمعوي بالجامعي والإنساني بالعائلي …

للقدر رعاية خاصة لا يدركها الا من استوعب خروج الدكتور محمد بزيكا من المدرج إلى الساحة…أْنرارن أو أسايس.. وهل كان المدرج يسع كل طلابه؟؟؟ بل أولم يكن رجل الساحات وبتنوعها الثقافي والسياسي والنقابي.. باحثا عن نسر يطير به نحو أفق واسع لرؤيته وبصيرته…

نختلف في تسمية الساحة هنا…لكني أخال تلك الابتسامة على محيا الفقيذ عربون تجاوزه لهذا التفصيل الصغير.. لأن اسمه سيبقى ممتدا وسط آلاف الطلبة والطالبات حجاج هذه الساحة وبكل شغبهم الاستفزازي الجميل..

سيبقى خالدا ومنفردا كفرادة شجرة ( أرگان) التى ما زالت ترخي بظلالها على روحه الطاهرة.. فلاغرابة في أن يشرف وزير التعليم على حفل إطلاق هذا الاسم على أكبر ساحة بهذا الحرم الجامعي…

لا غرابة في ذلك فللقدر إجابات تتجاوز الصدفة والحظ…بل وتؤكد أن العباقرة لا يموتون أبدا..

حتى إذا انسحبوا… فقط لأنهم ينتظرون

لذلك أعتبر وبقوة أن 29 يونيو هو تاريخ ميلاد ثانية للدكتور محمد بزيكا عند كل القادمين من الزمن عبر أطروحته التي ستتحول إلى مرجع نظري.. كما في الساحة التى تحمل اسمه المستعصي على النسيان..

فطوبى لمن اختاره القدر للمساهمة في ترتيبات وإنجاح هذا الاحتفال. وللقدر سرّ في اختياراته..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد