نيابة عن التلميذ الأصم
أزول بريس - يوسف الغريب
سبورة عادية.. وبتاريخ اليوم.. وأسئلة حسابيّة تمرينية تنتظر دخول تلامذة كي يفكّوا لغز تحديد المسافة التي قطعتها السيارة في 21 دقيقة.
كان الصّمت سيّد المكان كالعادة في هذه المدرسة عموما لأن تلامذتها أصلاً لا يقرأون ولا يتعلّمون إلاّ بواسطة الإشارة.
كان الجميع منهمكا في تحديد سرعة السيّارة حتّى وجدوا أنفسهم حائرين أمام هذه السرعة الفائقة التي تهدّم بها أسوار مدرستهم إنطلاقاً من إزالة الباب الرئيسي وأمام أعين حافلة للنقل المدرسي التي تفضّل صاحب الجلالة المللك محمد السادس وأهداها لجمعية حماية ورعاية الصّم كاعتراف جلالته بدور هذه الجمعية في حماية ورعاية هذه الفئة.. وبتجربة رائدة إن على مستوى إدماج هذه الفئة في سوق الشغل من خلال تكوينات حرفية ومهنية كالحلاقة والخياطة ووو ومُمارسة اليوم بأغلبية إحياء المدينة ومحيطها..
مشهود لها أيضا برعاية وحماية تمدرس الأطفال الذين يشاركون في الامتحانات الإشهادية التي تنظمها وزراة التربية الوطنية وصل أغلبيتهم إلى تجاوز الثانوي الإعدادي..
هذه المدرسة اليوم تعرّض فضاؤها لإتلاف من طرف القوات العمومية المسندة على قرار إداريّ يروم إفراغ الجمعية من المقر..
وأيّاً كانت ظروف وملابسات هذا الملّف والمستند القانوني فإنّ إختيار الوقت غير تربويّ بالأساس لأننا أمام فئة تلامذية بوضع إستثنائي لم تنتبه بعد المدرسة العمومية إلى وضعيتها.. مما جعلها محرومة من حقّها في التمدرس..
وحيث أن الجمعية استطاعت أن تقوم بهذا الدور الوطني. فهل يعقل أن يفعّل هذا القرار في فترة الاستعداد للامتحان الإشهادي لأكثر من تلميذ وتلميذة من ذوي الحاجة الخاصّة..
ما الذي سيقع في ملك الله لو تأخر تنفيذ القرار (وبكامل التحفظ عليه) حتى نهاية السنة الدراسية.. ونحن على أبواب نهايتها..
لماذا تمّ تغييب هذا الجانب التربوي الإنساني عند ذوي القرار بالمدينة محليّاً وولائياً.. ومن جميع المستويات.. وأصبح الجميع يتعامل بالمساطر والمحاضر في ملّف إستثنائي بألاساس يهم بالدرجة الأولى هذه الفئة من ذوي الحاجات الخاصة التى ما فتئ قائد البلاد يؤكد على العناية بها في أكثر من خطاب.. بل مازالت صورة عاهل البلاد موشومة في ذاكرة المغاربة بداية عهده وهو يتبادل التحية مع إحدى رعاياه من ذوي هذه الفئة.. وما تحمل من عمق إنساني رفيع.. وايضا من رسائل إلى كل مسؤول ترابي قصد العناية والامتياز لهؤلاء المغاربة أيضاً..
كل هذا العمق تمّ تغييبه اليوم والجميع يتابع أعوام السلطة تحت إمرة رئيسهم يقومون بإزالة الباب الرئيسي للمدرسة..
أإلى هذا الحد ضاق صدر السلطة هنا بالمدينة.. وذهب بسرعة إلى الأسهل..
ألم يكن بالإمكان إعطاء فرصة للوقت حتّى تنضج الأمور أكثر مادام أن الأمر يتعلق بفعل تربوي وممارسة تمدرسية تعليمية..
أو ليس من العبث أن يدخل المجلس الجماعي في شخص رئيسها في صراع مع جمعية مدنيّة تربوية عوض أن يكون الأوّل من يرافع عنها.. من يدافع على مشروعها التربوي الإنساني.. من يفق لحمايتها.. ويبحث عن الحلول والبدائل في حوار مع الجمعية صاخبة التخصص في اختيار ما يناسبها من فضاءات نظرا لطبيعة تلامذتها. خصوصيتهم الاستثنائية..
من المؤسف جدّاً أن نجد ممثل السكان يتنصّل من دوره بحجج غير مقنعة.. بل ممارسة الهروب من تحمل المسؤولية كما جاء في إحدى رسائله للجمعية
( غير أن هذا لا يلزم الجماعة في حالة عدم التوصل إلى مقترح او إيجاد مقر لجمعيتكم)
الذي يحب أن يعرفه الجميع وخاصة السيد رئيس المجلس الجماعي هو أن الجمعية ليست طرفا أوخصنا حتى تخاطب بهذه اللغة الإدارية المباشرة.. لأن دورها المواطناتي هو العمل التطوعي الميداني لحماية ورعاية الصم.. وهو فعل في الدائرة الترابية لسلطتكم الثمتيلية.. وعوض أن تحولوا إلى خصم وتسجلون عليها المحاضر كوثائق ثبوتية لتبرئة ذمتكم.. فهي في حقيقة الأمر وثائق تؤكد فشلكم في تدبير هذه الأزمة من موقعكم رئيسا للجماعة.. فأيّاً كانت الإكراهات التي تقعون تحت تأثيرها.. لن يكون الحل هو قبول إرسال القوات العمومية لإخلال وإفراغ مدرسة تلامذتها يستعدّون للامتحان الإشهادي بعد أسبوعين..
أيّاً كانت هذه الإكراهات..
سيبقى في ذاكرة المدينة وخلال عهدكم أيها الرئيس صورة ازالة الباب الرئيسي من طرف القوات العمومية لمؤسسة تربوية خاصة بالتلميذ الأصم..
غير ذلك تفاصيل صغيرة.
التعليقات مغلقة.