الديماغوجية والوعود الكاذبة‎

كلنا نعلم أن الديماغوجية أداة للتلاعب بعواطف المواطنين واستعمال النفاق والحيل والوعود الكاذبة لكسب ثقة الجمهور قصد السيطرة على السلطة والوصول إلى المناصب السياسية العليا.

كثير من المرشحين في الانتخابات البلدية والبرلمانية يحملون سلاحًا فتاكًا اسمه الديماغوجية. سلاح مملوء بخطابات كلها نفاق ووعود كاذبة يستعملها الديماغوجيون لتضليل الجماهير التائهة والتلاعب على عواطفهم ومشاعرهم.

خطاب لا يعتمد أساسًا على الموضوعية والحلول الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يطمح إليها المواطن ويريد تحقيقها على أرض الواقع. خطابات حماسية بامتياز في ظاهرها خدمة مصالح الوطن والمواطنين وفي باطنها التلاعب على مشاعر الناس.

عند القيام بإعطاء الوعود للآخرين لا بد من الالتزام بها و الحرص على تنفيدها. وحينما يطول الانتظار وتتضح الصورة ويعي المواطن أنه كان ألعوبة سياسية في يد الشخص الذي وعد، تتحول الثقة إلى سخط وكراهية. فكيف يمكن إقناع المواطن مرة أخرى بوعود كاذبة؟

يقول الديماغوجي: «أنا قادر على إقناعك في كل مناسبة لأنني لست متفننًا في الديماغوجية فحسب بل عبقري وأستطيع أن أقنعك بأن البحر الذي تراه بأم عينك ليس بحرًا وإنما شيء آخر».

كم من زعيم خطب خطبة بأسلوب لبق وقال سنقوم بتحرير المسجد الأقصى، وتحرير فلسطين وسنقضي على البطالة، ونحارب جميع أشكال الفساد، وسنضمن العيش الكريم لجميع المواطنين، والغد سيكون مشرقًا وأفضل من اليوم، وبعد ذلك سنصعد إلى القمر، ونصبح من الدول الصناعية التي يحسب لها ألف حساب وحساب ووو… ولكن بلا فائدة لأن مضمون خطابه يستند فقط إلى أقوال لا تقترن بأفعال.

إنه كلام فارغ لا قيمة له، خلاصته الخداع والنفاق السياسي الذي يتبعه الزعيم أو القائد لجذب الجماهير وضمان طاعة المواطنين، من خلال اللعب على أفكارهم المسبقة، كأن يخلق كذبة هو يعلم مسبقًا أنها ستثير مخاوف الجمهور، ثم يخلق الحلول الخيالية ويقدمها لهم فيظهر بمظهر المنقذ والمنجي مما يخافونه، وبهذا يضمن طاعتهم للأبد.

الغريب في الأمر هو مواصلته وتركيزه على هذا الأسلوب اللاعقلاني الذي يعتمد عليه لاستقطاب عدد كبير من المغلوبين على أمرهم والذين لا حول ولا قوة لهم في حل المشاكل التي تعوق حياتهم.

الحقيقة أن هناك مشاكل اجتماعية واقتصادية تستدعي إيجاد حلول لها، ولكن ما  هي الأطراف التي تتحمل مسؤولية حل هذه المشاكل؟ وأين تتجلى مسؤولية كل طرف في إيجاد الحلول الممكنة؟

واهم كل من يعتقد أن الحل يأتي من طرف زعيم حزب أو برلماني أو ديماغوجي محترف أو بخطاب حماسي ولكن في اعتقادي أن جميع الأطراف مسؤولة عن إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المطروحة، وهذه الأطراف هي:

الدولة: متمثلة في المؤسسات الحكومية، كالمصالح الإدارية والولايات والعمالات والأقاليم والمؤسسات المحلية كالمجموعات الحضرية ومجالس الجماعات والأقاليم.

المجتمع المدني: الحركات الجمعوية ذات الاهتمامات المختلفة (تنموية، ثقافية، حقوقية…إلخ) والأحزاب السياسية والنقابات المهنية.

الأفراد: إناثا وذكورا باعتبارهم مواطنين يستفيدون من خدمات المرافق التي وفرتها الدولة من أموال ضرائبهم.

وبهذا سيساهم كل طرف في إيجاد الحلول الملموسة وإلا سيبقى الجميع ينتظرالانتظار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

بقلم مصطفى توفيق


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading