( إنني عدت من الموت لأحيا… )…لو جاءت هذا الجملة الشعرية على لسان طفل اسمه العربي سنة 1960 لتحولت إلى جملة حقيقية مطلقة …إذ ولمدة يومين وهو يقاوم الموت تحت الأنقاض هنا بتلبرجت إلى درجة أن الاحجارتعاطفت معه و انخرطت في الصراخ …لذلك كان الأمر طبيعيا أن يكون الطفل الذي كبر تحت اسم الدكتور /الفنان العربي باباهادي. .إن يكون وفيا لتلك الاحجار و يعنون كتابه ( صرخة حجر ) الذي برمج حفل توقيعه ضمن فعاليات مهرجان تلبرجت الدولي للقيثارة بمقر جمعية ايزوران المشرفة تنظيما وتنشيطا وتواصلا مع الحضور النوعي المتفاعل بشكل إيجابي مع فقرات الكتاب من جنس السيرة الذاتية بأسلوب الحكي المصور بنفس تراجيدي ساخر
نعم كانت الاحجار صائبة في تضامنها لأن العائد من الموت …عاد ليحيا ويغني ويبدع ويكتب ويؤطر. …عاد إلى طلابه كمكون للأساتذة بأسلوب تربوي يعتمد قاعدة الحب والاحترام مع طلاب الصف كمدخل للتكوين المعرفي وهو الحاصل على الدكتوراة في اللغة الفرنسية بالخارج….
عاد لكي يعيد رسم الحياة كما يراها كلوحة تشكيلية تتقاطع فيها كل عناصر الجمال والضوء والأمل. …
عاد لكي يعيد الحياة نفسها إلى جدوره الثقافية واللغوية …ألم يكن الكتاب الذي ألفه عن الرايس الحاج بلعيد وهو يصارع الورم الخبيث وسيلة للعودة مرة ثانية إلى الحياة …
لقد عاد إلينا جميعا كموهبة متعددة المشارب والاهتمامات ولعل القليل منا من يعرف أن الأستاذ باباهادي يتقن العزف على الأوتار بموالات الأطلس أو الكناوي….
وهو العائد الآن أراه يتأمل وبفرح بوادر تأسيس مهرجانا للحي/للمدينة …و يتذكركل محاولاته السابقة بداية الثمانينات مع مهرجان كناوة قبل أن يسفر إلى جهة أخرى وتلك حكاية أخرى….
في نفس السياق تم عرض شريط وثائقي من إخراج الشاب أحمد بايدو عن حياة الطائرالجريح عموري مبارك كما يسمونه ….طائر حلق بالأغنية الأمازيغية بحس فني تجديدي بقدر مابقي وفيا لجدوره الفنية بقدر ما ارتقى بها بروافد عالمية ..سافر عبر حبيبته القيثارة التي تحولت إلى مجال للبوح لحنا وايقاعا ولغة خصوصا لما انفتح على كتابات الفقيد الأستاذ ازايكوا …أو في تعامله مع قصائد الشاعر محمد واكرار ابن اكادير….
الفقيد عموري مبارك لم يكن عاديا رغم تواضعه …غنى عن الألم والأمل …عن غيره أكثر من نفسه …مع المجموعة وبمفرده …لم يكن عاديا لأنه قد غاب ولم / لن ينطفيء … راسخ في الذاكرة والوجدان كايقاع…..وككلمة… وموقف. .. وهاهم فنانو المهرجان يبدعون في رسم صورته على شكل جدارية بحديقة اولهاو …التي تناوب على ركحها هذا المساء القيثارة اللاثينية من دول الشيلي كولومبيا …بمرافقة صوت مغربي من المهجر مع فرقة محلية من محاميد الغزلان ..
إن اليوم الثاني من فعاليات المهرجان والانسجام بين مختلف فقراته يؤكد أن كل شيء مفكر فيه وبأدق التفاصيل منها اختيار يوم الجمعة لتنظيم وجبة غداء مشتركة لضيوف المهرجان الاتون من مختلف الدول وتقديم الكسكس وبكل طقوسه المغربية أكثر من هذا كان لاختيار المكان رمزية أخرى ….كنوع من التكريم لشخص لم تصنفه المدينة والجهة لحد الساعة …إنها فيلا المرحوم يحيى ايدر… ألم يحن الوقت للتفكير في اقتناء هده المعلمة من طرف وزارة الثقافة اوالسياحة وتحويلها إلى مزار /أو متحف.
وعلى كل حال…شكرا لإدارة المهرجان لقد عدتم بنا إلى الحياة..
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.