جالساً بفضاء مركب القصبة الفسيح 🌹 أصارع أمواج الوقت الميت على سمفونية كأس شاي ساخن في عز طقس ما هو بارد و لا دافئ، كان في منزلة بين المنزلتين.
فاتحاً الحاسوب كي أبحر في البحث في عالم موضوع مركب شقه الأول اقتصادي؛ والثاني تقني محض. وإن كانت المعطيات المتوفرة منتظرة بقاعة الانتظار؛ فمفاتيح الشق التقني بأيادٍ ناعمة لكنها مرهونة بالزمن.
وكانت لحظات الانتظار أشبه بولادة قيصرية في الوقت الميت. والساعة تكاد تكون السادسة مساء إلا بعض الدقائق.
وفجأة رن الهاتف:
– مرحباً سي سعيد
– مرحباً سيدي الفاضل سي محمد الأديب المبدع
أراك قريباً
– أجل عبد ربه بمركب القصبة
– أنا قادم إليك لزيارة الشاعرة زهرة بلعابد الحكيمة
– يا لها من لحظة ! على الرحب و السعادة
– سألتقي بعد نصف ساعة
– ومن شدة انتظارات الموضوع الذي سقط من سابع طابق بدون سابق إشعار؛ والذي شغل بالي وزعزع أركان مخيلتي لم أنتبه إلى سماع بعد نصف ساعة.
للتو أغلقت الحاسوب. وخرجت أنتظر.
فعاودت الاتصال:
عفواً سيدي الفاضل سي محمد أنا في الانتظار قرب صيدلية القصبة.
– سي سعيد وكأنك لم تنتبه. لعلي قلت لك بعد نصف ساعة.
– لا عليك سيدي الفاضل سي محمد.
حينها ذهبت عند صديقي مساعد الصيدلاني، فسألته عن إسم دواء، كنت ذات مرة طلبته.
فتبسم ضاحكاً سي سعيد لعلك نسيت أن ذلك الدواء انقضى أمره وذهب أدراج الماضي.
– عفواً صديقي العزيز سي محمد (هو أيضاً إسمه سي محمد) لعلها هلوسات شيخوخة قادمة بدون شك.
وقفت أنتظر وأقتل تلك الدقائق التي تمددت مع حرارة الانتظار.
كلما خرجت سيارة من حي سيدي العربي ظننتها هي السيارة الموعودة. وحولت بصري إلى اتجاه محسوب بالتعود والعرف، إنه الطريق الرئيسي من منعرج مقهى السملالي سابقاً.
للأسف ليست كل الطرق تؤدي إلى المبتغى.
فانعرجت على الشمال في اتجاه ثانوية ابن سليمان الروداني لعلي أقتل الزمن الميت؛ وأعود إلى نقطة الانطلاقة بدل مراقب الطريق.
وفجأة صادفت الأستاذ الفاضل سي محمد الأديب المبدع.
جدد كلمته الناعمة: لعلك يآ سي سعيد لم تنتبه إلى موعدنا بعد نصف ساعة.
لا عليك سيدي الفاضل سي محمد، أخطأت السمع.
حينها سألني:
لعلك تعرف مقر سكنى الشاعرة السيدة زهرة بلعابد ؟
أكيد.
وفي الطريق تبادلنا أطراف الحديث حول الشأن الثقافي الغابر يسبب تداعيات كورونا ثم التصدعات والأزمات النفسية والاجتماعية والاقتصادية وهول الزلزال الصاعق ثم الأوضاع العصيبة الراهنة إلى أن وصلنا حي زرايب أولاد بنونة.
فقلت له سيدي الفاضل سي محمد لعل مقر سكناها بحي سيدي بلقاس. حينها توقف الأستاذ الفاضل سي محمد فخاطبني:
لعل قوة الانتظار أفقدتك البوصلة السليمة. لقد أخبرتني أنها تسكن على بعد فركة كعب من صيدلية حي الزرايب.
عفواً سيدي الفاضل سي محمد ؛ لقد اختلط الأمر. والشوارع قد تتشابه في مدينتي. وأنا لم أزرها سنتين تقريباً قبل كورونا.
فعاودت الاتصال بالسيدة الشاعرة زهرة للتأكد من موقع منزلها. حينها قالت: لقد اقتربتما وتنظركما على جنب الطريق سيدة بكوفية فلسطينية.
وفعلا كان ما كان. واستقبلتنا بحفاوة وإن كان المرض أخذ منها بعض الشيء. لكن ابتسامتها المعهودة وبراءة مشاعرها ظلت كما هي. وإن تصدعت بحكم تداعيات الزلزال الصاعق.
فكانت جلسة أدبية محظة؛ سافرنا خلالها بدون جواز سفر إلى عوالم الكتابة والإبداع.
وتوجت الجلسة الماتعة الممتعة بتقديم الأستاذ سي محمد بعية نسختين موقعتين من إصداريه إلى الشاعرة زهرة بلعابد الحكيمة.
وبالمناسبة قدم لي أيضاً نسختين موقعتين توقيعاً في غاية الروعة والجمال.
– La lecture est une échelle sociale ( Recueil de textes)
– La culture par lecture (Recueil de textes)
وافترقنا بابتسامة على أمل تجديد اللقاء عما قريب.
التعليقات مغلقة.