نشطاء يجمعون على ضرورة انتقال الحركة الأمازيعية من الممارسة الثقافية إلى النضال السياسي 

أزول بريس – خلص المتدخلون في الندوة التي نظمتها جمعية “أزافوروم” مساء الجمعة 16 أكتوبر الجاري، عن بعد، إلى “ضرورة العمل المرافعاتي والتواصلي لإزاحة كل العراقيل والصعاب الحائلة دون تفعيل المكتسبات التي تحققت للأمازيغية.” كما أجمع هؤلاء على ضرورة انتقال الحركة الأمازيعية من الممارسة الثقافية إلى النضال السياسي .

وأكد المشاركون في ندوة” وضعية الأمازيغية بعض عشر سنوات من الاعتراف الدستوري” التي نظمتها الجمعية بمناسبة الذكرى 19 لخطاب أجدير وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وقام بتنشيطها كل من الإعلاميين أمنة بن الشيخ وعزيز اجهبلي، أكدوا على أن دور “الحركة الأمازيغية مازال فاعلا لصيانة وترسيخ وتطوير المكتسبات المحققة”، مبرزين أن “المبادرات المجتمعية مطلوبة وخصوصا على مستوى التعليم والقضاء والإدارات الرسمية. ”

وأشارت خلاصات الندوة إلى أن ” تغيير خطاب الحركة الأمازيغية تمليه سياقات المرحلة الراهنة”، مبرزة أن ” العمل السياسي والحزبي والمؤسساتي يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى .”

وأكدت الخلاصات ذاتها  على ضرورة “العمل من أجل أن يلعب المغرب دوره المركزي والتاريخي في مجال الأمازيغية بكل تجلياتها الهوياتية والسياسية والديبلوماسية والتنموية، على المستوى المغاربي وشمال إفريقيا.”

لحسن أمقران

أمقران : التواصل مع المجتمع هو رهان الحركة الأمازيغية

وفي هذا الصدد أكد الأستاذ لحسن أمقران على أن التواصل مع المجتمع هو رهان الحركة الأمازيغية، مشيرا في مداخلته إلى أن”السؤال المرحلي الذي جاء في وقته ويفرض نفسه، هو: أين وصلت الأمازيغية بعد الدسترة؟ وما موقعها المؤسساتي في علاقتها مع خصومها؟ مبرزا أن جيوب المقاومة المتحكمة في المؤسسات ساهمت في ما لوحظ من استهتار واحتقار، مما يستوجب مساءلة الدولة، كما أن التغيير المنشود مازال بعيد المنال، يضاف إلى هذا حسب الأستاذ فتور واستكانة الحركة الأمازيغية وتراجع ديناميتها.”

ونبه أمقران إلى عدم التركيز على الفتات( قضية الشيك  بحرف تفناغ … تسجيل الأسماء…)، وأن الحكومة لا يجب تحميلها المسؤولية لأنها ائتلافية. أما عن الحركة الأمازيغية فقد رأى الأستاذ على أنها تعيش حالة نكوص بسبب الصراع على الزعامة وغياب الدهاء السياسي والانشقاقات والمعارك الجهوية، ومشكل التمويل والوفاء للتقليدانية وإغفال النضال الحقوقي والأكاديمي والإعلامي، وغلبة المقاربة العاطفية، وخلص إلى الحاجة إلى وعي مجتمعي سليم وتقوية ثقافة المرافعة.

كما تحدث الأستاذ أمقران في معرض كلامه عن خطاب الحركة الأمازيغية وسياق الدسترة وصناعة الرأي والقرار، وأشار إلى أن المبادرات المجتمعية سحابات صيف لا استمرار لها، وأن الوضعية الراهنة تتطلب تجديد الخطاب الأمازيغي وتحيينه وفك الارتباط بما قبل الدسترة، أي أن الخطاب الأمازيغي حان الوقت لكي يحين، منوها بدور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية معتبرا النقد الذي يوجه إليه بمثابة جلد الذات من طرف بعض الفاعلين. ..

