محمد مرسي و مرتزقة الإخوان في المغرب

كفى بالموت واعظًا ، هكذا نستذكر الأموات بِخَيْرٍ ، و نستحضر الإنتقال إلى جوار الله بِخُشُوعٍ ، ونستنكر إستغلال وفاة محمد مرسي لإحياء نَعْرَةِ تقسيم الشعوب المسلمة إلى مُعَسْكَرَيْنِ مُتَناحِرَيْنِ .

و لأن صغار تنظيم العدالة و التنمية قد شحذوا أقلامهم و أقوالهم من أجل تصفية حسابات سياسوية دنيوية رخيصة ، و شرعوا في صب زيت الحقد الطائفي على نار التفرقة الدينية . فإننا نحذر أولئك الشباب المُسْتَلَب من مغبة اللغو الفارغ الذي يخدم أجندة فوق وطنية تجعل من جثة الميت ورقة سياسية في مهب رياح التدابز الأيديولوجي. فَهَا نحن أَيْنَما وَلَّيْنَا وُجوهَنَا تُلَاقِينَا عبارات طلب الثأر المدسوسة ضمن بيانات النعي عند الكثير من ” علماء” الإسلام السياسي.

” مات مرسي .. عاش الإخوان”  هكذا يريدون إحياء مشروع الجماعة الضالَّة عبر الاسترزاق بالموت، و الأخطر من ذلك حديث الرميد مصطفى الإخوان في المغرب عن الشهادة في سبيل الله، و كأن المعارضين لنهج الإخوان ثلة من الكافرين المشركين  الذين حق عليهم العذاب الأَليم. رغم أن الشهيد في الإسلام هو القتيل الحريص على أنْ يكون خروجُه من الدنيا في سبيل الله و ليس في سبيل كرسي الرئاسة الدنيوي

و قد استفزني الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية محمد أمكراز ، حين لجأ إلى القول السفيه و اعتبر كل من تحدثوا اليوم  عن وفاة محمد مرسي ، أنهم مناصرون للظلم والقهر والاستبداد. بل تمادى أمكراز في غَيِّه و جزم بأن الذين تحدثوا عن محمد مرسي،  لا يحق لهم الحديث مستقبلا عن مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية.

رغم أننا في المغرب نعاين عن قرب فشل التنظيمات السياسية المُؤَدْلِجَة للإسلام في ممارسة السلطة بنفس ديمقراطي تنموي حقيقي ، و ذاك نابع من حقيقة ملموسة تتلخص في عقيدتهم السياسوية الكهنوتية الجامدة الساعية للتمكين التام بإدعاء الطهرانية العقائدية و التمترس خلف ديماغوجية المظلومية. عقيدة سياسية نشأت و ترعرعت على تكفير الديمقراطية كمنظومة قِيَم أولاً، ثم سارعت إلى  الإلتفاف على الشق الانتخابي للعملية الديمقراطية قصد تأمين وصولها إلى المشاركة في تسيير أمور الدولة ،  قبل مباشرة الإنقلاب من جديد على الإرادة الشعبية و نظامها السياسي الوطني، وإعلان رغبتهم في الاستفراد المُفْتَرِس لباقي المكونات السياسية بإسم التفويض الشعبي المزعوم وخدمة لأهداف و غايات عقيدتهم الدينية – السياسية الخاطئة و ليس بغرض إحقاق الديمقراطية التشاركية .

هذه شبيبة الصحوة الدينية المزعومة التي نتابع شروع بَناتِها في خلع الحجاب بعد انتهاء عِفَّةِ صلاحيتِه الإنتخابية. إِذْ بِنَا اليوم نجدُ أبناءَها يُثَمِّنون السياسات اللاشعبية لحكومة سعد العثماني التي تستهدف القوت اليومي للشباب المغربي، بينما إخوانهم الكبار يتلذذون في نعيم التعويضات والمعاشات والامتيازات من ميزانية الدولة المغربية.

هذا الصغير أمكراز رئيس شبيبة إخوان المغرب يتحدث في تدويناته الماكرة عن مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية التي راكمتها البشرية عبر قرون من النضالات المريرة، و يقول أنها ليست فقط عبارات أو شعارات يتم رفعها كلما كنا في حاجة إليها لدعم موقف سياسي معين. بل يتمادى – بِنِفَاقٍ كَرِيهٍ – في التأكيد  على أنها قناعات راسخة وممارسة منضبطة، لا تقبل التجزيء ولا الإنتقائية.

و بالمقابل نجد إخوانه المُسْتَكْبرين في المغرب يعملون بسعي حثيث على تحريف مفهوم التأويل الديمقراطي عن مواضِعِه الدستورية، من خلال التكتيكات السياسوية الجديدة التي دشَّنَتْها قيادات تنظيم العدالة و التنمية ، بعد إنكشاف أوهام التنمية ضمن برنامج العبث الحكومي ” البَاسِل” و إنفضاح كذب الإخوان في أرقام البرنامج الإنتخابي الفاشل ، و  الذي بِمُوجَبِه تصدَّر الذراع السياسي لجماعة التوحيد و الإصلاح نتائج إقتراع السابع  من أكتوبر 2016.

وَلَا غَرَابَة – بعد وفاة محمد مرسي- أن نجد الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية يزايد علينا بالقول أنه عندما يحل القتل والظلم واستعباد الناس وقمع حرياتهم ؛ وغيرها من الأفعال المنافية لفطرة الناس والمبادئ الحامية لها، فلا مجال للايديولوجية والسياسة كمحدد للاصطفاف.

في حين أننا نقف مشدوهين مصدومين أمام أشكال التأثير السياسي المُفْزِع الذي تنْهَجُهُ قيادات حزب العدالة و التنمية من أجل تغيير مجرى العدالة في قضية تورط الإخواني عبد العالي حامي الدين في مقتل الطالب اليساري بنعيسى آيت الجيد ، لا سيما و أن هذه القضية تحولت إلى محاكمة تاريخية لسنوات جاهلية العنف في تدبير النزاعات و الاختلافات داخل الفضاء الجامعي من خلال استعراض العضلات الذي هيمنت به بعض المكونات الطلابية والتي تشكل اليوم القدوة السيئة للشباب.

إن الركوب الجبان لشبيبة العدالة و التتنمية على جثة محمد مرسي ، يجسد بوضوح أخلاق شبيبة الإخوان بالمغرب الأقصى  التي لم تفتح فمها للتضامن مع الشباب الحداثي الذي سالت دمائه حتى الموت ، أولئك الشباب الذين تم سَحْلُهُم ثم ذَبْحُهُم أو تهشيم رؤوسهم من قبل ميليشيات جماعة الإخوان في مختلف أقطار العالم الإسلامي.

إن المدافع عن حق الحياة لا يجب أن يحتكر هذا الحق لِذَوِيهِ و عشيرتِهِ من الإخوان كما لا يجب التعامل مع نفس الحق بانتقائية مقيتة ، لأن الحق في الحياة هو حق لجميع الناس. و بالتالي ، تالله مُذْنِبٌ من يعتقد أن النضال من أجل الكرسي الرئاسي هو استشهاد في سبيل الله ،  مثلما أنه مُجرم من يعتقد أن الركوب على جثث الموتى هو اقتداء بسنة رسول الله. و الخاتمة أنه حقير من يعتقد أن الحياة حق له دون سائر خلقِ الله .

عبد المجيد مومر الزيراوي  /شاعر و كاتب رأي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد