مسلسل أغبالو: الأصل هو الدراما صراع – الجزء الثاني 

الدراما في  البداية أدب و  لا يستقيم اي عمل درامي الا بتوفره على  الشروط الأدبية الكافية والادب في السينما و الدراما هو أصل الفرجة و المتعة وإذا كان السيناريو ورقة تقنية تقدم كل الشروحات و التفسيرات و الرسومات التي تسمح لأي تقني او مبدع قراءته قراءة شاملة في شقها التقني و الجمالي فإن ما يهم المشاهد هو تلك المتعة التجلية في أعماق القصة و الشخصيات والمناظر و متاهات الحلول و التناقضات الجمالية و غيرها في غياب ميكنزمات القصة الأدبية عن أي عمل درامي يبقى منعزلا عن المتفرج و غير قادر على مخاطبة المشاهدين لا عقلا و لا وجدانا . 

هذا التقديم البسيط نريد منه أن ندرك كمبدعين أولا كمتتبعين تانيا ماذا الأهمية التي يكتسيها السيناريو الجيد فأقول عظماء الإبداع السينمائي ما يزالون يكأدون أن لكل عمل جميل قصة رائعة بل أكثر من ذلك فأكد رائد السينما العملاق هيتشكوك ان السيناريو الجيد يكفي لإنتاج عمل جيد ولما لا فهو صاحب نضريه السيناريو ثم السيناريو ثم السيناريو وبعد ذلك صور كما شئت.

كل إبداع جميل يبدأ بفكرة جيدة و لكنها لا تكفي وحدها لكتابة قصة جيدة و هو حال مسلسل اغبالو الذي يهمنا لنسقط عليه كل ما سبق , فإذا انت فكرة المسلسل متميزة و ليت حصرية طبعا فكل ما قدم لحدود الساعة يمكن تصنيفه في خانة الانعدام التام للسيناريو, فلا قصة مروية و لا حكاية مصورة و لا أحداث شيقة و لا شيء شهدناه  و بالتالي فحلقات المسلسل  كلها فراغ درامي هنا اخص التعليق على القصة حيث سبق لي الاشارة ان هناك مجهود محترم و كفاءة الممثلين   واختيار الديكور  و استثني التعليق على أجور  العاملين التي لا اعلم منها الا الشيء القليل أو ما أصبح متعارفا عليه في السنوات الأخيرة  و حتى ما أعلمه عن قرب ليست لي رغبة في الحديث عنه لا، الأمور أشبه بكارثة حقيقية تهدد مستقبل الميدعين بالأمازيغية.

المسلسل أشبه لي بمقابلة رياضية فيها كل الشروط الا وجود فرقين للتنافس، ذكرت هنا مقابلة رياضية لأن أصل الفرجة فيها هو الصراع وهو القاسم المشترك بينها وبين الدراما طبعا بأساليب مختلفة.  والمتتبع لحلقات المسلسل فقد ذلك الخيط الرفيع الذي يجعله يتابع الأحداث بسبب غيابها.

مسلس اغبالو لم ينتبه لشيء واحد في كتابته ان لم تكن اشياء مرتبطة فالمشاهد عبر العالم يتابع في كل عمل درامي عبر  الشخصية الرئيسية و يجب ان تتوفر فيها مقومات كثيرة و لا اتحدت هنا عن التشخيص بل الشخصية المتخيلة في الكتابة اي في حامل القصة و هذه الشخصية يحب ان تقع في صراع و تناقضات كثيرة أو ما يسمى  بالصراع الدرامي  حيث يجد المتتبع نفسه مرميا  بين  الحلول الممكنة  و التعقيدات المترتبة عنها  فالصراع اهم تلك الخيوط التي تجعل من المتفرج يتابع و يتعاطف و يتشابك بين احداث القصة و في غيابه يبقى السرد كيف ما كان نوعه مجرد كلام واحداث توثيقة و أحداث  تمر مرور الكرام وتأخذ منه جزء من وقته، فمن خلالي مشاهدتي لبعض من الحلقات كان لتغيب هذا الركن سبب في فقدان المسلسل لنكهة الفرجة و التشويق  حيث انزاحت الفكرة و انغمست الأحداث في تفاهات بعيدة عن الشخصية الرئيسية في عمقها الفني وتميزها فلا نحن استفدنا شيء من تجارب و سيرة الحاج بلعيد و لا نحن عرفنا شيء عنه باستثناء الذي يعرفه الكل عنه كرائد من رواد حاملي ألة الرباب و انزلقت الأحداث في الفراغ  لملء الفراغ .

الحاج بلعيد إذن غائب في المسلسل وغابت عنا الفرجة بوصفها مجموعة من الدوافع وغرائز وأحلام وأحداث، لقد كان مشاهدي القناة الثامنة خلال هذا الشهر مع مسلسل مليء بالحوار وبيوت النوم والدعاء والموعظة، وهي أمور كلها لا ترقى بأن نسميها عملا دراميا أو لصناعة الفرجة.

وحتى نبقي كلامي هذا في سياقه و أهدافه النبيلة فيجب أن ناكد مرة أخرى أن غايتنا نبيلة وهي الرفع من مستوى الإنتاج الأمازيغي كما و كيفا و من زاوية أخرى فلا يعقل أن تعج القنوات المغربية بعدد هائل من المسلسلات و الأفلام و غيرها و نبقى نحن حبسي مسلسل واحد في السنة فنحن فعلا في حاجة إلى تعدد الإنتاج و ارتفاعه الكمي حتى تتحقق منافسة شريفة بين كل المبدعين من كتاب و منتجين و مخرجين وغيرهم. 

يوبا أوبركا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد