اكتب هذا المقال حول المرحوم الرايس الحاج احمد امنتاك الذي رحل الى دار البقاء صباح يوم 24 نونبر الماضي باحد المراكز الصحية باكادير تاركا وراءه اثرا فنيا عظيما من الاغاني الخالدة و القصائد الحاملة لمعاني حب الوطن و البعد الديني الضخم لدى الامازيغيين و الحاملة كذلك لمعاني الغزل الرمزي في فن الروايس حيث يعتبر المرحوم احمد امنتاك هرم شامخ و علامة فارقة في تاريخ الفن المغربي بصيغته التقليدية .
في سنة 2010 كنت اكتب مقال اسبوعي في جريدة جهوية حول فن الروايس حيث اعتبرت المرحوم شيخ الروايس بصفته كان مدرسة ساهمت في انتاج اسماء كبيرة في فن الروايس كالمرحوم الحاج محمد البنسير والحاج لحسين اخطاب الخ .و لنتعرف عن جوانب من حياة هذا الفقيد الكبير بفنه و بمقاومته للاستعمار الفرنسي بشعره الوطني .
وهو احمد بن ابراهيم بن علي بن محمد و تعرف اسرته بايت رايس حيث ولد هذا الاخير اواخر العشرينات من القرن الماضي بدوار بيطلجان قبيلة ئيركتين تامسولت باقليم تارودات.
و لما بلغ سن السابعة من عمره ذهب مع والده الى الكتاب قصد تعلم القران الكريم و فرائض ديننا الاسلامي على يد الفقيه سيدي ابراهيم بوكلزيم> التاماروتي.
و منذ السن المبكر كان امنتاك مولعا بالغناء و الشعر خاصة عندما راي مجموعة من الروايس زاروا بلدته فاعجب بهم و تمنى لو رافقهم لكنه لزم الكتاب مدة سبع سنوات حتى بلوغه سن اربعة عشرة و حينها قرر مغادرة الكتاب في اتجاه الغابة ليرعى الاغنام فصفا له الجو في تلك الطبيعة فصنع الة وترية…
و كان عشقه للشعر و الغناء سبب كافي ليدخل الى اسايس ن احواش قصد تعلم الابجديات الاولى من خلال الحوار الشعري او انعيبار بين الشعراء و الشاعرات في اجواء تطبعها الوقار و الاحترام بعيدا عن وصاية دعاة تحريم الفن من السلفيين
في تلك الفترة زارت فرقة غنائية اخرى قرية امنتاك فازداد شوقه للاحتراف> فاشترى الة الرباب الاصيل و انطلق في جولته و التقى بالرايس بوباكر ازعري في ايامه الاخيرة و انتقل بعد ذلك الى منطقة ايمي تانوت حيث رافق هناك الرايس مبارك لوطار الخ من هؤلاء الروايس..
و هكذا انطلق المرحوم الحاج احمد امنتاك في مساره الفني مع هؤلاء الروايس في جولة عبر المدن الكبرى مثل مراكش و الدار البيضاء و عاصمة المغرب الرباط و بعد هذه الجولة رجع امنتاك الى قريته قصد الاستراحة و زيارة الاهل.
تعتبر مدينة اكادير محطة مهمة في مسار شيخ فن الروايس حيث التقى بروايس منطقة تسمى باشتوكن امثال الرايس المقاوم الحسين جانطي و الرايس سعيد اشتوك المعروف حيث بدا نجمه يتالق في سماء الغناء الامازيغي بفضل كثرة دور التسجيل في عصره اكثر من أي وقت مضى و سجل اغانيه فدعا صيته في مختلف ارجاء الوطن و خارج حدوده.
عندما عاد الراحل محمد الخامس الى الوطن حاملا معه مشعل الاستقلال و> الحرية كما يقال اراد المرحوم امنتاك التعبير عن شعوره و شعور المغاربة البسطاء انذاك بالفرح من هذه الحدث الهام في تاريخ بلادنا المعاصر بقصيدته الشهيرة الله الوطن و المعبرة عن الوحدة بين المسلمين الخ من معاني الوطنية الصادقة انطلقت من بساطة فهم أي انسان عادي تجاه هذه الحدث الهام الذي همش كل ما هو امازيغي و جعل الدولة الوطنية تحارب هوية المغاربة الاصلية بالحديد و النار حتى اصبحت الثقافة الامازيغية اجنبية اكثر من الثقافة الفرنسية طيلة عقود من الزمان .
لقد سافر المرحوم الى فرنسا لاحياء سهراته الحية مع الجالية المغربية المشتاقة لبلادها و موسيقيتها الاصيلة خصوصا ان عقود الستينات و السبعينات و الثمانينات لا توجد كل هذه الوسائل الحديثة للاتصال و التواصل حتى اذا انطلق بث الفضائية المغربية سنة 1993 غير انها قامت بنشر ثقافة المخزن التقليدي و فنونه الاصيلة لفائدة الجالية المغربية المقيمة باوربا او امريكا بمعنى عندما يسافر أي فنان امازيغي الى الخارج يصبح سفيرا للثقافة الحقيقية للمغرب خصوصا في تلك العقود.
و خلاصة القول ان المرحوم احمد امنتاك يستحق الكثير حيث نحمد الله على الرسالة الملكية لاسرة الفقيد للتعازي و المواساة لان امنتاك هو فنان مغربي مثل جميع الفنانين المغاربة المحترمين لكن بعض وسائل الاعلام الرسمية تعاملت ببرودة شديدة مع خبر وفاة امنتاك و السؤال المطروح بالنسبة الا يستحق المرحوم حفل تأبين في المسرح الوطني محمد الخامس بحضور رئيس الحكومة و وزير الثقافة؟
توقيع المهدي مالك
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.