هي لحظات إنفعالية بالأساس.. انفجرت وانفلتت وسط المعركة الكبرى التي تخوضها الدولة وبجميع مصالحها ضد هذا الوباء العالمي وفي مقدمتهم رجالات السلطة العمومية والأمن الوطني والوقاية المدنية.وو.. الذين نزلوا إلى الشارع بعد أن غادرناه جميعا..
هذا النزول المؤطر بالقانون وبإعلان حالة الطوارئ الصحيّة مما يعطي الصًلاحية المطلقة للدولة عبر أجهزتها بتطبيقه بالرغم من كونه يحدّ من حريتنا الفردية والجماعية.. باعتباره الطريق الوحيد لحمايتنا من الإصابة بهذه العدوى المميتة…
نعم هم في الشارع الآن ومنذ أكثر من أسبوعين وبلباسهم العسكري ذكورا وإناثا ومن مختلف الرتب ويواصلون الليل بالنهار.. كل ذلك من أجل حمايتنا من أنفسنا أوّلاً.. ومن بعض المتهورين فينا خوفاً من الوقوع في الكارثة الوبائية لاقدّر الله..
هم في الشارع الآن وفي طليعة المواجهة مع الفيروس تصلك صور وفيديوهات عن هذا العمل الجباّر الذي تقوم به قواتنا العمومية ونساء ورجال الأمن الذين عطّلوا قبعة السلطة وانتصروا لعواطفهم وانفعالاتهم من أجلنا جميعا…
وكم كانت الصورة جد مأثرة وصادقة وانت تسمع شرطيّ بلدك يدعوا الناس بالبقاء في منازلهم.. بل ويترجّاهم بلغة الدموع التى نابت عن كل المفردات والتعابير والجمل..
هي دموع شرطيّ من أجل الحفاظ على حقْنا في الحياة.. وهي لا تختلف في عمقها عن تلك الصفعة التى انفلت من القائد الذي تحوّل إلى أب اتجاه طفل وإن اختلفت في الأسلوب.. فالهدف واحد هو حماية المجتمع ضد العدوّ الغير المرئي..
تلك الصفعة التى أعطت فرصة للبعض كي يستحضر كل القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان منذ حمو رابي مرورا باتفاقيات جنيف.. والمواثيق والعهود الدولية ووو وبكل المفردات الخشبية من أجل التنديد بهذا الشطط الذي استعمل في حق طفل وفي لحظة حرب بنيّة حمايته كجزء من حماية المجتمع..
هل اللحظة هي زمن المزايادات على الدولة وتبخيس كل مجهودتها من أجل الانتصار في هذه المعركة التى يخوضها العالم.. أم هي لحظة المساهمة على الأقل بالصمت..
هل اللحظة تسمح لجلد ذواتنا ونحن نروّج لجزء من مستشفى عمومي تمّ اختياره بدقة نظرا لوضعيته المزرية من طرف سيدة مصابة بالفوبيا كي يكون مناسبة لتصفية حسابات ضيقة دون أن نعرف الأثر البلغ الذي يحدثه ذلك في نفوس الساكنة وعموم المواطنين وسط هذا الحصار الوبائي..
ألا تكفى هذه الحرب الموازية للكثير من الإشاعات والاكاذيب والافتراءات التى تحاول أن تخلق الهلع وتزعزع طمأنينة وسكينة عموم الشعب المغربي وتقّلل من خارطة الطريق التى اعتمدتها الدولة لمواجهة هذا الوباء.. درجة التنويه بها عالمياً..
ومن يتابع انتشار هذا الوباء من خلال ما صرّح به المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أمام مجموعة العشرين “الدكتور تيدروس أدحانوم” سيرفع قبعة إجلال واحترام لهذه الخريطة الاستباقية التى اعتمدتها الدولة من أجل حكايتنا.. يقول الأمين العام للمنظمة
(.. إن العالم اليوم يخوض حربا عشواء مع هذا الفيروس الذي يهدّد بتمزيق البشرية إذا سمح له بذلك..)
من هنا جاءت هذه الصفعة.. والدموع وكل أساليب التوسل التى استعملت وسط الشارع المغربي وعبر مكبرات الصوت من أجل هدف واحد كما جاء في كلمة الأمين العام المنظمة وهي أن لا نسمح لهذا الفيروس أن يمزق البشرية…لأن أكثر من نصف مليون أصيبوا بالعدوى منهم 20 ألف فقذوا أرواحهم..
مضيفاً (.. ففي الوقت الذي استغرق الأمر 67 يوم لتسجيل أوّل مئة ألف حالةمصابة.. فإنّ 11 يوم كانت كافية لتسجيل مئة ألف الثانية.. ونزلت إلى أربعة أيام.. ثمّ يومين..)
مؤكداً على أنه إذا لم تتّخذ جميع البلدان إجراءات وصفها “بالشرسة” فإنْ الملايين من النّاس سيموتون بهذا الوباء..
هذا هو المناخ العام لساكنة المعمور ونحن جزْء منه وبهذا الوضع الوبائي كأرقام الذي لم يصل بعد إلى وضع كارثي لاقدر الله كما صرح بذلك الدكتور عبد الرحمان بلمامون الخبير في الأمراض المعدية.. فعوض أن ننخرط جميعاً في هذه المعركة المصيرية بقيادة الدولة والمساهمة في كل من شأنه أن يزرع الأمل ويقوي المناعة المجتمعية ويشجع كل هؤلاء الجنود المتواجدون في طليعة المواجهة..وذلك بالكف على الأقل من انتقادات والتشكيك في مقدرات البلد.. في هذه اللحظة التى انهار فيه النمو ج الغربي المتبجح به…
فمرحبا بالصفعة من أجل أن أبقى حياً..
وخجول حدّ الحرج أمام دموع هذا الشرطي من أجل أن أبقى حيّاً..
وفخور بانتمائي لهذا الشعب الذي أسْس صندوقاً للدعم وأجرأته في أقل من أسبوعين..
فقد نكون متباعدين جسدياً، لكننا متقاربين دائماً في التضامن مع بعضنا البعض حتى في زمن الأوبئة…
قد يفرقنا الخوف . .. لكن يجمعنا الأمل
لأنّ أجمل الأيام هي ما بعد كورونا.
بقلم : يوسف غريب
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.