وباء كوفيد 19، أو حتى لا تتحول، تجربة الحركة الأمازيغية بالمغرب الى حلم وغبار(1).
احمد ارحموش /تنالت في 28/03/2970 -10/04/2020//
تقديم:
من زوايا مختلفة ومثيرة للاهتمام، تواصل دول العالم متابعة أزمة وباء فيروس كورونا القاتل، حيث الفاعل السياسي في كل مكان في العالم أدركوا الآن أنه لا توجد دولة معصومة من فيروس كورونا . لكن لا زال الحاكم والمحكوم في اغلب عواصم العالم، لا يملك ردا / جوابا حاسما على ما يوجه له من أسئلة. وفي المغرب تحاول الدولة ومعها الفاعلون السياسيون والمدنيون ونشطاء الحركة الديمقراطية والحقوقية كما نشطاء الحركة الأمازيغية الإجابة عن عدة أسئلة ومنها: هل يمكن أن تكون الأزمة المستجدة هي نفسها فرصة غير مسبوقة لإصلاح طال الكلام عنه في المغرب؟ ام قد تكون كذلك فرصة غير مسبوقة لمصادرة مسبقة وقائمة لمنع ولادة ذلك ا الإصلاح الجديد، والمنشود؟. و أي مستقبل ما بعد مستجد كوفيد 19، بين الوعي بطبيعة الصراع وجدلية المدني والسياسي؟ او مستقبل الأمازيغية ما بين الارتهان للفعل المدني والانتقال للعمل السياسي بمعناه الضيق والعام؟.
السياق الخاص:
من هدا المنطلق اعتقد أن نشطاء الحركة الأمازيغية تزداد مسؤوليتهم، وتكبر التحديات التي تواجههم، لرسم معالم المستقبل السياسي للأمازيغية وبموقعها في هذا الإصلاح المنشود، وهو ما يفرض علينا جميعا كل من موقعه، ان يتخذ قرارا جريئا واضحا وحاسما في الموضوع، مع ما لذلك من آثار سلبية او إيجابية على الأمازيغية او على ذواتنا، او كما يقال بالفرنسية ” une décision c’est un choix avec une marge du risque»
ففي عز توسع وباء كورونا ببلادنا، وتنامي مخلفاته التي تطلبت تدخل الدولة بشكل مباشر، لما تشكله من تحدٍّ خطير على كينونة الوطن والإنسان، انتابني إحساس خاص تجاه وباء( كورونا) السياسي الذي لا يزال يواصل حجره الذكي/ أو عصفه بكينونة الحركة (الثقافية) الأمازيغية والأمازيغية معا، على الأقل منذ ما أفرزته صناديق الاقتراع غداة الانتخابات البرلمانية ل 25/11/2011 ، وانتخابات الجماعات الترابية لسنة 2015، لأعود مع من يعنيه الأمر بالحركة الأمازيغية كما الحركة الثقافية الأمازيغية، أقول إحساس بأن تجربتي/نا الخاصة أو في حياتنا العمومية كأفراد أو مجموعات مهددة بالانهزام بسبب قوة القصف المتواتر للسياسات العمومية بلغت حدا من التعقد ما عاد يكفي أن نصرف النظر عنها أو نتلافاها أو نتآلف معها أو نبررها أو نبرر عصامية مواقعنا.
أعتقد أن الذي يجب أن يقال الآن هو أن تجربتنا، في جميع أبعادها لم تعد تستحمل أي نوع أو شكل من أشكال الفشل، كما لم تعد تستحمل مواصلة العمل حصرا بمنطق إعادة إنتاج التجارب التقليدية السابقة حتى لا نركب نفس الأهوال ونحصد الهزائم، علما أنه من الواضح أن الذين استفادوا، بعناية خاصة، من وضعنا المهتريء، ما انفكوا يتعلمون من هزائمنا كأنجعَ الطرق لاصطياد أحلامنا وإخماد مشاعلنا.
فدعونا إذن نمارس الإختلاف البناء علانية، لكي نكاشف الناس بما اتفقنا حوله داخليا،(كما قال أحد رواد الحركة اليسارية بالمغرب) .
مادا بعد؟:
الحصيلة بالنظر لحالتنا الراهنة بمستجداتها تستدعي استحضار سياقات ممتدة في الزمان وأيضا في المكان. ومنها :
اولا :حوالي 30 سنة على ميثاق أكادير أو ميثاق حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين بالمغرب 6/8/1991.
ثانيا: و20 سنة بالتمام على البيان المعروف ببيان الأستاد شفيق مارس سنة 2000.
ثالثا : ومرور تسع سنوات على حراك حركة 20 فبراير 2011 ،
رابعا: استنفاذ مهام الشعار التاريخي “مطلب دسترة اللغة الأمازيغية” والإنتهاء اللحظي للمعارك التشريعية في موضوع القوانين التنظيمية ذات الصلة بالأمازيغية بعد نشرها بالجريدة الرسمية تتويجا لمحصلة مستجدات الوثيقة الدستورية في ديباجتها ومقتضيات فصله الخامس.
خامسا: تواتر التراجع الكمي والكيفي للديناميات الجمعوية و المدنية والسياسية الجماعية للحركة الأمازيغية في مختلف المجالات، على الأقل خلال الخمس سنوات الأخيرة.
