هكذا يمكن أن يكون إصلاح القطاع حتى نتفادى حراكا تعليميا مرتقبا

خلال انعقاد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة يوم الخميس 08 يونيو 2017 قال الوزير حصاد بأن هناك إرادة لدى مجموع الفاعلين من أجل إنجاح ورش الإصلاح، وأن محطة محاربة الغش في الامتحان الباكالوريا هي محطة أولى تبرز موقف الحكومة القاضي بإعطاء الأولوية لورش إصلاح التعليم، وهذا قول مردود عليه.

فالغش يسري بين مجموعة من المسؤولين في مناصب عليا مركزيا وجهويا في قطاع التربية والتكوين.

ويتوهمون من يظنون أن رجال ونساء التربية والتكوين هائمين على وجوههم، تائهين، يعيشون رهن الاصلاحات الكاذبة والخطابات الزائفة والتصريحات الفلكلورية الشعبوية والمذكرات التي لا طائل منها والفاقدة للمآل، بعد أن انتهى عصر التضليل والتعتيم و”قلوا العام زين”.

إننا اليوم بحاجة إلى من مبدأهم الكفاح وغايتهم المصلحة العامة، وإلى من يضعوا قطاع التعليم في حدق أعينهم، وأن لا تأخذهم في الله لومة لائم في توجيه أصابع الاتهام للفاسدين والمنتفعين ومهما كان مستواهم وموقعهم في مؤسسات الوزارة، وأن لا تثنيهم في ذلك أو تخيفهم الافتراءات والتهم والتهديدات وإطلاق الشكوك، بل العكس تزيدهم هممهم ونشاطهم من أجل منظومة تعليمية سليمة تضمن العدالة والمساواة والكرامة وتكافؤ الفرص والمساءلة والمحاسبة، وفي المقابل لابد من الموكولة إليهم مسؤولية منظومة التعليم أن يكونوا صادقين في النوايا وأن يكونوا على قدر من الانصاف والعدل، ونقول لهم رفقا بأبناء هذا الوطن فإنهم يستحقون منكم الكثير، والمستقبل كفيل بكشف السلوكيات المقنعة والتي يقف من وراءها المتربصين والفاسدين وأزلام عهد السيبة والتسيب الإداري والتربوي والذين يريدون خراب القطاع وهلاك فلذات أكبادنا، وإضاعة الرسالة النبيلة، بينما أبناؤهم في بحبوحة من التعليم بالمدارس الخاصة ومدارس البعثات، وأصبحوا كالحيتان في ابتلاع المال العام خاصة إذا أدركنا أن هناك رؤوس خلفهم وفي مناصب قد تكون مظلمة مع وجود حاضنين لهم في مسؤوليات أخرى يدعمونهم ويتقاسمون معهم المصالح” قضي لي نقضي ليك”.

كيف يقضى على الفساد التربوي والتكويني،وماهي الإجراءات التي تتخذ لمباشرة أي إصلاح، وتقديم منتوج تعليمي يكون في مستوى تطلعات الأمة المغربية؟

من أجل حصر الفساد في دائرة ضيقة للخلاص منه، لابد من تشكيل فريق يعتمد على عناصر ذات مؤهلات تربوية وأخلاقية وإدارية، واتخاذ إجراءات خاصة لمحاربة الفساد لكي يماط اللثام ويكشف المستور وتعرى الوجوه المكفهرة والفاسدة والمتسترة، لكون أغلب المشاكل التي يعاني منها القطاع وأطره والتي جعلتهم يستاؤون ويسخطون في أكثرها، ما يسمعونه أو يعاني البعض منهم من التعسف والشطط في استعمال السلطة وسوء تطبيق العدالة وغياب النزاهة والشفافية.

وعليه ومن اجل إنهاء ملفات الفساد ووضع الفاسدين في قلق دائم لابد وأن يعمل بالآتي: عدم التسامح والتساهل والتهادن والتهاون في تطبيق القانون بعيدا عن الانتقائية والمزاجية، فهو المطرقة الوحيدة على رؤوس الفاسدين والمفسدين، إن هذا التهاون موجود على المستوى المركزي والجهوي والاقليمي والمحلي بسبب عدم التقيد بالنصوص التشريعية والتنظيمية وعدم وجود اجراءات تتخذ بحق المخالفين ومن ثبتت عليهم تهم الفساد، كذلك محاولة البعض التستر والدفاع والتباطؤ والمساومة مع الفاسدين وفي المقابل الانتقام والاستئثار والوعيد ضد كل من يتحدث عن الفساد خاصة عندما يكون البطل مسؤولا كبيرا في الوزارة، علما أن هناك عدد من المسؤولين مركزيين وجهويين واقليميين ومحليين يمارسون التحايل من خلال تحويل بعض التوجيهات والتعليمات إلى قوانين أو قراءة نصوص قوانين حسب ما تتطلبه مصلحتهم الشخصية.

