” نحو ترسيخ ثقافة التسامح في الخطاب الإسلامي المعاصر” هو عنوان القضية التي اختارها الأستاذ الدكتور عزيز بعزي، ( باحث في الفكر العربي والإسلامي المعاصر) للمحاضرة التي ألقاها يوم الجمعة 16 مارس، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن زهر بأكادير(القاعة46)، ابتداء من الساعة الثالثة زوالا .
وقد أكد، – بعد شكره لكل الجهات التي أتاحت له فرصة هذا اللقاء العلمي ( عميد الكلية ، وفريق نادي البصمة الطلابية – شعبة الدراسات الإسلامية- )، أن هذا الموضوع مرتبط بسياقات متعددة، تقتضي من المشتغلين في الجانب الفكري على وجه الخصوص، والعلوم الإنسانية عموما، مواكبة تطوراته بحكم راهنيته، وحتمية الخوض في غماره، سيما وأنه يتحكم في زمام أمورنا الحالية والمستقبلية. ومن بين النقاط التي أشار إليها المحاضر في مداخلته هاته مايلي:
إن الدراسات والأبحاث التي تناولت مسألة الخطاب الديني برزت مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، وقد اتخذت أبعادا متعددة، ( محمودإسماعيل، نصر حامد أبو زيد، أحمد زيد…).
إن الكثير من الناس لم يستوعبوا بعد إلى حدود الآن معنى الخطاب الإسلامي، وهناك اعتقاد البعض مثلا بأن المشتغلين في حقل العلوم الإسلامية عموما، هم من يحق لهم أن يتحدثوا عن قضايا الدين في علاقتها بشؤون المجتمع، والحق أنه لايجوز حرمان الناس من ذلك لكن شريطة أن يكون المنهج العلمي هو معيار ذلك (حكم)، كما أن هناك بطبيعة الحال أمور لايمكن إطلاق العنان فيها للكل مراعاة للمصلحة ودرء للفتنة ( خصوصيات ولكن بدون احتكار حتى لانولد أرثوذكسيات جديدة …. )
* إن الخطاب الديني هو ” كل خطاب صدر عن مصدر ديني – إسلامي – أو غير ديني – إسلامي – في كل ما يرتبط بالحياة الاجتماعية والسياسية و الأخلاقية مرتكزاعلى مبادئ دينية، بما يساعد المجتمع وأفراده على مواجهة مشكلاتهم بهدف حلها بما يحقق رقي المجتمع، وتقدمه اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا”. ومن أشكال الخطاب الديني ما هو مكتوب: ( نصوص في شكل كتاب أو خطب أو مقالات صحفية أو نشرات). وما هو شفهي ( مسجلة أو مكتوبة أو مطبوعة فنتلقاها بالسماع أو بالقراءة”.
* إن الخطاب الإسلامي اليوم الذي يتسم بالعنف واللاإنسانية، في أصله لا علاقة له بمبادئ الإسلام، فهو ينفي مثلا قيمة التسامح التي يجب أن يعض عليها بالنواجد. ( القاعدة، تنظيم داعش وكل من يسير على خطاه).
* إن الخطاب الديني – الإسلامي المستند إلى قوى العنف لا يمكن أن يولّدَ سوى عنفٍ مضاد، سيما إذا لم يتجه مستقبلا على إجراءات عملية، تبدأ بالمراجعات، لتنتهي إلى اتباع سبل السلم والسلام، ويمكن أن نسمي هذه الخطوات ب “خطوات العلاج الإيجابية”.
* إننا نجد صيحات مختلفة المشارب، والتوجهات عالميا،( تنتمي إلى المؤسسات الرسمية، ومؤسسات المجتمع المدني) تطالب بضرورة ترسيخ ثقافة التسامح في نفوس الأفراد، لخلق مجتمع لا يؤمن بأعمال العنف، والإرهاب بعد اكتسابه للمناعة الثقافية، أوالقوة الرادعة، والقادرة على استئصال كل السبل المؤدية إلى العنف، لذلك نجد أن الدعوة إلى التمسك بثقافة التسامح تزداد يوما بعد يوم على صعيد الخطاب الديني الإسلامي على وجه الخصوص، لا سيما وأن أوساطا واسعة أخذت تلتمس عمق الحاجة إليها، “فالتسامح لا يُعَيّن صيغة في التعامل بين جماعات مختلفة، وإنما يعين صيغة في تعامل الجماعة مع نفسها باعتبارها نسيج الآخرية التي لا يمكن اختزالها في التطابق والانسجام. بل بالعكس فالتسامح هو إقرار الجماعية بأنها صيرورة تغاير دائم، لا يقبل الاختزال، ولا التقليص.
* إن الخطاب الديني في الميديا (الإعلام الجديد) يحتاج إلى مراجعة أو انقلاب بهذا التعبير، لأن هناك أشياء يتم ترويجها تشوه مبادئ الدين ولاتخدم الإنسانية في العاجل والآجل …
هذا، وقد تناول الدكتور عزيز بعزي هذه القضايا بعد ربطها بقضايا شهدها تاريخ الفكر الإسلامي، وتطرح نفسها حاليا، ليصل في النهاية بأن نجاح تجديد الخطاب الإسلامي مرتبط أصلا بحضور المسلمين من خلال إنجازاتهم الحضارية، وكل هذا مرتبط بمستقبلهم لأن ما يخيفه ليس الحاضر، وإنما المستقبل بشتى آلياته لسبب بسيط هو أن مرحلة التخلف والسكون الحضاري مقارنة بما يجري الآن على الصعيد العالمي لم نتجاوزها بعد.
بعد نهاية العرض، وتفاعلا مع قضايا الموضوع كانت المداخلات مهمة، ففي بنيتها تحمل إشكالات واقعية، وهذا ما أثار انتباه الحضور، مما خلق نوعا من التفاعل الإيجابي، سيما بعدما خلص الجميع إلى أهمية هذا الموضوع، وأن قضية الخطاب الديني، وضرورة تجديده لم تعد مسألة ترف، وهذه قضية أخرى تحتاج إلى بيان.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.