في كلمة افتتاحية للمؤتمر الدولي العلمي للامن الرقمي اليوم باكادير ، والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير اداوتنان زينب العدوي توصي بتحديد وضبط مفهوم الامن الرقمي للحفاظ على الحقوق و الحريات وكذا الجهات المسؤولة عن التنظيم والحماية في العالم الافتراضي كما أكد على أن الامن الرقمي يعتبر صمام أمان وضابطا رئيسيا للحفاظ على القيم والأخلاق وفيما يلي نص الكلمة :
بسم الله الرحمان الرحيم و السلام على المصطفى الأمين
أيها الحضور الكريم،
إنها لمناسبة سعيدة، أن أحضر معكم،“افتتاح المؤتمر الدولي العلمي للأمن الرقمي و التحديات الجديدة”، و أغتنمها فرصة لتقديم شكري و امتناني لجميع الفعاليات و الهيئات القضائية الساهرة على تنظيم هذا المؤتمر، و أخص بالذكر محكمة الإستئناف بأكادير، محكمة النقض، المرصد الدولي للأبحاث الجنائية و الحكامة الأمنية، و كذا المركز الدولي للخبرة ذات الطابع الإستشاري.
خصوصا، أن هذا المؤتمر، يشكل مناسبة لتسليط الضوء، على علاقة الأمن الرقمي بالإدارة الرقمية و الإعلام الرقمي، و كذا علاقته بالجرائم المرتكبة عبر الوسائط الإلكترونية، كأدوات جديدة للصراع، بالإضافة إلى تأثير الأمن الرقمي على الإقتصاد الرقمي، و صلته في المجال القضائي و القضايا الإجتماعية و الأخلاقية لتكنولوجيا المعلومات و الأمن التعاقدي الرقمي. و ذلك بمشاركة مختلف المختصين و المعنيين وطنيا و دوليا، لتدارس العديد من المواضيع المرتبطة بهذا الموضوع، و بالتالي الوقوف على استراتيجيات الأمن الرقمي و السياسات الدولية و الوطنية و مهدداته و سبل مواجهتها.
و اليوم يروم هذا المؤتمر، لتحديد مفهوم الأمن الرقمي، وكذا تقييم الضوابط التي وضعها المشرع لحماية التعاملات التي يمكن إجراؤها من خلال حماية الأشخاص، باستعمال الضمانات القانونية، التي يتمتعون بها، بالنظر لطبيعة الفضاء الإلكتروني، الذي هو مجال للمعاملات، بكل ما يفرضه من تحديات تقنية و تكنولوجية و قانونية.
فموضوع الأمن الرقمي يكتسي أهمية بالغة في تبيان أبرز المخاطر التي قد يتعرض لها الأشخاص الذين يتعاملون بوسائل الإتصال الحديثة و الإلكترونية، و الحقيقة أن هذه المخاطر لا تقتصر على الشخص فقط، بل قد يمتد أثرها لعدة مؤسسات و الإقتصاد الوطني بأكمله في بعض الأحيان، و عدم توفير بيئة ملائمة لإجراء هذه العمليات، يحتم علينا جميعا اتخاذ التدابير اللازمة لإدارة المخاطر الناتجة عنها، و حمايتها بالوسائل التقنية و القانونية، لكي لا تؤثر على ثقة المستعملين لهذه الوسائل الحديثة، و بالتالي حماية النظام المعلوماتي للشخص و الدولة.
حضرات السيدات و السادة،
لست بحاجة لأن أذكركم، بما يعيشه العالم اليوم من تطور هائل و سريع، في مجال تكنولوجيا المعلومات و الإتصال، التي أصبحت متاحة و في متناول الجميع، مع ثورة الإتصالات الرقمية الراهنة، التي باتت متوفرة حاليا و بكثرة، فضلا عن الصناعات الإلكترونية المتطورة التي اجتاحت العالم بأسره، و التي باتت تستخدم بشكل مكثف في مختلف المجالات القانونية ، و الإقتصادية، و الإدارية، و الإجتماعية. مما يأثر إيجابيا على الفرد و المجتمع، و ذلك بالإستغلال الأمثل لوسائل الإتصال الحديثة، دون التمرد على القواعد الأخلاقية و المبادئ المجتمعية.
