توقيع ريناس بوحمدي
في ما يشبه الرد على أمين عام جماعة العدل والإحسان فيما يتعلق بالدعوة إلى إقامة الخلافة، أكد منظر ومسئول اللجنة العلمية لحركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، في شريط فيديو بثته قناة “التوحيد والإصلاح” على موقع اليوتوب، على أن المسلمين هم في عداد “خلافة ناقصة” ويسعون نحو “خلافة كاملة” وتتجلى هذه ” الخلافة الناقصة” في منظمة المؤتمر الإسلامي ، وهذا الطرح هو امتداد للفكر ألإخواني من خلال أطروحة عبد الرزاق السنهوري المعنونة بـ “فقه الخلافة وتطورها لتكون عصبة أمم شرقية” التي ألفها في بداية القرن العشرين ، والتي تدعو إلى إقامة خلافة أسماها بالناقصة تسير تدريجا نحو خلافة كاملة، قائلا “ما دامت الخلافة الكاملة الآن مفقودة ومادامت بعيدة المنال في ظل قوة متعددة معادية ومتحكمة نلجأ للخلافة الناقصة ونطورها شيئا فشيئا لتصبح خلافة كاملة في أي زمن تأتى ذلك..” وتعتبر هذه الأطروحة إلى جانب كتاب حسن البنا “مذكّرات الدّعوة والدّاعية” وكتاب سيد قطب “معالم في الطريق” المؤسّسيين الفعليّين للإسلام السياسيّ والمراجع الأساسيّة له؛ وبالتالي سبب ابتلاء العالم بالإرهاب الجهاديّ في أجزاء كثيرة من العالم. إن الريسوني بتصريحه هذا يفصح لا شعوريا على موقفه وموقف أتباعه من مفهوم الوطن-الدولة ويفضح ما يضمرونه والذي ليس في نظرهم إلا قوة من بين القوى المتعددة المعادية والمتحكمة ومتى تأتى الوصول للخلافة الكاملة فلا وطن إذاك ولا هم يحزنون وكما يقول المثل الأمازيغي ” ما يدور في خلد القط يحرك ذنبه ” هكذا موقف يصدر عن منظر حركة التوحيد والإصلاح يؤكد امتداد الفكر ألإخواني في مرجعياتهم بالرغم من الحذر والحيطة ، إلى جانب انبطاح ذراعهم السياسي للمخزن كتكتيك للتمسكن من أجل التمكن من بعد، ولا أدل على ذلك ما أتى به أحد المنشقين من الإخوان المسلمين الدكتور ثروت الخرباوي في كتابه “قلب الإخوان”: … لا علاقة لهم بالفضيلة ( يعني الإخوان)، وإنّما كانوا تيارا دينيا سياسيا براغماتيا ميكيافليا متلهفا على السلطة، كل الوسائل مبررة عنده من أجل تحقيق غاياته. انتهى كلام المؤلف. فخطورة هكذا مواقف تكمن في مفعولها لدى ما تنتجه إيديولوجية الإسلام السياسي من مريدين تشبعت عقولهم برؤية سوداويّة تنظر إلى العالم باعتباره جملة من الشرور والمهاوي، والحل بالنسبة لهم يكمن في الإسلام، وليس في إسلام المغاربة الذي تعايشوا معه وأدمجوه في ثقافتهم بالمعنى الإنتربولوجي، وإنّما إسلام السلف، إسلام لا يعتبر الفساد في أصل العالم وإنّما المفسدون هم من أفسدوه ، ومأتى المفاسد كثيرة، منها الغرب الكافر والعلمانيّون المتغربون في أرض الإسلام وجب تطهيره منها ،وتطهير العالم من تطهير النفس من الدنس، وعبر هذه الديماغوجيا تتسلل إيديولوجيا القتل والتفجير لتحقيق الخلافة الكاملة حيث مطلق السعادة بتطبيق شرع الله وفرائضه ؛ ومن هنا يتم تحويل السعادة باعتبارها المحفز لأعمال الإنسان إلى تعريفها بنهاياتها ومآلها من خلال إزاحة المفهوم من مجاله الإنساني الدنيوي إلى المجال الآخروي الغيبي، وهذه الإزاحة هي التي تعد الإسلامي نفسيا وسيكولوجيا لفعل القتل والتفجير، ويكون مقتنعا تمام القناعة بأنه يمكن أن يحقق السعادة رغم أنه لن يعيشها فعلا في الدنيا فالسعادة لدى الإسلامي هي صنو الموت وبالتالي يصبح هو المطلب الرئيسي. قد يتهافت البعض ويستثني الإسلاميين المعتدلين، في الحقيقة سيكون على الصواب لو أن المعتدلين لا يلتقون مع المتطرفين في نفس الهدف وهو إقامة الخلافة فالمعتدلون هم يمتلكون رأسمالا رمزيا مرتبط بمصالحهم حال دون تطرفهم وكتكتيك ومناورة يعتبرون الكائن خلافة ناقضة والسعي حثيث نحو الخلافة ، فيما المتطرفون هم من لا يملكون ذلك الرأسمال الرمزي أو فقدوه والوصول إلى الخلافة الكاملة أمرا أنيا وملحا. وعليه فالإسلامي المعتدل والمتطرف سيان في الهدف آلا وهو الخلافة ، وكلاهما يطمحان إلى السعادة وسعادتهم في إجبار المجتمع السير القهقرى، ورجم الناس وقطع أعضائهم وزج الرؤوس واغتيال المعارضين الخ كل الفضاعات التي وثقوها الإخباريون عن الخلافة في أشكالها المتعددة منذ حادث السقيفة إلى مقتل علي بن أبي طالب. وتذكيرنا بهذا لإظهار أن المطالبة بالخلافة في عصرنا هذا لا يمكن تحقيقها إلا بالعنف سواء في سياق العدل والإحسان أو في سياق الدراع الدعوي للعدالة والتنمية بالرغم من إعلانهم لنبذ العنف ، لأن إيديولوجيات الإسلاميين مهما اختلفت تلتقي عند السعادة صنو الموت ـ
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.