هل ستعجل حكومة أخنوش المنتظرة على إخراج المجلس الأعلى للأمن
الحسين بكار السباعي
لقد سعت المؤسسة الملكية بعد الاستقلال ، إلى تحصين موقعها في النسق السياسي المغربي عبر احتكار وسائل الإذعان والعنف المشروع ، وذلك عبر التحكم المباشر في القوات العسكرية والأجهزة الأمنية .
وعرف الشأن الأمني منذ الإستقلال إتجاه تدريجي نحو المأسسة عبر إحداث مجموعة من الهياكل على المستوى المركزي المرتبطة بالملك ، ثم بعدذلك تعزيز موقع وزارة الداخلية ، التي بسطت نفوذها على الشأن الأمني وساهمت في تعزيز تنظيمه على المستويين المركزي واللامركزي.
كما أثرت التطورات السياسية التي عرفها المغرب والمحاولات الإنقلابية التي عاشها على مسار المأسسة الأمنية ، حيث اتجهت البلد الى اللإستعانة بمؤسسات أمنية مختلفة يخضع بعضها لإشراف وزارة الداخلية ويتميز بعضها الأخر بطابععسكري محظ .
وظل التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية مثار جدل، في ظل غياب قناة مؤسساتية تعمل على رسم الاستراتيجيات والتنسيق بين مختلف المتدخلين في صناعة القرار الأمني في مختلف مستوياته . أمر حاول معه واضع الوثيقة الدستورية لسنة 2011 ، تجاوز المسألة عبر احداث مؤسسة دستورية أوكل اليها التشاور والتنسيق في المجال الأمني .
ويشكل المجلس الأعلى للأمن المنصوص عليه في منطوق الفصل 54 من الدستور المغربي سابقة في هذا المجال ، غير أنه وفي ظل غياب خبرة ممارستية ، وعدم الإعلان عن انعقاد المجلس طيلة السنوات السبع التي تلت التنصيص الدستوري
على أحداثه فإنه من الصعب دراسة مكانة ودور هذا المجلس في صيرورة صناعة القرار الأمني.
مما يستلزم الإجابة عن سؤال جوهري يتعلق بـالدور الذي يمكن أن يلعبه المجلس الأعلى للأمن في مسار صناعة القرار الأمني ،ومدى إسهامه في تعزيز مسار مأسسة وحكامة الشأن الأمني بالمغرب .
و ينص دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في فصله 54 على أنه : “يحدث مجلس أعلى للأمن بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي و الخارجي للبلاد ، وتدبير حالات ألأزمات، والسهر أيضاً على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجديدة.
يرأس الملك هذا المجلس ،وله أن يفوض إلى رئيس الحكومة صلاحية رئاسة المجلس على أساس جدول أعمال محدد.
يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس املستشارين،
والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الوزراء المكلفين بالداخلية، والشؤون الخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية ، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى
ُيعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس .
ويحدد نظام داخلي للمجلس قواعد تنظيمه وتسييره.”.
يعتبر هذا الفصل المرجع والسند الدستوري الوحيد لمناقشة وتناول موضوع المجلس الأعلى للأمن، في انتظار أجرأته وتشكيل ووضع نظامه الداخلي، وانطلاق أشغاله التي يمكن من خلالها دراسة أدواره في صناعةالقرار الأمني ، و إستشراف آفاق اشتغاله والموقع الذي يمكن أن يشغله في إطار التنسيق بين الجهات الفاعلة في المجال الأمني ، خاصة في ظل التطور المتسارع للجريمة المنظمة ، دون إغفال الاجرام السبريالي الذي يتعدى الحدود ويتجاوز القدرات الأمنية للدول ، والذي يفرض تعاونا أمنيا إقليميا ودوليا .
الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.