و الأكيد أن الأمن الرقمي يعتبر صمام أمان و ضابطا رئيسيا للحفاظ على القيم و الأخلاق في عالم الرقميات المتميز بسرعة مرور المعلومة و انصهارها بين مزيج الثقافات و الروافد المتعددة.
و هذا لا يمنع مرتادي الأنظمة الرقمية و المعلوماتية، من أخذ الحيطة و الحذر، لمعرفة الحقوق و الإلتزامات الناتجة عن أي تعامل معلوماتي، للحيلولة دون وقوع أخطاء و كذا التعرض للمخاطر الناتجة عنها، فيتجنبوا بذلك ما يمكن أن يقع من أضرار و الدخول في أي نزاع حول المسؤوية عن تلك الأضرار.
حضرات السيدات و السادة،
نتحدث جميعا في السنوات الأخيرة، عن مجموعة من الخروقات و الانتهاكات التي تمس خصوصية الآخر، و التي تؤدي إلى “وقوع جرائم إلكترونية”، مما يخلف نوعا من التخوف لدى مرتادي الفضاء الإفتراضي أو ما يعرف بالعالم الأزرق، الذي بات فيه، من الضروري توفير حماية أمنية للبيانات و المعطيات الشخصية للمستخدمين. و ذلك عبر عدة طرق، تسهل آلية التحقق من هوية الشخص المستعمل لوسائل الإتصال، و رقابة تسمح بحصر مستخدمي النظام، المخولة لمجموعة من الجهات التي أعطي لها هذا الحق، من أجل اتخاذ التدابير و الاحتياطات اللازمة، التي تضمن حماية نظام المستخدم، من حيث تأمين سلامة المعلومات و البيانات التي تنتقل بواسطته أو تحفظ عليه.
حضرات السيدات و السادة،
لا يخفى عليكم، بأن الإمكانية المتوفرة حاليا، من شأنها المساس بحرية الأشخاص، و معها المصالح الحيوية للدولة، و المؤسسات سواء على المستوى الأمني، الإقتصادي، أو على المستوى الحقوق و الحريات. لذلك جاءت التشريعات الدولية و الوطنية للتصدي للتهديدات التي أصبحت تشكلها التكنولوجيا المتطورة. و إيمانا من المشرع بمسألة احترام الحياة الخاصة، على إعتبار أن الفرد هو محور القانون و التشريعات عبر العالم، تسعى الدولة لحمايته و تحقيق مصالحه، من خلال قانون تنظيمي. خصوصا مع ظهور أجهزة التصنت و التسجيل، و نقل و تحميل البيانات الخاصة، خارج نطاق القانون.
و في غمرة السعادة بما تحقق، و التطلع لما سوف يتحقق في هذا المجال مستقبلا، لكون الموضوع يطرح العديد من الإشكالات القانونية المتعلقة بالذكاء الإصطناعي في علاقته بالأمن الرقمي، بات الآن من الضروري تقنين الذكاء الإصطناعي و تحديد المسؤوليات عنه، حتى لا يتحول من أداة لتحقيق الأمن الرقمي، إلى أداة تهدده.
وفي الأخير، لا يسعني إلا أن أتمنى أن يتكلل هذا المؤتمر بالتوفيق و النجاح، مع تحديد و ضبط مفهوم الأمن الرقمي، و بالتالي الحفاظ على الحقوق و الحريات، بالعمل على تحديد الجهات المسؤولة عن التنظيم و الحماية في الفضاء الإفتراضي.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير لبلدنا، حتى نكون عند حسن ظن قائد التنمية و النهضة المغربية جلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
التعليقات مغلقة.