نادي القراءة و الإبداع بالثانوية الإعدادية الأنوار يحتفي بإصدارين من تأليف تلاميذ المؤسسة .
متابعة / مينة الحدادي
عرفت الثانوية الإعدادية الأنوار بمديرية إنزكان أيت ملول حفل توقيع مؤلفين بعنوان ” أوراق متناثرة ” خواطر و قصص في 127 صفحة ، و كتاب ” تائهون في المواقع ” و هو عبارة عن قصص و عبر في 88 صفحة .
ساهم في تأليف هذين المؤلفين مجموعة من تلاميذ و تلميذات المؤسسة المنخرطين في نادي القراءة و الإبداع ، تحت إشراف أستاذتهم خديجة كريم
المؤلفان هما حصيلة سنة دراسية من العمل الجاد و الدؤوب بالنادي.
و هذه مقدمة ” أوراق متناثرة ” تقربنا من الكتاب و عمل النادي ،صاغتها الأستاذة المصاحبة و المنسقة الجهوية لرابطة كاتبات المغرب بجهة سوس مينة الحدادي:
قرأت ذات مرة ” القراءة تعني السماح للضوء بالدخول إلى العقل ” هذه العبارة تحمل من الدلالات ما لا يجعل من شك في أهمية القراءة و دورها في التنوير و فتح جسور الوعي و الإدراك ، فكلما قرأنا كتابا سمحنا للضوء بأن ينير العتمة ، و يسحب الظلمة……
و لعل نادي ” القراءة و الإبداع” بالثانوية الإعدادية الأنوار بتنسيق و إشراف الأستاذة خديجة كريم أدرك جليا دور القراءة و رسالتها في فتح آفاق لا متناهية للإبداع ، فما رأيت من الأستاذة منذ تعرفي إليها إلا حب العمل الجاد مع متعلميها طيلة مسارها المهني ، آمنت برسالة الإنسان في هذا الوجود و هي رسالة البناء و الإصلاح و لم تكتف بها داخل جدران القسم فقط ، بل حتى خارج أسواره ،متشبتة بدورها التربوي الإرشادي ، الدور الداعم ، الناصح ، المؤطر ، فجعلت من المتعلمين قراء نهمين ، مبدعين ، متطلعين ، شغوفين بالسؤال ، تواقين للمعرفة …فقد زرت المؤسسة مرارا في إطار مشاركتي في أنشطتها السنوية ، فوجدت رغبة المتعلمين بادية على محياهم في المناقشة منضبطين ، يميزهم روح العمل الجماعي و روح المشاركة و التفاعل .
لقد رأيت فيهم كتابا و فلاسفة و مهندسين و محللين و خبراء اجتماعيين و أحياناسياسيين و نقادا ، و هذا طبعا لايمكن تحقيقه في غياب تأطير جاد و ومسؤول .
إن كتاب ” أوراق متناثرة ” دخلته متطلعة فقرأته متأملة و خرجت منه يتنازعني أمران : الفرحة و الدهشة ، فهؤلاء اليافعين رغم صغر سنهم هم يدركون القضايا المجتمعية و القيمية بشكل قد لا نفهمه نحن الكبار ، و أعادوا إلى الواجهة أهمية القراءة و الكتابة للنشء في زمن التفاهة و الرداءة .
إن النصوص موضوع الكتاب الجماعي ، كانت مرآة تعكس أرواحهم المرهفة و أحاسيسهم الصادقة ، و قيمهم الفاضلة و أخلاقهم النبيلة ، فما أحوجنا للصدق في زمن لا ملامح له ؟
أما لغة النصوص فرغم بساطتها فهي ذلك السهل الممتنع ، و القارئ للعمل سيجد نفسه في حضرة الإبداع و بستان المعرفة ، يحضنه يافعون استطاعوا كسر المألوف فسما تعبيرهم ، و علت حناجرهم لتعرية قضايا مختلفة ، واصفين تارة ، محللين تارة أخرى ، متألمين ، و مؤمنين بالتغيير ، و الصبر و التحدي ، فكانت أفكارهم منتظمة و لغتهم سلسة ، تعابيرهم موجزة و صادقة ، منهم من كان يملك قدرة على الإبحار في المجاز و الاستعارات ، فجاء أسلوبهم شيقا ، جذابا ، آسرا .
في كتاب ” أوراق متناثرة ” عثرت أنا – القارئة – الشغوفة بالإبداع الفني على وصف للشخصيات ، حيث رسمت أقلام المبدعين الصغار الملامح و المشاعر …تقول التلميذة خولة الميلودي في قصتها ” ظلها الذي ضحك قبلها ” : كانت عيناه حادتين ، يراقب كالصقر …ص 8 .و تتابع الساردة في نقس الصفحة واصفة لنا شخصية ليان : ” ليان فتاة هادئة …تتصف بالبرود و الغموض …مما يجعل الناظر إليها عاجزا عن قراءة ملامح وجهها ” .
و تقول التلميذة مريم ألحيان ” سماء غائمة ، ورود ذابلة ، أراض قاحلة ، كان اليأس ينخر عقلي ، و الحزن يعصف بقلبي ….” ص، 28 .
و يتتابع الوصف معانقا حبال النعوت و الأحوال و مآخيا السرد ، تقول التلميذة هاجر ميمون في خاطرتها ” علمتني أمي ” ص،47 ” وقفت أمام النافذة أتابع حبات المطر و هي تتساقط ، و بعد برهة أعدت نظري إلى الكتاب ، قلبت وريقاته ، شممت أريجه ، شعرت كمن عثر على كنز مفقود منذ سنوات طويلة …” يالم من جمال و بهاء ! إنها فعلا رائحة الكتب ، التي لا تشبهها أية رائحة و لا تسبقها درجة إلا رائحة الأم .
أما في قصة ” عناق من ورق ” للتلميذة مريم أخصاصي فقد كشفت المبدعة عن تلك العلاقة الحميمة بين البطل ” ريان ” و بين حبه و شغفه بالكتاب ” لم يعد ريان يبكي في الليل ، صار يعانق الكتاب كل مساء ، قبل النوم ، يقرأ بصوت منخفض ، و كان الكتاب يرد عليه ….” ص 56 .
و في الصفحة 73 يقول المبدع أيوب الحلايسي في خاطرته “صرت أعشق القراءة و الكتابة ، بعدما أخرجتني من الظلمة و العزلة النفسية و أخرجتني من دوامة الجهل و الوحدة …..
لن نستطيع من خلال هذه الإطلالة أن نحيط بكل ما جاء في ” أوراق متناثرة ” لكن يمكن القول أن نادي القراءة و الإبداع نجح في وظيفته و ما رسمه في برنامجه السنوي ، حيث حقق غاياته المتمثلة في إبراز المواهب و الطاقات و صقل شخصية المتعلم مع تنمية حسه الجمالي و الفني و إكسابه مهارات متعددة منها العمل الجماعي و تبني مواقف إيجابية من احترام و قبول الاختلاف و تربية على الحس النقدي ، فالمتعلم يقضي معظم وقته داخل أسوار المدرسة ، من هنا جاءت أهمية الأنشطة المدرسية و أهمية تفعيل و أجرأة المرجعيات المؤطرة لها .
و ختاما أقول هنيئا لك أستاذة خديجة بهذه البراعم الأدبية و بأقلامها الواعدة.
و هنيئا لهم بك ، أستاذة لم تدخر جهدا في الدعم و التأطير .
هنيئا لكم بمنجزكم الإبداعي ” أوراق متناثرة ”
ووفقكم الله لخدمة هذا الوطن .
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.