سادسا:ما يطرحه وباء كورونا من اكراهات وتحديات جديدة، على مستوى الرؤية والبرامج والإستراتيجيات، ليس فقط بالنسبة للحركة الأمازيغية بل لكل الفاعلين على الأقل وطنيا، وهي مناسبة تستدعي الإعتراف بان وضعنا التنظيمي والسياسي كما المدني ومند حوالي خمس سنوات بدأ يتحول من فاعل للحدث الى مستهلكه، ومن صانع للوقائع الى متفاعل مع صانعه، ومن مبادر الى منفد(بضم الميم) ، ومن صانع للمسار الى مبايع ومنمق عن وعي او بدونه لمن صنعه،
فما تعرفه بلادنا والعالم بأكمله الآن من حجر وطوارئ لوقف الدمار الذي تلحقه كورونا الوبائية بالوطن والشعوب، وانطلاق مسلسل التفكير في مراجعة بعض الثوابت الفكرية والسياسية والإقتصادية، التقليدية ، هي مناسبة جديدة لتحيين منظورنا للأمور وسبل الوجود العقلاني للحركة الأمازيغية وللأمازيغية ، برهانات وحلم تموقعنا في خريطة بناء المغرب ما بعد وباء كورونا .
بناءً علىه أجدد التأكيد على ما يلي :
إنه وجب اعادة التذكير والتأكيد على ان المجال السياسي مجال للاجتهاد و اختلاف الآراء، وبالنتيجة الاقتناع بكون المشاركة السياسية – ليس بمعناها التقني أو الإداري ( كاختيار المسيرين كما النضال الجمعوي )، بل – بمعناها السياسي التأطيري ’ التنظيمي’ وبرؤى تهدف إلى دمقرطة الدولة والمجتمع عبر تكاتف جهود الأعضاء و توجيهها من أجل أن تساهم في ممارسة السلطة وتسيير النظام السياسي.
فالمشاركة السياسية بهذا المعنى تروم تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف في أقل فترة زمنية وبأقل التكاليف الممكنة، شريطة ضمان الحضور المادي بدل الحضور بالدائرة المغلقة و لا أحد يسمعك.
إن انخراطنا في بلورة رؤى من داخل الحركة الأمازيغية، للمغرب وللعالم ما بعد كورونا، أصبح فرض عين على الجميع، حيث لا يمكن أن نعلق الأمل على من سبق له أن أعلن العصيان ضد وجودنا وكينونتنا، أو ننتظر المجهول، أو ما ستسفر عنه نتائج من يبادر في الميدان.
خلاصة القول، فمعالم المغرب ما بعد كورونا، في نظري ستتأثر بشكل كبير بثلاثة قضايا أساسية منها على سبيل المثال لا الحصر:
- التحولات النسبية التي قد تخترق السلوك والعلاقات الاجتماعية للمواطنات والمواطنين؛ (كتراجع منسوب الإيمان بالحلول الميتافيزيقية، والجاهزة واحكام القيمية) وما يستدعيه ذلك من ضرورة التكيف مع هده التحولات،
- تعمق الأزمة الاقتصادية والتي ستنعكس أولى ملامحها على الطبقة الفقيرة، والطبقة المتوسطة؛
- سؤال مدى شرعية الحديث عن الديمقراطية التمثيلية، وانهيار قيمتها، على ما يبدو، إما بسبب تصاعد القوميات المنغلقة، أوبتوسع القيود التي ستفرضها المؤسسات المالية المانحة دوليا.
لا أعتقد أننا جاهزون جهوزية تامة لمرافقة هذه التحديات، وضمان تموقع للأمازيغية في التحولات التي قد تحصل، وذلك راجع لعدة أسباب ومنها جنينية تجربتنا في ميدان العمل السياسي المباشر، ولهذه الغاية:
أجدد الدعوة إلى مزيد من التفاعل والمعارك الفكرية ببدائل ممكنة وواقعية، الغاية منها توسيع فضاءات النقاش السياسي ببدائل وسط عموم مناضلي الحركة الأمازيغية بالمغرب؛ ومن أجل ذلك، أَنحاز شخصيا إلى ضرورة القطع مع تقديس مساراتنا النضالية التقليدية، وبالتبعية، مراجعة بعض الثوابت والأسس والمواقف من النظام كالانتخابات / الأحزاب وملحاحية التعايش مع أغلب مكونات النسيج السياسي والحزبي باعتماد برغماتية سياسية، من منطلق أن المشاركة السياسية تُمَكِّن من ضمان التحصين بالقانون وتضمن الحضور بمراكز القرار بدل التواجد خارجها.
- أدعو أيضا إلى العمل للانتقال بتجربة الحركة الأمازيغية إلى تجربة سياسية من داخل المؤسسات والهيئات، والعمل بشكل مباشر في التأثير على مجريات الأمور السلبية منها والإيجابية؛
- أدعو أيضا إلى العمل لتفادي التمزقات والانكسارات والانهيارات التي تلاحق تجربتنا يوما بعد يوم؛
- أدعو إلى العمل للتحول إلى فاعل للحدث، خالق للوقائع، مؤثر في أصحاب القرار …..الخ.
ولن يتأتى ذلك ، بتجاوز حالة التفاهة وبرفع الجميع كل من موقعه بالحركة الأمازيغية لحالة الطوارئ والحجر عن الفعل السياسي الأمازيغي المباشر، وهو خيار أعلنته ولازلت اؤمن به وسابقي أدافع عنه ،لأنه من الخيارات التي لن تبقينا فقط ننتظر ونراقب عن بعد وإنما بها سنشهد ولادة جديدة وقوية ،فهل نحققها جميعا ،ام نعلن ان تجربتنا هي مجرد تجربة الحلم والغبار ؟ ما فتئت أعلن عنه وأدافع عنه وإلا فانتظروا في رأيي، أن نعلن عما قريب عن ان تجربتنا أصبحت تجربة مجرد حلم وغبار.
————————-
(1) ملحوظة: مفهومي “الحلم والغبار” منقولة من عنوان غلاف كتاب الأستاد عبد القادر الشاوي في كتابه اليسار في المغرب 1970/1974 تجربة الحلم والغبار منشورات على الأقل/1992.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.