الاسلوب الاستبدادي والانفرادي والبيروقراطي لدى بعض المسؤولين في دواليب الوزارة لإيهام رجال ونساء التعليم بأنه على مستوى من النزاهة، إن هذا الأسلوب أدى إلى فقدان الثقة في أي إصلاح ومحاولة إلحاق الضرر بها ومن أجل استعادة تلك الثقة بين رجال ونساء التعليم والمسؤولين لابد من التعاطي معه بشفافية وحيادية بعيدا عن الازدواجية في التعامل، إن الجمهور المغربي قد فقد الثقة بمنظومة التعليم طيلة سنوات عجاف، بعد فشل إصلاحات متتالية جعلت بعض المتربصين من المسؤولين والفاسدين أو ممن أسندت إليهم المسؤولية في جنح الظلام إلى محاولة اتساع الهوة بين الكثير من العاملين بالقطاع و مسؤوليهم مستخدمين في ذلك أساليب مشوهة وعقيمة مثل الافتراءات وتشويه الحقائق ، وأن هؤلاء الذين يمارسون الفاسد الاداري والتربوي يستوجب الإعلان عن أسمائهم و إبعادهم عن المسؤولية والمناصب ومحاسبتهم، حتى يكونوا عبرة للآخرين.

التدقيق في المناصب العليا بالوزارة، إن مسؤولية الفساد التدبيري والتسييري تقع في الدرجة الأولى على عاتق أصحاب المناصب العليا، الأمر الذي يتطلب من الموكل اليهم شأن أبناء هذا البلد أن يعيدوا النظر بهؤلاء خاصة في ظل تفشي الفساد وعدم التمكن من الكشف عن الحقائق بأكملها والتي جرت على القطاع احتلاله رتبة غير مشرفة دوليا، وهناك جملة من الاجرءات نبسط البعض منها،فعند الكشف عن حالة فساد تدبيري وتسييري من طرف موظف يجب التبليغ عن ذلك فورا بدلا من الإجراءات السلحفاتية المتبعة، اعتماد مبدأ البحث والتقصي من لجنة محايدة بدلا من الاستجواب أو الاستدعاء لكي لا يفسح المجال للفاسدين من ترتيب أوراقهم ومحاولتهم إبعاد التهم عنهم، فالفاسد نجده حينما يتهم تكون إجابته إما أنه غير مخول له أو أن هناك تعليمات فوقية، والنتيجة  قد يكون الضحية الموظف الاقل رتبة وظيفية والذي لا يملك من يدافع عنه ويحميه من بطش جبابرة المسؤولية.

إن أردنا الإصلاح فعليا وعمليا بدون صباغة الجدران وغيرها من إجراءات توهيمية، على الموكل لهم الشأن التعليمي في البلاد، اعادة النظر في بعض المسؤولين الانتهازيين والفاسدين الذين تربعوا على كرسي المسؤولية بطرق ملتوية و”بالإحسان”، وتعيين مسؤولين شجعان نزهاء لا يترددون في اتخاذ القرارات التي تخدم المصلحة الفضلى للمتعلمين وتلبي احتياجات أبناء الشعب المغربي، لأنه من المؤكد إن لم يكن المسؤول نزيها وشجاعا فمنصب المسؤولية سيكون “خنثا” الأمر الذي يسهل انتشار الفساد والغش والفوضى، كونهم واثناء عملهم يتوجب عليهم التصدي للصعوبات التي تواجههم أثناء ممارسة العمل، و نذكر منها: الاصطدام بالنفعيين والوصوليين الذين يرفضون الإصلاح والتغيير،الاصطدام ببعض القوى الحزبية والنقابية والحقوقية والتي تسعى إلى فرض مواقفها باسم النضال والدفاع عن حقوق الشغيلة التعليمية…إلخ.

إن طريق الإصلاح والتغيير طريق ليس بالتمني،والعراقيل موجودة، ورغم ذلك على رئيس الحكومة ووزير القطاع أن يكونا منصفين في التعامل مع رجال ونساء التعليم، ولا مكانة ل “مات فات، وعفا الله عما سلف” وعلى أساس المواطنة الصادقة، وليس على أساس الحزبية والنقابية والحقوقية المزيفة، لابد من إعادة النظر في الهيكلة الإدارية للمصالح المركزية للوزارة، تلبي الحاجيات الإدارية والتربوية، وليس القرابة والصداقة و صهري ونسبي و…، و إعادة النظر  في الأطر المغضوب عليها والكفاءات، والتي تم تهميشها بفعل الاستقطابات    والمواقف العدائية وردود الأفعال السلبية، والإنصات إليهم، حيث من خلالهم  سيتم الوصول إلى كشف حالات من الفساد التدبيري والتسييري للمنظومة.

وأخيرا إن أهم مبتغى هو القضاء على الفساد التربوي والتكويني إضافة إلى متطلبات أخرى تتعلق بالأمور الإدارية والتربوية لرجال ونساء التعليم، هي أمور سهلة التنفيذ حين تتظافر كل الجهود والطاقات والإخلاص لله.

وعندما تجدون مسؤولا تربويا يخرق القانون أو يؤوله لمآرب أخرى، فلا تنتظروا منه إصلاحا يذكر، ولا خيرا يرجى منه لهذا البلد، وبشروا بحراك تعليمي مرتقب، فهذه مرحلة ينفع الصادقين صدقهم !

جمال بن سهيلي


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading