من “المغربة” الى “تامغريبيت”
من “المغربة” الى “تامغريبيت”
ذ. الحسن زهور
غالبا ما ترتبط بعض المصطلحات المتداولة في الساحة بزمنها السياسي و الايديولوجي و الثقافي… فتعبر عن مرحلة ما و عن توجه عام …لتؤرخ هذه المصطلحات لحقبة ما، انغلاقية او منفتحة، استبدادية او ديمقراطية…
ففي تاريخنا المعاصر عرفت بعض المصطلحات السياسية و الايديولوجية و الثقافية المتداولة في المغرب تحولا في صيغتها الصرفية لتوافق التحول السياسي و الايديولوجي، و لتعبر عن مرحلة جديدة شهدها البلد سياسيا و ثقافيا منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي.
من هذه المصطلحات الأساسية، مصطلح ” المغربة” الذي تبنته الحركة الوطنية بوجهيها السلفي و اليساري منذ الستينات ضمن المبادئ الأربعة المشهورة التي حملتها و فرضتها في التعليم و هي: المغربة و التعريب، و التعميم و الوحيد. لتشمل المغربة و التعريب باقي نواحي الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية…
مصطلح “المغربة” هنا مرتبط مباشرة بالتعريب، اي ان المغربة هنا ملازمة لمبدإ التعريب انسجاما مع ايديولوجية الحركة الوطنية الحاملة للايديولوجية القومية العربية و الرامية إلى تعريب المغرب و إلحاقه بالشرق بكل الوسائل الرسمية المشروعة و غير المشروعة، اي محاولتها استنساخ التجارب الشرقية السياسية و التعليمية و الثقافية في البلد، و نعرف كيف انتهت هذه التجارب في بلدانها.
و امام اخفاق مشروع الحركة الوطنية نتيجة استنباتها لمشروعها هذا في جغرافية متميزة بتاريخها و بحضارتنا المتميزة و بثقافتها الامازيغية المستعصية على التدجين، بدأ مصطلح ” المغربة” المرتبط بالقومية العربية الاستبدادية ينزاح عن موقعه الايديولوجي ليتكيف مع التحولات الثقافية و الهوياتية التي احدثها الحركة الامازيغية بالمغرب و مع التحولات السياسية التي شهدها البلد نحو العودة إلى خصوصيته التاريخية، فتحولت صيغة ” المغربة” القومية الى صيغة ” تامغريبيت” الحاملة للهوية المغربية من حيث صيغتها الصرفية الأمازيغية اولا ( صيغة تامغريبيت), و من حيث مدلولها الثقافي و السياسي اي الانتماء الى هذا الوطن ثقافيا و حضاريا.
فان ينتقل المغرب من ” المغربة” الى ” تامغريبيت” عبر مسار طويل من النضال الثقافي الذي بدأه رواد الحركة الامازيغية منذ السبعينات هو تحول تاريخي بالنسبة لهذا البلد، لأنه ارجع المغاربة إلى الاهتمام بقضاياهم الوطنية و بالافتخار بهويتهم الثقافية و بحضاراتهم، و بأنه شعب ضاربة جذوره في التاريخ و حري ان يحتذى به بدلا من ان يحتذي هو بدول ليست لها ما له من عراقة و حضارة و ثقافة.
حيث بدأ هذا المصطلح الجديد يظهر منذ الألفية الثالثة في بعض الصحف المغربية التي غيرت بوصلتها من اتجاهها القومي نحو الوطني ، و يظهر كذلك الآن في خطاب بعض الاحزاب الوطنية التي بدأت تدخل هذا المصطلح في خطابها السياسي و الايديولوجي.
استطاع هذا التحول من ” المغربة” الى ” تامغريبيت” أن يجنب البلد ويلات الايديولوجيات التي ارتبطت بالمغربة، فلو نجحت( لا قدر الله) علاش البلد الآن ما تعيشه البلدان التي طبقت هذه الايديولوجيات.
التعليقات مغلقة.