لم تكن فكرة المواطنة الناشئة والدالة على معاني الاستقرار والاختيار والاندماج في الجسم العربي إلا تطويراً لحالة الاغتراب ونوعاً من القفز على مفاهيم الدولة الدينية، وهي فكرة مازالت مشوشة عند الكثير من الإسلاميين تأثراً ببعض المواقف الفقهية التي ترى فيها محاولة لتقويض أركان الدولة.
فضلاً عن كونها في بعض تجلياتها تلغي بعضاً من الخصوصيات، وتستدعي بعضاً من المماحكات مع الهويّة في المعارضات والموافقات في الحقوق والواجبات، ومعلوم أنّ الأقلية داخل الدولة الوطنية الفتية ذات هوية ثقافية، وهي مأمورة بالمحافظة عليها والتمسك بعناصرها أمام زحف ثقافة مغايرة ضاربة في جذور القانون والاجتماع، وهي ثقافة الأغلبية وأصحاب الأرض.
وتكبر مسؤولية الهويّة ويعظم خطبها في كونها ليست مجرد هويّة انتماء شخصي محدودة الأثر، بل هي امتداد حضاري وإنساني، وفي ضوء هذه الإشكالية تتداخل مفاهيم الهويّة والمواطنة والاندماج لتشكل عنوان التحديات الجديدة للجيل الجديد من المغتربين/ المواطنين، وهي عناصر تفصح عن جدليات الأنا والآخر في أبهى صورها، وتشي بكثير من الحدة في ترميم الشخصية النموذجية للمسلم الآفاقي في بلاد الآخرين.
1- المواطنة والهويّة مقاربة في المفهوم والتاريخ:
أ- المواطنة بمعناها اللغوي مشتقة من وطن، وهو بحسب كتاب لسان العرب لابن منظور: “المنزل تقيم فيه، وهو موطن الإنسان ومحله …، ووطن بالمكان وأوطن أقام، وأوطنه اتخذه وطناً…، والموطن… المشهد من مشاهد الحرب وجمعه مواطن، وفي التنزيل العزيز (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)[1]…، وأوطنت الأرض ووطنتها توطيناً واستوطنتها أي اتخذتها وطناً، وتوطين النفس على الشيء كالتمهيد”[2].
وورد في القاموس المحيط: الوطن، محركة ويسكن: منزل الإقامة ومربَط البقر والغنم، جمعه أوطان، ووطَن به يطِن وأوطَن: أقام، وأوطَنه ووطْنه واستوطنه: اتخذه وطناً، وواطنه على الأمر: وافقه[3].
أمّا المعجم الوسيط فقد جاء فيه: الوطن: مكان إقامة الإنسان ومقرّه وإليه انتماؤه، ولد به أو لم يولد[4].
والملاحظ على هذه الاشتقاقات المختلفة أنّها لم تذكر فعل: واطن، أو مواطن اسم الفاعل الذي اشتق من الفعل، فصار مصدره القياسي مواطنة.
وإنّما ورد فعل واطن بدلالة أخرى مغايرة عمّا تدل عليه الاشتقاقات السالفة الذكر، فكان لزاماً على مجمع اللغة العربية أن يستدرك هذا الأمر لعدم وجود مظان لهذا المصطلح بهذا المعنى في قواميس ومعاجم اللغة العربية، فنحت مدلوله الجديد الذي أفاد المعاني التي سبق التطرق إليها، حيث جاء في المعجم الوسيط الذي ألفه المجمع: واطن القوم: عاش معهم في وطن واحد (محدثة)[5].
ولهذا فالمواطنة مصطلح مستحدث ومستعرب عن اللسان الغربي اللاتيني والفرنسي والإنجليزي، ويعود أصل كلمة المواطنة ومدلولها إلى عهد الحضارة اليونانية القديمة وهي مأخوذة من كلمة Polis وكانت تعني المدينة باعتبارها بناء حقوقياً ومشاركة في شؤون المدينة.
كما تستعمل كلمة المواطنة كترجمة للكلمة الفرنسية Citoyenneté، وهي مشتقة من كلمة Cité، وتقابلها باللغة الإنجليزية كلمة Citizenship المشتقة من كلمة City أي المدينة.
واصطلاحاً فإنّ المواطنة في أبسط معانيها تنطوي على مجموعة من الحقوق والممارسات المعبرة عن وجود حسٍّ جماعي، يلتحمه وعي عام بالخصائص المشتركة بين المواطنين أفراداً وطوائف وأقليات من داخل الدولة نفسها، حتى إن تباينت فيما بينها لغة أو عقيدة أو لوناً فإنّها تتقاسم مجموعة من الأصول والقوانين التي تستلهم منها وحدتهم وتساويهم أمام القانون ومصالح الدولة.
فهي مفهوم “يعبّر عن الانتماء السياسي لفرد إلى كيان، وهو غير الانتماء القومي والانتماء الديني، فهذه الانتماءات لا تتطابق، ولكنها تتقاطع فيكون بينها عموم وخصوص”[6].
والمواطنة هي صفة المواطن الذي له حقوق وعليه واجبات تفرضها طبيعة انتمائه إلى وطن، ومن هذه الحقوق على سبيل المثال لا الحصر: حق التعليم وحق الرعاية الصحية وحق الشغل، أمّا الواجبات فمثالها: واجب الولاء للوطن والدفاع عنه، وواجب الانضباط للقانون ودفع الضرائب.
وبناء عليه فالمواطنة علاقة الفرد بدولته يحددها الدستور والقوانين المنبثقة عنه، والتي تحمل معاني المساواة بين من يسمون مواطنين وتكافؤ الفرص في اكتساب الحقوق وأدائها.
وتحيل المواطنة بهذا المعنى على حالة الدولة الوطنية الهادفة إلى إقامة مجتمع وطني يقوم على اختيار إرادة العيش المشترك بين أبنائه، وعلى حالة النظام الديمقراطي الذي يوازن بين الحقوق والواجبات ويقيم العدالة الاجتماعية بين المواطنين باختلاف توجهاتهم وخلفياتهم.
لذلك فإنّ نوعية المواطنة في دولة ما تتأثر بالنضج السياسي والرقي الحضاري والوعي القانوني، وهي فكرة ارتبطت بنشوء الدولة القومية والعلمانية بالغرب، وتُعدّ من أهمّ المفاهيم في الفكر الليبرالي كنسق للأفكار والقيم، ومن ثم تطبيقها في الواقع الاقتصادي والسياسي في القرون الأخيرة في أوروبا، وما ترتب عليها من آثار على البنية الاجتماعية والعلاقات السياسية في القرن العشرين والوقت الحاضر.
وهي تشكل انتقالاً من الشخص والرعية التابع والمنفذ المطيع، إلى الإنسان المشارك والمساهم في صنع الحياة المجتمعية بكلّ تعبيراتها، وقد شكلت قطيعة مع القرون الوسطى في أنحاء المعمورة بالانتقال من الحق الإلهي إلى حق المواطن، من المنظومة السياسية القائمة على الأقوى إلى منظومة تعتمد الاختيار الحر والانتماء المشترك لمجتمع مدني.
ب- وعلى غرار المواطنة لم ترد الهويّة في المعاجم العربية، إنّما أضافها مجمع اللغة العربية في المعجم الوسيط، وأعطاها معنى فلسفياً وهي: “حقيقة الشيء أو الشخص التي تميزه عن غيره، وبطاقة يثبت فيها اسم الشخص وجنسيته ومولده وعمله وتُسمّى أيضاً البطاقة الشخصية (محدثة)”[7].
وهو معنى قريب لما ذكره الجرجاني في التعريفات، إذ لامس هذا المفهوم من زاوية صوفية حينما وصفه بـ “الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق”[8].
وهي مشتقة من الضمير “هو” المركّب من تكرار لفظه فقد تمّ وضعه كاسم معرف بأل، ويشير مفهوم الهويّة إلى ما يكون به الشيء هو نفسه في تشخصه وتحققه وتميزه، وهي الوعي بالذات الثقافية والاجتماعية، وهي سمات تميز شخصاً عن غيره أو مجموعة عن أخرى، وهي الخصوصية في العقيدة واللغة والتاريخ والحضارة، وهي من صميم الشخصية لا تتجزأ عنها، لكنها غير ثابتة تتغير أو تتجدد تبعاً لتحول الواقع.
إنّ هويّة أية أمّة هي صفاتها التي تميزها من باقي الأمم لتعبر عن شخصيتها الحضارية، فهي وعاء الضمير الجمعي لأيّ تكتل بشري ومحتواه في القيم والعادات ومقومات وعي الجماعة وإرادتها في الوجود والحياة.
وتتكون عادة عناصر الهويّة من جماع ثلاثة أمور: الدين الذي به يفسر الوجود، واللغة الواسطة التعبيرية الطيعة لنقل الخطاب، والتاريخ الذي يحفظ الذاكرة وينعش الإحساس بالانتماء.
وينتصب الدين في هرم عناصر الهويّة مشكلاً محرّكها الدافع إلى الاستمرار والعطاء، ومنه تغترف بقية العناصر وترفد الهويّة بجملة من الخصائص الحضارية والإنسانية لأمّة من الأمم.
والهويّة الحديثة في الفكر الأوروبي لا تخرج عن عملية تاريخية وحضارية تنتقل بالبشرية من الهيمنة الشمولية “للنحن”، إلى حالة متقدمة “للتفرد”، من خلال تكريس مفاهيم حقوق الإنسان وتنمية الحريات الفردية التي طالت المعتقدات وكافة الأنشطة البشرية.
فسيرورة “التفريد” التي تنتقل بالبشر من الأشكال الأولى لتمايز الجماعات على أساس روابط الدم والدين واللغة والتقاليد، إلى التركيز على الفرد كمحور لانطلاق مشاريع الإنماء والإقلاع الاجتماعي، هذا كله سيسمح للأقليات الدينية بأن تنصهر في لحمة المجتمع الغربي، وستزول العراقيل الدينية المانعة من تعارف المعتقدات، وسيتم التركيز على حالات الأفراد كمواطنين مستقلين لا كامتداد لمعتقدات معينة.
لأنّ الهويّة القومية تواجه إشكالية ولادة هويّات جدية في أحشائها، ممّا يفرز حالات إنضاج واحتضار في الهويّات المتعارضة، فكلّ محاولة دمج لمجموعة من الهويّات القادمة من ثقافات متفرقة ومتباعدة وتحويلها إلى هويّة واحدة، في إطار مشاريع محددة سلفاً لرسم معالم هويّة جديدة، تحمل كلّ مخاطر القمع الاجتماعي والثقافي والنفسي بشكل مباشر أو غير مباشر.
لقد فرضت الأمّة القومية نفسها بالتدريج كصيغة غالبة للنحن المجتمعية في أوروبا، وتمتع صعود الفكرة القومية بشرعية متصاعدة للهويّة القومية باعتبارها الصيغة السائدة للهويّة منذ القرن الثامن عشر حتى القرن الماضي.
