من المسؤول عن إغتيال الفنان الأمازيغي؟
إذا كان الدستور المغربي يقر “بالمساواة بين المواطنين؛ وضمان الحق في العلاج والصحة”؛ فإن الفنان المغربي عامة والأمازيغي خاصة يعيش الأمرين عندما يلزمه المرض الفراش؛ بسبب غياب التغطية الصحية؛ ففي الآونة الأخيرة أصيب العديد من الفنانين والفنانات اﻷمازيغ بأزمات صحية مزمنة أسقطت بعضهم في الفراش؛ وتسببت للبعض الآخر في مغادرة هذا العالم في صمت مطبق من لدن الجهات المكلفة بالحقل الفني بجهة سوس ماسة؛ من مندوبية الثقافة؛ ونقابة الفنانين. مما يطرح أكثر من علامات إستفهام حول دور هذه الجهات في حماية الفنان الأمازيغي؛ وحول أحقيته في العلاج والعناية اللائقة؟
يصاب العديد من الفنانون بوعكات صحية خطيرة عجلت بتوقف بعضهم عن الإشتغال في المجال الفني؛ فحين أن آخرين توفتهم المنية بسبب الإهمال الذي يطال أوضاعهم الصحية؛ ومن بين هؤلاء نذكر:
عبد العزيز الشامخ؛ عموري مبارك؛ أنظام؛ وكان أخيرهم الفقيد أحمد أمنتاك؛ هؤلاء الذين لم يموتوا موتا طبيعيا؛ بل إغتلتهم أيادي المتربصين والمتلاعبين من المسؤولين بالجهة ؛ بسبب اللامبالاة والإهمال ونهجهم لسياسة “صمت الجبال وسكوت المقابر”.
لهذا أقول لك هؤلاء إن كنا نحب هؤلاء وهم أحياء ونتلذذ بإبداعتهم وهم في لحظات فرح يصنعونها من أجلنا رغم المعاناة ؛ ورغم الظروف الصعبة التي يعيشونها إجتماعيا؛ حتى إذا مات منهم من حان أجله المحتوم؛ فربما نكرم بعضهم بعد فوات الآوان؛ كما قد نتجاهل جلهم بالمرة.
بالأمس قتلتم هؤلاء الفنانين وهم يحملون بين أحشائهم خناجر التجاهل والإهمال؛ واليوم فمن بقي على قيد الحياة؛ فهو يعاني في صمت؛ولا يسمع أنينه إلا الله سبحانه وتعالى؛ فبعد سنوات من العطاء والإبداع والشهرة يأتي زمن الإهمال والنسيان والمعاناة الفردية في غياب التغطية الصحية والتفات الجهات الوصية؛ فها نحن نشاهد الموت البطئ لهؤلاء الذين تستنزف المستشفيات ما تبقى من دمائهم؛ وحتى من الناحية الإعلامية فالفنان الأمازيغي لا يستفيد من التفاتة إعلامية كافية؛ لا تضعه برامج وزارة الثقافة إلا ضمن هوامشها ورفوفها التي يطالها الغبار والنسيان؛ بل ويمتص كذلك المنتجون إبداعاته وحقوقه في ظل”السيبةوالعشوائية” التي يعرفها المجال الفني.
إن الفنان الأمازيغي اليوم لا تكفيه فقط تصفيقات الجمهور وحبهم له؛ أو حتى تعلقهم به إلى أرقى درجات الهيام والعشق؛ فهو بحاجة إلى جانب هذا الحب؛ إهتماما آخر من المسؤولين على إدارة الشأن الثقافي والفني بالبلاد لتحسين ظروفه المعيشية عن طريق تنظيم حياته المهنية؛ وترتيب أوراقه القانونية؛ وهذا هو الدور الذي يجب أن تضطلع به نقابة الفنانين بالجهة عوض الإسترزاق بأسمائهم؛ وذلك حتى يتسنى للفنان الأمازيغي العيش على الأقل في المستوى العادي كباقي المواطنين الذين ينتمون لهذا الشبر الغالي من هذا الوطن؛ خاصة وأن المغرب عزز إهتمامه مؤخرا بالعنصر البشري من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ لما للعنصر البشري من أهمية بليغة في الدفع بعجلة التنمية للبلاد إلى الأمام؛ ولا أعتقد أن الفنان الأمازيغي بصفة خاصة سيخرج من حسابات هذه التنمية البشرية؛ بإعتباره في المقام الأول؛ والوجه الذي يمثل الوطن في المحافل الفنية الدولية؛ ومن الواجب أن يكون هذا الفنان سفيرا لوطنه؛ لذلك يجب على المسؤولين على الحقل الثقافي الفني بالجهة الإهتمام بسفرائهم المبدعين حتى لا يعيشوا خارج الزمن؛ من خلال توفير تغطية صحية لكل فنان أمازيغي بدون إستثناء لأنه يستحق أكثر من ذلك؛ خاصة وأن هذه التغطية حتى وإن توفرت لدى البعض فإنها تغطي فقط 80% من التكلفة الإجمالية لمصاريف العلاج؛ أما العشرين بالمائة المتبقية نعتبرها في ظل الوضعية الحالية للفنان الأمازيغي.
إن مسألة التغطية الصحية للفنان الأمازيغي تشكل عبئاً كبيرا يثقل كاهله ويقض مضجعه في إنتظار تكثيف الجهود والإجتهاد لتوفيرها على الأقل حتى يتمكن من تجاوز هذه”السيبة” التي يعرفها القطاع الفني بسوس؛ وخاصة الموسيقية منها؛ لأن الفنان السوسي في أصله يشتغل بصفة مؤقتة وموسمية فقط؛ هذا إن إشتغل في ظل تحكم بعض اللوبيين والمافيات في المهرجانات التي تنظم بالجهة؛ فمبالك إن دب الوهن إلى جسده؛ فمن يتحمل مصاريف علاجه وتوفير العناية له؟
لهذا وجب على المسؤولين في تذبير الشأن الثقافي و الفني بالجهة من مندوبية الثقافة ونقابة الفنانين إلى فتح الأبواب في وجه كل الفنانين بدون إستثناء؛ وتلبية مطالبهم المشروعة؛ وفي مقدمتهم حقهم في الصحة والتطبيب؛ وأن يتفهموا الوضع المزري الذي يعيشه الفنان اليوم؛ فهو ليس بموظف أو مستخدم في قطاع آخر؛ أو ماشابه ممن يتقاضون رواتب شهرية قارة؛ وإنما الفن هو مصدر رزقهم الوحيد؛ لذلك يجب وضع هذا الإعتبار لأهميته أثناء التعاطي لمطالبهم؛ كما يجب الوضع في الحسبان كذلك أن الوجه المعبر لأي بلد هو مثقفوه وفنانه ؛ فبواسطتهم يمكنك تمييز حضارته وثقافته المتنوعة؛ إذ من العار والعيب أن يبقى وجه الفن والفنانين على ما هو عليه الآن؛ لهذا يمكن القول أن العيب ليس في الفنان كما يدعون أصحاب القرار ؛ وإنما العيب في عقلية المسؤولين عن تذبير الشأن الثقافي والفني بمدينة أكادير وجهة سوس ماسة عامة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.