في كلمته الافتتاحية خلال أشغال المنتدى الإفريقي السادس للأطر الترابيين ومعاهد التكوين للجماعات المحلية الذي تحتضنه كلية الطب والصيدلة بأكادير أكد كريم اشنكلي رئيس مجلس جهة سوس على أن المغرب ظل دوما يعتمد على سياسة تقوم على الانفتاح والتعاون ويعمل على ترسيخ توجهه الأفريقي وتعزيز التعاون جنوب- جنوب خصوصا خلال العقدين الأخيرين بفضل التوجيهات الملكية السامية التي تعكس انخراط بلادنا القوي من أجل خدمة قضايا القارة الإفريقية ومصالحها والمساهمة الفاعلة في إقلاعها ومواجهة كافة التحديات وتحويلها الى فرص من اجل غد أفضل لقارتنا التي تزخر بثروات طبيعية وفيرة وإمكانات بشرية هائلة
مشيرا إلى أن سؤال المناخ والشأن البيئي بشكل عام لم يعد ترفا فكريا، أو عنصرا ثانويا في التخطيط الاستراتيجي للبرامج التنموية، بل أضحى من تحديات التغيرات المناخية وما تحمل من مخاطر وفرص في صلب هندسة النموذج التنموي الجديد للمملكة المغربية الذي يأخذ بعين الاعتبار التوازن الذكي بين الأبعاد الرئيسية التالية:
البعد الاقتصادي Dimension économique الذي يروم خلق الثروة وفرص الشغل، وتعزيز جاذبية المجال الترابي لاستقطاب الاستثمار المنتج الذي يتميز بالقوة والتنافسية؛
البعد الاجتماعي التضامني Dimension sociale et solidaire الذي يجسد العدالة المجالية والاجتماعية في الخدمات والفرص وتقاسم ثمار المجهود التنموي بما يحقق شروط العيش الكريم لكل مواطن ومواطنة؛
بعد الاستدامة Dimension durabilité، ويتمثل في التدبير المندمج والمستدام للموارد الطبيعية بما يضمن حمايتها من كل أشكال الاستنزاف والتدهور باعتبارها حقا مشتركا للأجيال الحاضرة والمستقبلية.
إن من شأن استحضار هذه الأبعاد الثلاثة يضيف أشنكلي أثناء التخطيط والبرمجة للتنمية الترابية ان يحقق التوازن المطلوب من خلال حكامة جيدة ومقاربة شمولية مندمجة متعددة القطاعات والمستويات والفاعلين، في إطار رؤية واضحة وممأسسة يؤطرها الدستور والجهوية المتقدمة.
ووعيا منها برهانات، فرص وعمق تحديات التغيرات المناخية والنمو الديمغرافي المتزايد، بالإضافة إلى الضغط الشديد على الموارد الطبيعية خاصة منها المائية، انخرطت جهة سوس ماسة مبكرا في أجندة المناخ، وشكلت عنصرا حيويا في مسلسل الدينامية الدولية والوطنية من خلال مشاريع ومبادرات رائدة أبرزها:
وضع عقد الفرشةContrat de nappe سنة 2006 بانخراط جميع الفاعلين والتي تعتبر الأولى من نوعها على الصعيد الوطني، كما تم التوقيع على الاتفاقية الإطار الأولى التي سطرت من بين أهدافها الانتقال من السقي الانجذابي إلى السقي بالتنقيط.
تأسيس جمعية أكروتيك لمواكبة الفلاحين وتشجيع البحث العلمي في مجال الاقتصاد في مياه السقي وتثمين المنتوجات المحلية وكذلك هيكلة قطاع النفايات البلاستيكية الفلاحية عبر خلق تعاونيات ومجموعات ذات نفع اقتصادي بما يحقق قيمة مضافة وخلق مناصب شغل قارة ويخفف من التأثير السلبي على البيئة والساكنة.
إعداد المخطط الترابي لمحاربة الاحترار المناخي
(Plan Territorial contre le Réchauffement Climatique) بشقيه التكيف و التخفيف (Adaptation et atténuation) عبر اتفاقية شراكة بين جهة سوس ماسة و وزارة الانتقال الطاقي و التنمية المستدامة ووكالة التعاون الدولي الألماني GIZ
هذا المخطط الذي يعد الأول من نوعه على الصعيد الوطني، مكن الجهة من وضع خارطة طريق لتدبير التغيرات المناخية بطريقة استباقية وعلمية وإرساء حكامة ترابية جيدة في إطار الجهوية المتقدمة، وقد تم تقديمه خلال فعاليات قمة المناخ كوب 22 المنعقدة بمراكش سنة 2016.
إن الجهة باشرت تنزيل مخرجات هذا المخطط خلال السنوات الأخيرة وهي كالاتي يشير اشنكلي في معرض كلمته أمام الحضور:
ففي الشق المتعلق بالتكيف وخاصة المشاريع المرتبطة بالحماية من الفيضانات، أبرمت جهة سوس ماسة عدة اتفاقيات شراكة مع الشركاء المعنيين وبدعم من صندوق الحد من آثار الكوارث الطبيعية في إطار تدبير مخاطر الكوارث الطبيعية والمرونة الذي أعطيت انطلاقته سنة 2015.
وفي الشق المتعلق بالتخفيف، تم إعداد مشروع نموذجي يتعلق بالنظام الجهوي للقياس، الإبلاغ والتحقق MRV
وتكريسا لقناعة الجهة بضرورة مواصلة العمل في هذا المجال، انضمت جهة سوس ماسة
للائتلاف الدولي under2 الذي تم تقديمه من طرف جمعية جهات المغرب في قمة الأطراف ِللمناخ كوب 27 بشرم الشيخ بمصر بغية بناء مجال ترابي منخفض الكربون، حيث أصبح للجهات دور محوري و كبير في مجال الحياد الكربوني، التكيف و المرونة تجاه مخاطر التغيرات المناخية وذلك في إطار التكامل مع المجهودات التي تبذلها الدولة طبقا للتوجهات الملكية السامية من أجل تنمية مستدامة منذ قمة ريو سنة 1992، و طبقا مقتضيات القانون الإطار92/12 بمثابة الميثاق الوطني للبيئة و التنمية المستدامة و القانون التنظيمي 111/14 المتعلق بالجهات. ومعلوم ان الجهة بصدد إعداد برنامجها التنموي الجهوي الجديد الذي يعد اللبنة الأساس في عمل الجهة من خلال تحديد الأولويات علما أن البيئة والتغيرات المناخية تعد موضوعات عرضانية تهم جميع القطاعات التي تخص تنمية الجهة. وأضاف ان عقد هذا المنتدى يشكل فرصة لجميع الفاعلين والمتدخلين من منتخبين ومدبرين ترابيين من مختلف المدن والحكومات المحلية الأفريقية لتبادل التجارب والأفكار من أجل إيجاد حلول مبتكرة للإشكاليات والتحديات المطروحة في مجال التغيرات المناخية، كما سيسمح بإبراز التجارب الناجحة والممارسات الفضلى للجماعات في مجال المناخ، ولعل عقد هذا الملتقى بمدينة أكادير سيتيح لكم أيضا فرصة اكتشاف مؤهلات جهة سوس ماسة في مختلف المجالات
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.