ولم تتشكل عملية “الوعي القومي” دون مخاضات مؤلمة، وبقدر ما كانت تتبلور في إيديولوجيات بقدر ما تركت الباب مفتوحاً أمام كلّ تعبيرات التطرف، فباسم القومية سترتكب جرائم ضدّ الإنسانية بشكل لا سابق له، وخاصة في حربين كونيتين مدمرتين للإنسان والكون والعمران.
إلا أنّ مسيرة الدول منذ منظمة الأمم المتحدة تتوجه نحو “نحن” معولمة مفتوحة على التعددية ومتعالية على فكرة القومية، إنّها بتعبير أوضح تتجه نحو صياغة الهويّة على أسس مبادئ الإنسانية كانتماء مشترك بين بني البشر، وهي فكرة تمخضت عن سلسلة من النقاشات الفكرية والحقوقية وعن حالات من الإحباط السياسي والاجتماعي التي أدت إلى التفكير في إنتاج ضمائم جديدة تلمّ بالمجتمع الإنساني.
فكيف يمكن أن تتحد الهويّة مع المواطنة في عناصر واضحة؟ وهل من حلول لتتماهى المصالح الخاصة بالمواطنين مع مقتضيات الهويّة، حتى يرتفع الخلاف بين مكونات المجتمع وليستقيم حاله على بينة في السلم والتنمية والاندماج؟
لكن أولاً كيف تتحدد العلاقة بين الهويّة والمواطنة؟ وما المشكلات الناجمة عن هذه العلاقة؟ وكيف السبيل إلى تذليل صعابها؟
2- علائق الهويّة والمواطنة وتحديات المزاوجة بينهما:
عادة ينظر إلى المواطنة في تفريقها عن الهويّة بأنّها انتساب جغرافي إلى أرض معينة، فيما الهويّة انتساب ثقافي إلى معتقدات وقيم ومعايير محددة، لكنه ومع تطور مفهوم المواطنة صارت هي نفسها انتساباً ثقافياً، لأنّها بدون مضمون ثقافي لا شيء، وكلّ بلد يعطيها مضموناً معيناً ينمّ عن ثقافته وخصوصيته الفكرية والقانونية والاجتماعية.
الهويّة إيمان ذاتي بمجموعة من الالتزامات والمفاهيم عن الحياة والناس، وهي كذلك حمل البلاغ المبين إلى الآخرين وإشراكهم في الانتماء إلى تعاليمها، ثمّ هي في الأخير تسامح واعتدال وتعايش مع المخالفين مع البر بهم والقسط إليهم.
والمواطنة انتماء لبلد ومجتمع يقف على أرضه، وهي اكتساب مجموعة من الحقوق والفضائل التي يحميها القانون ويرسخها سلوك الجماعة، كما هي مجموعة من الواجبات والفروض التي يستلزمها الانتفاع بالحقوق.
لذلك فالهويّة لازمة للمواطنة والعكس صحيح، فالمواطنون لا بدّ لهم من نظام سياسي وعلاقات اقتصادية واجتماعية وقوانين تضبط هذه العلاقات، وكلّ هذا إنّما يُبنى على معتقدات وقيم ومعايير معينة ينتظمها تأليف الهويّة.
والهويّة بدورها تظل ماهية مجردة بدون دولة تحميها ومجتمع يعتنقها وقوانين يحتكم إليها الناس، لأجل إقامة العدل وحماية الحريات والمعتقدات وخصوصيات الأفراد والمساواة أمام أجهزة الدولة، في إطار المواطنة الكاملة المكفولة بدولة الحق والقانون.
وهناك علاقة جدلية بين الهويّة والمواطنة من حيث التداخل في الأدوار والوظائف والحدود المجالية التي تشكل مداخل للتآلف أو للتخالف بينهما، فقد تتآلف المواطنة مع الهويّة في أعيان كما تتخالف في أخرى، فمثلاً حينما نقول إنّ فرنسا كنموذج ترتكن إلى مبادئ ثلاثة، وهي الحرية والمساواة والأخوة، وهي عناصر الهويّة الفرنسية كما هي نفسها ملامح المواطنة بفرنسا، وهنا لا تعارض بين مقولتي المواطنة والهويّة على هذا المستوى العام، لكنه عند التفاصيل سنجد داخل هذه الهويّة هويات كثيرة تتقارب بقدر ما تتباعد لغة ومعتقداً ولوناً.
فالاتحاد ينبغي أن يكون على مستوى الكليّات الجامعة والمبادئ العليا، فيما تظلّ التفاصيل مجالاً خصباً للتعددية والاختلاف والتسامح، حتى لا يتحول الوطن إلى سجن قسري لضغط التنوع في قوالب الإكراه والإقصاء.
لأنّ المواطنة ليست دائماً ضمائم اجتماعية قسرية تنتزع من المتآلفين على نسيجها خصوصياتهم وعاداتهم في ممارسة بعض حقوقهم التي تقوم عليها ثقافتهم، بل إنّ المواطنة الحقة هي التي توحد بالقدر الذي تسمح بنوع من الاختلاف والتسامح والتعددية، حتى تكون أدعى إلى صياغة مجتمع موحد في إطار التعددية.
وبالنسبة إلى الأقليات الدينية في ظلّ الأكثرية، فمحك الدولة المواطنة يتجلى في تقديم قدر معين من الحريات الدينية والاجتماعية لهذه الفئة الضعيفة والقليلة العدد، حتى تتمكن من الاندماج السلس في كيان المجتمع الأكثري ويسهل تكيفها مع المناخ الجديد، والذي توجد ضمنه بعض الأعراض الجانبية التي قد لا تلائم هويّة الأقلية، لكنها لا تضرّ مادامت أصول التعايش معززة بقوة القانون.
وإلا فما معنى الحديث عن حقوق الأقليات، ما دامت المواطنة لا تسمح بنوع من المرونة الفكرية والاجتماعية التي تقبل بالمخالف ولو تعارض مع أذواق الأكثرية الحاكمة؟
وقد حكى لنا التاريخ أنّ مجتمع المدينة من خلال صحيفتها المؤسسة والمؤصلة للمواطنة في الإسلام[9]، أعطت حق المواطنة للمقيمين في المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود وغيرهم بصرف النظر عن العقيدة، وجعلت غير المسلمين في دولة المدينة مواطنين فيها لهم من الحقوق مثل ما للمسلمين وعليهم من الواجبات ما على المسلمين، إذ على أساس قاعدة المساواة في الحقوق والالتزامات بين اليهود والمسلمين والنصارى وغيرهم تَشكل المجتمع الإسلامي.
روى ابن هشام عن ابن إسحاق قوله: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم واشترط عليهم وشرط لهم، ثم ذكر بعضاً من نص الصحيفة وفيه: “باسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم، فلحق بهم، وجاهد معهم، إنهم أمّة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم[10] يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم[11] بالمعروف والقسط بين المؤمنين…”[12].
وهذه الصحيفة جاءت على ذكر أسماء كثير من القبائل كبني عوف وبني الحارث وبني جشم وبني النجار وبني عمرو بن عوف وبني النبت وبني الأوس، وهي قبائل أو أقليات إن شئنا التعبير على هذا النحو، تحالفت واتفقت على تعاقد اجتماعي وسياسي يقضي بالمساواة بين أطراف الاتفاقية والتضامن بينهم ولو اختلفت أفكارهم ومنطلقاتهم، وهذا الدستور يشكل بوادر لفكرة المواطنة والتآلف على مفاهيم قانونية على أساسها تقوم الدولة، كما تنشأ الوحدة بين مختلف الهويات التي تنصهر في أصول المواطنة المؤسسة على السلم والعدالة والتضامن[13].
وهذه الوثيقة تجعل غير المسلمين المقيمين في دولة المدينة مواطنين فيها، لهم من الحقوق مثل ما للمسلمين، وعليهم من الواجبات مثل ما على المسلمين إلا ما استثني بنص أو إجماع وذلك مقتضى الشراكة في الوطن الواحد.
وهي وثيقة جاءت كثمرة لمشاورات بين المهاجرين والأنصار والجماعات اليهودية والقبائل العربية التي كان لها حضور في المدينة، ولم يفرضها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أنه يمثل الفئة الأغلبية القوية عدداً وعتاداً وتنظيماً.
وإذا كانت المواطنة تنفتح على هويات متعددة، فكذلك لا بدّ للهويّة أن تنفتح على بقية الهويّات، فلا يعقل أن تنغلق الهويّة على نفسها وعلى أجزاء من تراثها حتى ولو تعلق بالأعراف المتبدلة، فلا بدّ أن تكون طيعة للتكيف الإيجابي الذي يراعي الأصول ولا يفرط في المبادئ، لكنها تقبل أن تخضع الفروع والأحكام المتغيرة لسلطان الواقع وإكراهات الحال.
وإذا نظرنا إلى محتويات الهويّة فهي مركبة من عناصر شتى، منها الحفاظ على المقدّس مقابل الانفتاح على الواقع والالتزام بالقانون، والهويّة موحدة تعلو على الانتماءات للفضاءات المتشظية في البلدان العربية مغربية أو مشرقية، ثم إنّها لا مذهبية فهي تمتح من الإسلام في شموله دون الخوض في المذاهب العقدية والفقهية الضيقة، وحتى الانتماءات اللغوية لا تحكم العلاقات الاجتماعية بين الأقليات بين العرب والأمازيغ والترك والأكراد والفرنسيين والإنجليز وغيرهم.
وفكرة المرونة في الهويّة والمواطنة تسري حتى على البلد المحتضن، فأحياناً لا يلزم من الوطن الذي ينتسب إليه المواطنون أن يحدد لهم نوع الهويّة التي إليها ينتسبون، فكم من قضية هي من جواهر الهويّة سابقاً لكن حصل أن ثار المجتمع عليها، وأسقطوها من مشكلات الهويّة.
والمواطنون مهما كان إخلاصهم لوطنهم وحرصهم على مصلحته لا يمكن أن ينظروا إلى تلك المصلحة باعتبارهم مواطنين فقط، بل لا بدّ أن ينظروا إليها بحسب هوياتهم ومنطلقاتهم الفكرية التي تعلو على انتمائهم الوطني، وعادة تطفو هذه الإشكالية بخصوص بعض القضايا ذات الصلة بالأخلاق والدين، وفيها تبرز الخلافات والانتماءات والتصورات طبقاً للمعتقدات الخاصة بالمواطنين.
خذ مثلاً أيّ مشكلة أخلاقية، فالمواطنون سيواجهونها اعتباراً لانتمائهم الوطني وبغض النظر عن خلفياتهم لأنّها شيء يمسّ حياتهم، لكنهم سيختلفون في طريقة معالجتها بمناهج شتى، فالمتدينون ـ مسلمين كانوا أو يهوداً أو نصارى ـ سيجعلون الدين مرآة لإبصار الحل بالحث على فضائل القيم والكفّ عن ممارسة ما يفسد مقوماتها، فيما سينبري دعاة الليبرالية إلى تحكيم العقل ومجابهة الحل الديني بحل مدني مضاد لتلك الاقتراحات التي تحد من الحرية وتعتبرها ضرباً من التعسف على الحقوق، ولذلك يرون الاكتفاء بالبحث عن حلول ملطفة وعلاج محتشم لا يمسّ جوهر الحريات.
ثم إنّه قد تتعاقب على الوطن الواحد نظم مختلفة أو متناقضة تفضي إلى تغيير سريع في أنماط الهويّة الماثلة على كيان الدولة والمجتمع، فكم من دولة تحولت من نظام ديكتاتوري عرفي إلى نظام ديمقراطي دستوري، وكم من دولة انتقلت طوعاً أو كرها من اقتصاد رأس المال إلى الاشتراك، وقس عليه مثيلاتها التي انغرست فيها شوكة الجمهورية بعد أن طال أمدها في الملكية.
ومادامت المواطنة عنصراً مجمعاً للقوى والحساسيات الفكرية المتواجدة داخل دولة واحدة وتحت مظلة القانون، فإنّ ثمّة سياقاً غربياً يجري نحو بلورة وحدة هوياتية بالنسبة إلى الدول الأوروبية، في إطار ضغط الخلافات والسياسات في اتجاه إنشاء فكرة الاتحاد الأوروبي الذي يجمع شتات أغلبية دول القارة الأوربية، على مستويات السياسة الخارجية والجنائية والمالية والحقوقية والبرلمانية وغيرها.
الهدف من هذه الخطوة هو المزيد من الالتفاف على أصول الحياة المعاصرة وتوحيد المواقف وضم الجهود وخلق التعاون وتوسيع مجال الفرص في النجاح، إمّا لمواجهة الغول الأمريكي والاقتصاديات الصاعدة في الصين واليابان، أو لأجل إحكام السيطرة على دول الجنوب.
وتوحيد الهويّة على هذا المستوى لا يلغي بعضاً من الاختلافات الداخلية ومنها التناقض الهوياتي في المذهب العقيدي داخل المسيحية بين البروتستانت والكاثوليك، ومنها الاختلاف في درجات العلمنة وإدخال الدين إلى الحياة السياسية، ومنها التباين في مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحتى التمايز في جوانب العدالة والحقوق والحريات وغيرها.
والتجربة الأوروبية رغم غناها في مفاهيم الحرية والعدالة والتنمية الاقتصادية وفي دمقرطة العلائق القائمة بين الهويّة والمواطنة، فلا ينبغي أن تنسينا أنّ تجربة الإسلام المبكر أعطتنا نموذجاً حيّاً في ترتيب الحقوق في إطار معادلتي الهويّة والمواطنة.
فبالرغم من أنّ الإسلام سعى إلى بناء أمّة على أسٍّ عقدي واضح، بضمّ العجم إلى العرب في تركيبة المسلمين من خلال إسلام بلال وصهيب الرومي وسلمان الفارسي، وفي المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين في توحيد مكوني الحضر والبدو، فإنّ صحيفة المدينة توجهت إلى ترميم تحالف جديد فيه طوائف دينية متعددة وقبائل متنوعة لكنها ذات ميثاق سياسي مؤسس على مبدأ المواطنة داخل مدينة يثرب.
والأدهى أنّ القرآن في تقدّم حقوقي لافت إبّان حقبة الغدر والحرب، أحدث قطيعة اجتماعية بين الانتماء الديني والانتماء السياسي، لمّا نص على قانون الموالاة الذي سيّجه بالميثاق الأخلاقي، قال ربنا في محكم تنزيله: (إنّ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذي آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير)[14].
فلاحظ كيف استغنى القرآن عن قوم مسلمين لم يهاجروا إلى موطن الإسلام وإلى بقية جمهور المسلمين لأجل تأليف جماعتهم وتوحيد كلمتهم، في مقابل الدعوة إلى الحفاظ على الميثاق المعْقود بين المسلمين وأهل الذمة والمتعاهدين معهم، فإذا كان واجب النصرة مكفولاً على العموم للمسلمين المتخلفين عن الهجرة، فإنّها مقطوعة الصلة بهم إذا تعلق الأمر بنزاع بينهم وبين أهل الذمّة والعهد، فالميثاق الأخلاقي والسياسي يعلو على الأخوة الدينية المغشوشة بداعي إخلاف الوحدة.
ففي هذا المقام غلبت المواطنة الهويّة لمصلحة عنّت ولضرورة وجودية حتمت تغيير الموقف، فمسألة المزاوجة بين الهويّة والمواطنة يدق حالها ما لم تستخلص القيمة الاجتماعية المضافة حين ترجيح كفة على أخرى، وفي التجربة النبوية سوابق وشواهد حضارية على هذه الموازنة[15].
3- ملامح في الاندماج الإيجابي:
في هذه المحطة نتوقف عند جملة من المعطيات التي هي باقة من الاستنتاجات التي رشحت عن الخطوات السالفة الذكر، والتي نراها كفيلة بتحقيق نوع من الاستقرار وحسن الجوار بين المسلمين وغيرهم في البلاد الغربية دون تشنج ولا قلق.
الملمح الأول: تعميق الشعور بالمواطنة:
من طبيعة الإنسان الذي ينزل منزلاً أن يتخذه مكاناً لممارسة العيش والتفنن في تحصيل معاني السعادة، في استفراغ تام لأسباب الكد والاجتهاد والصبر على التحديات والعراقيل، وإذا اتفق أن انخرط الناس المجتمعون على بقعة أرضية ما على هذا السلوك فإنّه يحض الوفاق على مبادئ الحياة الكريمة.ولما كانت المواطنة عقداً يلتئم منه جمع المواطنين في بلد ما، فإنّ الوفاء لهذه الخاصية الاجتماعية يجعل منها مدخلاً للإقلاع بقضايا الإنسان وتنمية جوانب وجوده.
والمواطنة علاقة بين المواطن والوطن الذي ينتمي إليه، ممّا يفترض وجود نوع من الولاء والإخلاص على سبيل الواجب، وهو شعور له تمظهرات عديدة في الفعل تجاه البلد المحتضن.
ومادام الإنسان ابن بيئته فهل يعقل أن يكون عاقاً بها؟ فالفطرة السليمة تقتضي أن تلتحم العلاقة بينهما على الحب، والمسلم بطبعه ملتزم ومبدئي بفطرته وسمو أخلاقه، فأحرى ألا يصادم إيمانه إحساسه بالمواطنة.
ولما كان الإيمان يستلزم هذه العلاقة، فإنّه كذلك ينميها ويحفظها من الغلو والفتور، بل يزكيها ويربيها على منهج الاعتدال والوسطية، فأي استهتار بالمواطنة بأي عمل من أعمال كالكف عن أداء الواجب أو المساهمة في تعطيل مصالح البلد يُعدّ انسلاخاً من ربقة المواطنة والإيمان.
فكما أنّ الصلاة عبادة تؤدى في كل بقاع العالم، فإنّ أداء الواجب الوطني شعيرة لا حدود لها ولو على بلاد لا تعتقد الإسلام ديناً، وهو أمر لو حصل فسيكون ذريعة لمباعدة الشقة بين المسلم وغيره الذي يقتسم معه الوطن، فضلاً عن توليد صورة سلبية عن المسلم الذي يفصل بين المبدأ والسلوك، فالارتباط بالأرض يجب أن يكون عقيدة راسخة في الأذهان، فمهما عظمت الكلفة في الاستقرار به فإنّ الألفة تذلل الميل إليه[16].
فلا غرابة إذن من حصول الموافقة بين الإيمان والمواطنة على سبيل الاعتزاز والفخر، وهذا لا يستوجب التماهي مع البرنامج السياسي للحكومة المسيرة للبلد، أو طرح الهويّة واستبدالها بالمواطنة.
لذلك نؤكد على ضرورة اعتزاز المسلم بانتمائه لوطنه لأنّ ذلك من صميم الإسلام، ومتى تمكنت المواطنة من المواطن انتخب مواطناً صالحاً وانقدحت غيرة المواطنة في السلوك والممارسة فتهيأت منها صناعة الهويّة في أكمل مشاهدها، “فحب الأوطان الحقيقي والغيرة عليها متى حلت ببدن الإنسان ظهرت الحمية الوطنية وولعت بمنافع المدينة، فيحصل لهذا الوطن من التمدن الحقيقي المعنوي والمادي كمال الأمنية فيقدح زناد الكد والكدح والنهضة بالحركة والنقلة والإقدام على ركوب الأخطار”[17].
فالمسلم المتشبع بقيم دينه وروح تعاليمه، لا يمكنه إلا أن يكون مواطناً مسؤولاً ومتضامناً مع مواطنيه وغيوراً على وطنه، فالإسلام يحضّ أفراده على الارتباط والولاء للأوطان، وقد جاء في الأثر: “حب الأوطان من الإيمان”[18].
الملمح الثاني: تأكيد المسؤولية عن إصلاح الوطن:
فالمواطنة الحقة يجب أن ترتقي مع معاني الإيمان بالنسبة إلى المسلم إلى منزلة الواجب الديني والأخلاقي، وقد نسميها على ما ذهب إليه المفكر الإسلامي طارق رمضان بـ “المواطنة المؤمنة”[19].
وهي تفرض على الفرد المؤمن المخلص لتعاليم الدين أن يكون ملتزماً بقوانين وطنه الأساسية، وأن ينبذ العنف بكل أشكاله، فأخلاقيات المواطنة بحسبه تتنافى وكلّ مظاهر هذه الخصلة، ومن واجبات المواطنة الانخراط والمشاركة السياسية الإيجابية.
وهذه المشاركة إن لم تكن ترشيحاً فهي انتخاب، أي إمّا أن يساهم المسلم في تدبير موطنه عن طريق الترشح للانتخابات في إطار حزب سياسي يراه أقرب إلى خدمة قضايا المسلمين والناس جميعاً، أو يعمد إلى انتخاب من يراه مناسباً لإحداث نوع من التغيير في بلده والإسهام في خدمة الصالح العام.
ومن مداخل المشاركة أيضاً الانخراط في بناء المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية التي تدعم وجوده الثقافي في بلده، وتساهم في تنوير أبناء بلده مسلمين كانوا أو غيرهم، مع مراعاة قوانين البلد وضوابط الدين.
ومادام المسلم متعبداً بطبعه، فهو في شأن عبادي من الصلاة إلى إماطة الأذى عن الطريق الذي هو من أدنى درجات الإيمان، فلا يتكاسل إذن في إسداء المعروف لغيره أو إحقاق حق يستوجب تدخله، لأنّ المسؤولية مضاعفة بالنسبة إليه، فهي مسؤولية من جهة الإيمان ومسؤولية من جهة الوطن.
ومن هذا المنطلق لا يقتصر أداء المسلم على اجتهادات في فقه الحماية من الفتن والوقاية من المحن التي تنقدح له، بل يتعداه إلى وصل الصلة بينه وبين مجتمعه في توسيع نشاطه الإحساني والواجب حتى يستغرق كافة المواطنين على اختلاف معتقداتهم، لأنّ ذلك من مقتضيات الرحمة بالعالمين والخيرية في هذه الأمّة.
ومما يستدل به في هذا المقام قول الباري تعالى: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)[20].
ففي هذه الآية العظيمة نستشف أنّ الإصلاح شأن لا يحدّ بالمجال الجغرافي، والتعبير في القرآن جاء بلفظ الأرض وهي تسع هذه الجغرافيا كلها، بل إنّ هذه المهمة عادة تضطلع بها فئة قليلة، والمناسبة هنا أننا بشأن الحديث عن الأقليات المسلمة، فجدير بها أن تعنى بها على قدر طاقتها ووسعها. حتى لا يدركها الفساد ويعم الأركان ويلحق بها الظلم الذي توعد الله به المتكاسلين عن القيام بالواجب الديني والأخلاقي، وهو ما ختمت به الآية وكأنّ القيام بالإصلاح سبب في النجاة من الهلاك، وهي معادلة وجودية واجتماعية انبنت عليها الحياة، ولها شواهد في سالف الأزمان، وهي سُنّة جارية في حق القرى والأمم السابقة، وسيمتد مفعولها إلى قيام الساعة.
الملمح الثالث: درء التعارض بين أخوة الدين والوطن:
لا بدّ من الأخذ في الاعتبار أنّه لا تعارض بين الأخوة الدينية والمواطنة الحديثة، لأنّ الرابطة الدينية تعزز وتدعم المواطنة، فلا شيء يمنع تعايش المسلم مع غيره بميثاق المواطنة، ففي نص جميل لرفاعة الطهطاوي يقول: “جميع ما يجب على المؤمن لأخيه المؤمن منها يجب على أعضاء الوطن في حقوق بعضهم على بعض لما بينهم من الأخوة الوطنية فضلاً عن الأخوة الدينية، فيجب أدباً لمن يجمعهم وطن واحد التعاون على تحسين الوطن وتكميل نظامه فيما يخصّ شرف الوطن وإعظامه وغناه وثروته”[21].
لذا يجب على المجالس العلمية في الغرب أن تدفع المسلمين ليكونوا مواطنين مصلحين يعودون بالنفع لأوطانهم، فلا يترددون في إنشاء المؤسسات أو المشاركة فيها، إن وجدت، وفي التعاون مع أبناء البلد مسلمين وغير مسلمين لوقف الظلم والحروب والعنف الاجتماعي، والحفاظ على البيئة، والاهتمام بالمرضى والمدمنين والمسنين والأيتام والفقراء والمساكين وبقية الحالات الاجتماعية، والمطالبة بتعميم الخدمات الصحية والعناية بالبنيات التحتية والرفق بالحيوان ومحاربة البطالة.
وبهذا السلوك يقع المسلم في ظن الغربيين موقعاً حسناً فيألف ويؤلف، فإلى الخير يسعى وإلى نفع الغير يدلف، ولا يتناقض عنده العلم مع العمل فشعاره الأبدي: “خير الناس أنفعهم للناس”[22]، فكما استفاد من نعمة الحرية والخدمات والتنمية الموجودة في الغرب فهو يفيد بدوره في ترسيخ هذه النعم وفي البحث في سبل تطويرها ودعمها، لأنّ منهج المسلم في الحياة هو منهج تصديق وهيمنة واستيعاب وتجاوز.
المصادر والمراجع:
– ابن ماجة أبو عبد الله، السنن: ت فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية.
– ابن منظور، لسان العرب: دار المعارف القاهرة.
– ابن هشام، سيرة النبي: تحقيق ودراسة مجدي فتحي السيد، دار الصحابة للتراث بطنطا، ط 1/1416-1995
– الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث التابع لمجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية، المعجم الوسيط: مكتبة الشروق الدولية، ط 4/1425-2004
– الألباني محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها: مكتبة المعارف بالرياض، ط2/1413- 1993
– الألباني محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمّة: مكتبة المعارف بالرياض، ط2/1413- 1993
– الجرجاني علي بن محمد الشريف، معجم التعريفات: تحقيق ودراسة محمد صديق المنشاوي، دار الفضيلة بالقاهرة، بدون تاريخ.
– رمضان طارق، على موقعه: http://tariqramadan.com/arabic
– السخاوي شمس الدين، المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة: دار الكتب العلمية بيروت، ط1/1399-1979
– الطبراني أبو القاسم، المعجم الأوسط: منشورات دار الحرمين بالقاهرة، 1415-1995
– الطهطاو رفاعة، كتاب مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية: مطبعة شركة الرغائب بمصر، ط2/1330-1912
– عطية جمال الدين، نحو فقه جديد للأقليات: دار السلام بالقاهرة، ط 1/1423-2003
– عفيفي مصطفى محمود، الحقوق المعنوية للإنسان بين النظرية والتطبيق: دراسة مقارنة في النظم الوضعية والشريعة الإسلامي: دار الفكر العربيبالقاهرة، ط1/1990
– العوا محمد سليم، الأقباط والإسلام: دار الشروق بالقاهرة، ط1/1407-1987
– الفيروزآبادي مجد الدين بن محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: ت مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، بإشراف محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة بيروت، ط 8/1426-2005
– هويدي فهمي، التدين المنقوص: مركز الأهرام للترجمة والنشر، ط1/1987
[1]– من الآية 24 من سورة التوبة.
[2]– ابن منظور، لسان العرب: دار المعارف القاهرة، مادة وطن، المجلد 6، ص 4868
[3]– مجد الدين بن محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، القاموس المحيط: ت مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، بإشراف محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة بيروت، ط8/1426-2005، ص 1238
[4]– الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث التابع لمجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية، المعجم الوسيط: مكتبة الشروق الدولية، ط 4/1425-2004، ص 1072
[5]– المرجع نفسه: ص 1072
[6]– جمال الدين عطية، نحو فقه جديد للأقليات: دار السلام بالقاهرة، ط 1/1423-2003، ص 80
[7]– المعجم الوسيط: مادة الهو، ص 998
[8]– علي بن محمد الشريف الجرجاني، معجم التعريفات: تحقيق ودراسة محمد صديق المنشاوي، دار الفضيلة بالقاهرة، بدون تاريخ، رقم التعريف 2008، ص 216
[9]– كثير من الباحثين يعولون على هذه الصحيفة في التأسيس لعقد المواطنة في الإسلام، وعلى تأكيد قيم التعايش بين المسلمين وغيرهم من أهل الملل الأخرى، ولذلك يقول محمد سليم العوا: “هذه الوثيقة تجعل غير المسلمين المقيمين في دولة المدينة مواطنين فيها، لهم من الحقول مثل ما للمسلمين، وعليهم من الواجبات مثل ما على المسلمين”، الأقباط والإسلام: دار الشروق بالقاهرة، ط 1/1407-1987، ص 37. وعلى نفس المنوال اعتبر فهمي هويدي أن “أول وثيقة مكتوبة في تاريخ الإسلام، التي حررها النبي وهو يرسي أسس المجتمع الإسلامي في المدينة، والتي عرفت باسم الصحيفة تضمنت نصاً اعتبر اليهود مع المسلمين أمّة واحدة، بحيث عوملوا كمواطنين في الدولة الإسلامية الوليدة، ولم يعاملوا كأجانب أو رعايا من الدرجة الثانية”، التدين المنقوص: مركز الأهرام للترجمة والنشر، ط 1/1987، ص 303
[10]– ربعتهم أي على أمرهم الذي كانوا عليه وعادتهم من أحكام الديات والدماء.
[11]– عانيهم أي أسيرهم.
[12]– ابن هشام، سيرة النبي: تحقيق ودراسة مجدي فتحي السيد، دار الصحابة للتراث بطنطا، ط 1/1416-1995، 2/12
[13]– إنّ التنصيص على كون المسلمين ومن عاهدهم في الصحيفة أمّة واحدة قد سبق حسب مصطفى محمود عفيفي “المواثيق العالمية والدساتير الوطنية بقرون عدة في مجال تطبيق مبدأ الحرية الدينية في ظل ظرف الأمن والسلام الاجتماعي القائم على مبدأ الوحدة الوطنية بين ذوي العقائد الدينية المختلفة”، الحقوق المعنوية للإنسان بين النظرية والتطبيق، دراسة مقارنة في النظم الوضعية والشريعة الإسلامي: دار الفكر العربي بالقاهرة، ط1/1990، ص 175
[14]– الآية 73 من سورة الأنفال، وأنْ تتحدث الآية عن الولاء السياسي في مقابل الولاء الديني بميثاق أخلاقي لأمر عجب وغاية في التوجيه، خصوصاً وأنّ السورة كلها في مقام بيان أسس السلم والحرب بين الإسلام والمكونات العقدية والسياسية المخالفة.
[15]– راجع فصلاً هاماً لجمال الدين عطية في بيان الموالاة بين الهويّة والمواطنة في كتابه: نحو فقه جديد للأقليات: الصفحات من 80 إلى 85
[16]– تبين ذلك من خلال استماتة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة لما أخرجه قومه من مكة مردداً: “والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي والله لولا أني أخرجت منك ما خرجت”، أفلم تكن الفتنة قائمة حال وجوده بمكة فما منعه من المكوث بها إلا العدوان وعنف قريش، الذي أوقد في قلب النبي نار الرحمة على أصحابه فأقبل على الهجرة من مكة حيث الموطن والمواطنة الأولى. الحديث في سنن ابن ماجة: كتاب المناسك، باب فضل مكة رقم الحديث 3108
17]– رفاعة الطهطاوي، كتاب مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية: مطبعة شركة الرغائب بمصر، ط2/1330-1912، ص 18
[18]– حديث معناه صحيح ومقبول، لكنه ليس له سند في السنّة، وهو من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، ولهذا لم يقف علماء الحديث على أصله فردوه من جهة سنده، قال السخاوي في المقاصد الحسنة: لم أقف عليه ومعناه صحيح، حرف الحاء المهملة رقم الحديث 386، ص183، وأغرب الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة، ليس في تضعيفه له بل في قوله إنّ معناه لا يستقيم فقارن حب الأوطان بحب النفس والمال وهو غريزة يستوي فيها الناس وليس من لوازم الإيمان، رقم الحديث 36، 1/110
[19]– ينظر موقعه: http: //tariqramadan.com/arabic
[20]– الآيتين 116 – 117 من سورة هود.
[21]– وهو نص رائع تكملته هي: “لأنّ الغنى إنما يتحصل من انتظام المعاملات وتحصيل المنافع العمومية، وهي تكون بين أهل الوطن على السوية لانتفاعهم جميعاً بميزة النخوة الوطنية، فمتى ارتفع من بين الجميع التظالم والتخاذل وكذب بعضهم على بعض والاحتقار ثبتت لهم المكارم والمآثر، ودخلت فيما بينهم السعادة بكسب شعائرها ومآثرها”: رفاعة الطهطاوي، كتاب مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية: مطبعة شركة الرغائب بمصر، ط 2/1330-1912، ص 99
[22]– جزء من حديث: “المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس”، رواه الطبراني في الأوسط تحت رقم 5787: وقال لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا عبد الملك بن أبي كريمة تفرد به علي بن بهرام 6/58. ورواه السخاوي في المقاصد الحسنة برواية أخرى: “الخلق كلهم عيال لله فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله”، تحت رقم 443 حرف الخاء المعجمة ص 200، ورواه في موضع آخر بدون الجملة الأخيرة تحت رقم 1233 حرف الميم ص 440. وأورده الألباني في الصحيحة تحت رقم 426، 1/787
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.