تدوينة جميلة للاستاذ طلحة جبريل نقلتها لقراء الموقع لروعتها وأهمية مضمونها المتعلق بالوفاء الامريكي …قراءة ممتعة :
تلقيت قبل أيام رسالة مقتضبة بالبريد الإليكتروني من إدارة التوزيع في صحيفة “واشنطن بوست” ، تطرح علي الرسالة سؤالاً محدداً ” هل ما زلت تخطط للعودة إلى أميركا بعد ربع قرن” ثم إضافة مختصرة ” نعمل على تجديد قاعدة معلومات الزبناء الذين لديهم اشتراك منزلي (ترسل لهم الصحيفة في المنزل) ووجدنا أنك تعتزم العودة بعد 25 سنة ووقتها يمكنك الإستفادة من مبلغ 36 دولار (340 درهماً تقريباً ) لم تستردها بعد”.
تبدو حكاية غريبة، أليس كذلك.
هي بالفعل غريبة.
سأشرح لكم أسباب النزول كما يقول الفقهاء.
عندما كنت في واشنطن انخرطت في اشتراك منزلي في صحيفتين.
كانت الاولى هي” واشنطن بوست” وهي صحيفة العاصمة الأميركية، وظني أنها صحيفة متفردة لها مستوى مهني رفيع في كتابة الاخبار والتقارير، كنت أجد فيها نكهة خاصة.
من تقاليدها على سبيل المثال أنها لا تنشر حواراً بالطريقة التقليدية أى” سين جيم”، بل تنشر حواراتها في صيغة تقرير إخباري ممتع ومشبع، مستعملة ما نطلق عليه أدوات الربط في كتابة الأخبار والتقارير الإخبارية على غرار : ” قال وأضاف ومضى قائلاً واشار واوضح ولاحظ وعبر عن اعتقاده وشدد وأكد …”.
و لا تنشر “واشنطن بوست” صورة محرر في الصحيفة إلا في حالة واحدة.. ان ينال جائزة.
الصحيفة الثانية هي ” نيويورك تايمز” وهذه صحيفة لديها مصادر قوية جداً ولها امكانيات ضخمة، إذ تكفي الإشارة إلى أن طاقمها الصحافي يتكون من 1300 صحافي ، وسبق أن نالت 122 من جوائز بوليتزر للصحافة.
ما يميزها استطلاعات تجريها بين الفينة والأخرى ، نشر آخرها الأربعاء الماضي، حيث خلص إلى أن “الشبكات الإجتماعية ” تسببت في تعقيدات للتجربة الديمقراطية في أميركا ، وجعلت الأميركيين لا يثقون في الإعلام والكونغريس والرئيس.
على الرغم من ذلك فإنها صحيفة “ثقيلة الظل” لا يمكن ان تعتاد عليها بسهولة.
قبل أن أغادر واشنطن ، وكان ذلك قبل سنوات، اتصلت بادارة الصحيفتين لإلغاء الاشتراك المنزلي، والاشتراكات المنزلية او اشتراكات المكاتب، في منتهى السهولة. تدخل موقع الصحيفة على الانترنت، وتقدم المعلومات المطلوبة بما في ذلك عنوان الشقة أو المكتب، ولن تمر 24 ساعة حتى تجد الصحيفة تحت عقب الباب في الصباحات الباكرة.
كانت الأمور سهلة مع ” نيويورك تايمز” لكن مع ” واشنطن بوست” واجهت إشكالية، إذ قالت موظفة التوزيع” الاشتراك يفترض ان يستمر حتى نهاية سبتمبر (كنت غادرت في يوليو) وبما انك لا تستطيع استعادة ما سددته (36 دولاراً) ساقدم لك اقتراحاً وهو ان نبقي اشتراكك بالسعر نفسه متى عدت الى اميركا “.
قلت مازحاً” ربما أعود بعد ربع قرن” وأجابت بكل جدية ” سأكتب في الحاسوب انك ربما تعود بعد 25 سنة وبالتالي من حقك الاحتفاظ بالامتيازات نفسها التي يحققها لك الاشتراك الحالي”.
يا له من اشتراك.
هنا والآن (الأحداث المغربية)
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.