وقال المتحدث:”إذا كان تهميش الأمازيغية سياسيا فلن يرفع هذا التهميش إلا بالسياسة، وبالتالي فالعمل السياسي الحزبي أصبح خيارا وليس اختيارا”، غير أنه يحذر من مغبة الانتحار الإيديولوجي بعدم اكتساب الكفايات اللازمة، ولذلك تجب الاستفادة من التجارب السابقة، بالانخراط في الأحزاب وبناء الثقة في القواعد وتشجيع الشباب وتجاوز التنميط والانتقال من فكر التراث إلى فكر الإنتاج .”

وختم الحسن أمقران مداخلته بالقول:”آن الأوان أن يلعب المغرب دوره المركزي على المستوى المغاربي والشمال الإفريقي في إشاعة التنوع والتعدد ليقدم بذلك نموذجا يحتدى به. ”

أحمد عصيد
احمد عصيد

عصيد : تغيير القوانين لا يواكبه تغيير العقليات 

ويرأى الأستاذ والباحث أحمد عصيد أن الاعتراف الدستوري بالأمازيغية، هو اعتراف سياسي وقانوني ومجتمعي ،مما يستوجب تغيير الرؤى، حتى لا تظل هذه الدسترة موقوفة التفعيل على مستوى المؤسسات، غير أن معارضة الخطاب الأمازيغي خسرت فيما انتصرت الحركة الأمازيغية فكريا وسياسيا وحقوقيا، إلا أن هذه المعارضة مازالت تعرقل داخل المؤسسات حتى لا يتم التفعيل على مستوى التعليم والإعلام والقضاء، .. وأكد عصيد أن تغيير القوانين لا يواكبه تغيير العقليات  وتوعية المجتمع بأهمية هذا التغيير.

وأبرز الباحث الأمازيغي أهمية العمل من أجل تحويل نقط الضعف إلى نقط قوة، وذلك بتدبير الاختلاف وتحويله إلى منافسة والتحلي بالروح البراغماتية، وتحويل السلبيات إلى إيجابيات، مؤكدا على الحاجة إلى أنشطة الجمعيات بالاشتغال على التخصص والتنوع (رابطة تيرا على سبيل المثال)، وروح المبادرة، والعمل على الملاءمة بين تحسيس المواطنين وإصدار القوانين…

وأكد عصيد على أن تطور الخطاب وتغيير منهجية العمل ليست مسألة إرادوية، بل تخضع للسياق الذي يفرضها ويفرز أسئلتها، معززا رؤيته بالمراحل والمحطات والسياقات التي مر منها تطور الخطاب الأمازيغي، من الاكتفاء بالاهتمام بالتراث والثقافة الشعبية إلى الخروج للعلن بتأسيس الجمعيات إلى ميثاق أكادير والتنسيق الجمعوي والبيان الأمازيغي لمحمد شفيق..، وبداية المأسسة للوصول إلى الدسترة وما بعدها،.. وأن المرحلة الراهنة تتطلب: الاحترافية والمهام المدروسة وبلورة المشاريع، بالإضافة لتنظيم دورات تكوينية ومواكبة الإنتاج الأكاديمي والأدبي واللغوي والفكري، وأن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لن يضيع إنتاجه الأكاديمي كيفما صار مآله، وأن المطلوب هو مواكبة المستجدات والتفاعل معها، وتدبير الاختلاف لما هو إيجابي. ..

وتأسف الأستاذ أحمد عصيد عن تأخر الأمازيغ في التعاطي للعمل السياسي الحزبي، لأنه فقد ثقة الناس به، أي أنه أصبح مفعولا به ولم يعد فاعلا كما كان من قبل، مذكرا ببعض التجارب الحزبية السابقة، كحزب الاستقلال والاتحاد الوطني والاتحاد الاشتراكي وكذا العمل النقابي الموازي لهذه التجارب..، إذ الأحزاب في الوقت الراهن أنهكت وفقدت المبادرة وأضحت في موقع انتظار إشارات السلطة، ولم تعد تقنع الشباب، بل اكتفت باستقطاب من يضمن لها الأصوات، أما فعاليات الحركة الأمازيغية فتتحدث عن الحزب دون القدرة على تأسيسه، مذكرا بالأخطاء المرتكبة في هذا المجال، كتجربتي: الحزب الديمقراطي المغربي الأمازيغي و تامونت، وغياب الوعي بالميكانيزمات التي تتحكم في العمل الحزبي، إضافة إلى تحدي المقاطعة السياسية التي قاربت 70% وعدم اهتمام الأحزاب بإنتاج الفكر السياسي.

وقال أحمد عصيد إن الأمر يتعلق باستقلالية الحركة الأمازيغية واعتماد الأحزاب على الرهانات، مما يستوجب التكامل، مسجلا غياب إستراتيجية توزيع الأدوار، داعيا إلى مؤتمر وطني للحركة الأمازيغية لتوزيعها …

وفي المحور الأخير، أشار عصيد إلى أن المغرب كان مرشحا للقيام بدور ريادي في هذا المجال بالمنطقة، ولكن عدم تفعيل ما تم الإقرار الرسمي به على مستوى الأمازيغية حال دون ذلك، بطغيان الإيديولوجيات البائدة والجمود في عمليات التنفيذ، مما قد يفتح المجال للدول المجاورة للقيام بهذا الدور…

رشيد راخا

راخا: الأمازيغ هم الذين قاوموا وطردوا الاستعمار، ولكنهم لم يستفيدوا من الاستقلال

بدوره، اعتبر الأستاذ رشيد راخا أن الاعتراف الدستوري بالأمازيغية مكسب تاريخي والمصالحة مع التاريخ حققته الحركة الأمازيغية، وإن اختلفت في التصورات والرؤى، إلا أن ما يجمعها هو المصير المشترك للأمازيغية بكل تجلياتها، وأن المنتظر هو الثورة الثقافية وتغيير العقليات والنهضة الثقافية والفكرية والاشتغال الإيجابي داخل المؤسسات، مشيرا في مداخلته إلى أن حكومة ما بعد الدسترة تشتغل بفكر خارجي مما أدى إلى عرقلة وتأخير صدور القانون التنظيمي، في حين أن حكومة العثماني فتحت نوعا من الأمل في الحوار، غير أنها لم تقدم أي جديد غير ما كان .

واعتبر الأستاذ الراخا في كلامه أن كسب قضايا، مثل الشيك بحرف تفيناغ وتسجيل الأسماء الأمازيغية للمواليد، مهمة لأنها تجسد التفاعل المجتمعي مع القضية الأمازيغية، وأن المبادرات من هذا النوع ضرورية لإزاحة الجمود، كجعل قضية إقصاء الأمازيغية في البطاقة الوطنية قضية مجتمعية، ودعا لتطوير نظرة المجتمع إزاء الأمازيغية لتتجه إلى جميع مناحي الحياة بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، بتفعيل دور القضاء…

وأكد الراخا على الدور الإيجابي للحركة الأمازيغية وعلى دور مؤسسة التجمع العالمي الأمازيغي ومبادراتها في المكاسب المتحققة، وعلى دورها في إزاحة العراقيل، وأن الأمازيغ موجودون في المواقع، من الإيركام إلى البرلمان والحكومة، ولكن أداءهم لم يكن في المستوى السياسي المنتظر، وأن المطلوب هو مزيد من النضال على جميع الأصعدة والمستويات، لأن السياسات اللغوية ليست واضحة، وما زالت سياسة التعريب هي السائدة، وأن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ليس سوى مؤسسة استشارية، كما سجل أن الأمازيغية مازالت مغيبة في التعليم الأولي حيث تجب أن تسود لغة الأم. وختم الراخا مداخلته بالقول:” الأمازيغ هم الذين قاوموا وطردوا الاستعمار، ولكنهم لم يستفيدوا من الاستقلال، أي أن وجودهم في المنطقة كائن بغيرهم، وأن الوقت قد حان لممارسة السياسة” .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد