بمبادرة عاهل المملكة الى تهنئة اردوغان وحزبه بالفوز بثقة الشعب التركي من جديد يتضح ان المغرب ومؤسساته لا يكنان ابدا العداء للحزب الاسلامي التركي بل يجد في التجربة النهضوية للعدالة والتنمية التركي حسنات تنموية تتناسب وتطلعات الشعب التركي المنفتح على كل الحضارات.
بعد هذه التهنئة الملكية هل يتوقف اسلاميو المغرب على الاستغلال السياسي غير البريء والانتخابي الرخيص للتجربة التركية على انها انجاز تحاربه المؤسسات العليا المغربية وان لا يتمسك دعاة المصباح بان حزبهم له تجربة تريد ان تصل الى نفس الانجاز التركي وان المخزن والاحزاب الاخرى تحاربه ولا تريد له النجاح. على ضوء ذلك وبعد التأكيد على الاختلاف الشاسع بين تجربة الاسلاميين الاتراك ومن يقلدهم في المغرب من حيث الاعتماد على الانجاز والعمل السياسي وترك الاختلاف العقائدي والتجرد من التمسك بالامتياز الاخلاقي وتنزيه الذات على انها اكثر تقوىً وإيمانا من الآخرين كما يطبقه حرفيا حزب المصباح المغربي ناهيك عن أن الأخير لم يترك للمغاربة ولا انجازا تنمويا واحدا منذ توليه السلطة، بل وساهم و لايزال من خلال سياسته في زيادة الضغط على الفقراء ومضاعفة ثروات المفسدين بشكل قانوني.
هنا يحق لنا ان نتساءل هل يدرك المصباح المغربي أن لا شيء يربطه بمصباح تركيا وأن الرمز -المصباح- لا يكفي لتمني المغاربة بأن حزبهم ساعٍ لتطبيق نفس التجربة التركية في المغرب؟
وهل موقف المصباح من العقيدة ومن المارسة الدينية في بلادنا تتطابق مع تلك التي يؤمن بها ويطبقها الأتراك أم هي معاكِسة له تماما؟
وهل مصباح تركيا ينصب المحاكم ليحاكم اختلاف الرأي وتوصيف حتى من يتمسك بصور الممارسة الدينية للمملكة التي اصطلح عليها المغاربة منذ قرون وسبقت حتى ظهور العثمانيين أنفسهم بأنهم بعيدون عن حقيقة الدين الأصلية؟
وهل مصباح المغرب له نفس مرتكزات التعامل مع القضية الفلسطينة والنظرة للتعامل مع الصراع العربي الاسرائيلي كما تتميز به تركيا من حيث قوة الموقف ونبل التفريق في القرار السياسي بين الدفاع عن القضية الفلسطينة والشعب الفلسطيني من جانب والدفاع عن مصالح الشعب التركي من جانب اخر حتى ولو كانت تتقتضي التعامل مع اسرائيل اقتصاديا وحتى عسكريا والتنسيق معها بشكل كبير في القضايا المشتركة؟
وبالتالي فهل مصباح تركيا اكثر ايمانا من مصباح المغرب؟ ام ان الادراك السياسي لاسلاميي المغرب مكبل بخلفيات دينية اخرى غير تلك التي يؤمن بها إسلاميو تركيا رغم ان هؤلاء وقيادتهم ينزهون من طرف اخوان بنكيران الى درجة شبيهة وقريبة بالصحابة الأجلاء وان الحزب كله وقواعده ولولا الحرج لأعلنوا اردوغان الخليفة السادس للمسلمين. كيف يستقيم لدى الاسلاميين المغاربة الايمان بنظرائهم الاتراك و تنزيههم دينيا وايمانيا و لكن حينما يتم تقييم الممارسة السياسية التي هي اجتهادية حسب الاتراك يختلفون معهم بشكل كبير رغم انهم لا يستطيعون ان يواجهوهم بذلك مباشرة؟
اي هل يستطيع مصباحيو المغرب الذين يفتخرون بريادتهم في المدرسة الفقهية “مقاصد الشريعة” ان يدينو موقف مصباحيو تركيا في حماية التعددية الدينية والممارسة الشخصية وحتى في التعامل مع اسرائيل والدفاع عن ثوابت العلمانية والتي هي نفسها الاعتبرات التي استدعت في ما مضى من شيوخ العدالة المغربية تكفير عدد من الشخصيات المغربية بمجرد دعوتها الى اقل مما يمارسه على الارض اسلاميو تركيا؟
المغرب يدرك حقيقة ان مصباح المغرب امام اشكال حقيقي وفلسفي واخلاقي يستدعي منه توضيح الموقف: هل هم مع اسلاميي تركيا فيما يخص الايمان الشخصي والعقدي وتمسكهم بالدفاع إعلاميا عن قضايا الامة وفي نفس الوقت لا يملكون القدرة على اتخاذ موقف مماثل لهم حين يتعلق الامر بالممارسة السياسية العقلانية والدفاع عن مصالح الشعب سواء بمجهودات تنموية حقيقية تشفع لها انجازات اقتصادية موجودة على الواقع النابعة من فهم صحيح لاسلاميي تركيا لقاعدة “الولاء والبراء” في التعامل مع القوى الدولية وعلى رأسها اسرائيل رغم انهم لا يتوقفون في المغرب عن اصدار احكام على كل مواقف سياسة تتعامل مع قضايا الوطن بنف المفهوم التركي.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.