من نحن ؟!

بقلم مريم المعطصم

سؤال طرحناه جميعا في لحظة ما في مكان ما من هذا العالم. وقبل أن نستقر على جواب يسعد الروح أو على الأقل ينير لها الطريق لتمضي، نعيش حالة من التيه و التردد و الشك . وأنا كباقي الناس قبل أن أستقر على أجوبة مسكنة للآلام كنت أحدث نفسي قائلة:
حياة جديدة، وفاة مفاجئة، رجل غريب مع امرأة لوحدهما في البيت، بشر من البطن يخرجون، من طين مصنوعون، كيف ذلك؟! كيف يعقل ذلك ؟! لا طين بجسمي، أين هو؟ …لا أراه.

في مكان موحش ومخيف، يترك الناس أقاربهم، يحفرون الأرض، ويضعونهم هناك تحت الثرى، مع الحشرات، لوحدهم، ثم يعودون لبيوتهم وينامون.
للإنسان عقل، العقل هو العضو المسؤول عن التفكير، بهذا العقل، إخترع الإنسان من بين ما اخترع التلفاز .في بيتنا تلفاز واحد، غالبا ما نتعارك على المتحكم به، في هذا الجهاز تبث مسلسلات وأفلام، معظمها تمهيد، طرح للعقدة، ثم حل .في نهايتها قد يموت الممثلون بعد أن يمرضوا أو يتعرضوا لحادث، ثم يدفنون، يبكي الجميع، وأنا أبكي معهم، ولكن بعد فترة من الزمن، أراهم مجددا في نشرة الأخبار، في برامج، وفي أفلام أخرى ،أحياء، يبتسمون ، ويعيشون الحياة من جديد .كل ما أسمعه و أراه ربما هو من صنع هؤلاء، نهاية الحياة هي نهاية فيلم ، سيوقف أحدهم التصوير الآن، ويصرخ بكل ما أوتي من قوة” we finished “، لابد أن أفهم مايجري حولي، من أنا ؟…من هؤلاء؟ من نحن؟

الكلام أعلاه كلامي، حينما كنت في الدرج الأول من سلم الإدراك، أتحمل كامل مسؤوليتي فيه، أقول دائما ما يقوله مولنا جلال الدين الرومي “لكل امرئ طريقته الخاصة مع الله، إن الله لا يؤاخدنا بكلماتنا بل ينظر في أعماق قلوبنا ” لذلك أنا لست خائفة. بحواسي كنت أعطي معاني مبعثرة للأشياء ولكنني فيما بعد فهمت، و إن لم أفهم كل شيء، فالقاعدة تقول: دائما هناك مالا يفهم ، ولا يمكن أن يفهم، هي إرادة الحق سبحانه في عباده.

تبدأ قصتنا، تلك التي رواها لنا الله في كتابه الحكيم، بعد أن خلق جل جلاله الكون والسموات والجنة والنار والماء وجعل عرشه عليه، وخلق آدم عليه السلام، من ماء وتراب، طين ثم حمأ مسنون، ليصير كالصلصال، ثم نفخ فيه من روحه، فخلق بذلك الحياة، الحياة التي لا يمكن للإنسان أن يعيشها وحده، فالإنسان كما هو معلوم كائن اجتماعي بطبعه، لذلك خلق حواءثم بعدما حدث ما حدث وفعل الشيطان فعلته التي لا أسامحه عليها ، تكاثر النسل بطريقة مبهرة، يقول الله سبحانه “ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين “سورة المؤمنين الآية 12-13 .

هذه هي قصتنا، فهمتها بعد بحث طويل ، أبي ساعدني في فهمها، تعامل معي كلقمان مع ابنه، وكذلك فعلت أمي. المدرسون ليسوا جميعهم كالرسل ،بعضهم فقط من أفادوني، فقيه مسجدنا أيضا، وكتب مؤلفينا، وأيضا دروس مدفوعة الثمن من الحياة .
قرأت في يوم من الأيام قولة لجلال الدين الرومي وعملت بها لأنها أعجبتني ووافقتني كثيرا “إنه يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء في هذا الكون ” كنت أرى الله في كل شيء وأكلمه دوما، دعوني أخبركم سرا حينما أصلي وأسجد أحس بأنني أضع رأسي على كتفي الله وليس على الأرض!!.
إن مرحلة الكمون، يقول سيغموند فرويد، هي أهم مرحلة في حياة الإنسان، حيث يتم النمو العقلي والإنفعالي و الإجتماعي، ينصرف فيها الطفل عن ذاته إلى الإنشغال بمن حوله. في هذه المرحلة نحتاج ليد تمسك بنا وتوصلنا إلى بر الأمان.

للذين يقرؤن ما كتبت، كنوا مع أبنائكم، تلاميذتكم، وهم يسألون، أرشدوهم إلى حيث الطمأنينة و السكينة، أرشدوهم إلى الحق سبحانه ليجيبهم على السؤال :من نحن؟!


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading