في سياق حملات التزييف والتضليل والتلاعب بالحقائق التي يرعاها الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من صعيد للتغطية على جرائمه، وأمام رأي عام عالمي بدأ جزء منه يتيقظ ويتفطن لحقيقة هذا الكيان المجرم ولعدالة القضية الفلسطينية، ها هو اليوم، وفي سلوك همجي معهود فيه، يفجر مقرات وسائل إعلامية كانت تشغل طوابقا من برج “الجلاء” بغزة بفلسطين المحتلة وذلك بتاريخ 15 ماي 2021، في أقل من يومين بعد غارات جبانة دمرت برجا مدنيا آخر يضم بدوره مقرات عدد من الوسائل الإعلامية بالقطاع المحاصر هو برج “الشروق”.
مما يؤكد الترهيب والتنكيل المتواصل برجال ونساء الإعلام والتعتيم على الحقائق والتضييق على الصحافة المحلية والأجنبية الذين دأب عليهما الكيان الصهيوني.
وتعتبر منظمة حريات الإعلام والتعبيرـ حاتم هذه الهجمات جبانة ومستعرة إزاء الصحافيات والصحافيين ورسالتهم النبيلة وتجاه حقوق الرأي العام الدولي والفلسطيني في الأخبار والصوروالمعلومات ، لاسيما في ظل واقع العدوان الحربي الوحشي الذي يتضاعف فيه الطلب على الحقيقة ويمثل فيه الإعلام وسيلة الضحايا في توثيق جرائم الاحتلال. وبذلك تتأكد مرة أخرى ظلامية عقيدة الاحتلال أصل العدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. فالمحتل، وفي ردة فعل لاشعورية تلازم أي سارق وغاصب، لا يتخلّص أبدا من رهاب الأضواء وعدسات الكاميرات ويتخذ دوما جنح الظلام ومسارب التعتيم غطاء لتنفيذ جرائمه البشعة.
وإذ تذكر منظمة حاتم بأن الاحتلال لم يتوقف عن قتل الصحافيين والتنكيل بهم والزج بهم في السجون ومداهمة بيوتهم ومصادرة معداتهم والتضييق على العمل الصحافي المعادي لدعايته المتهافتة والبغيضة والتي تضاعفت مع تغطية الإعلام لانتفاضة أهالي حي الشيخ الجراح واندلاع حركة الاحتجاجات والمقاومة، فهي تعتبر هذا التمادي المتواصل انتهاكا خطيرا وفادحا لحقوق الإنسان بشكل عام وحريات الصحافة والتعبير بشكل خاص، وأنه يستهدف ثني رجال ونساء الإعلام عن القيام بمهامهم النبيلة في نقل فظاعات هذا الاحتلال المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وأرضه في ظروف اشتغال مهنية ويناقض كافة المواثيق التي تكفل حماية الصحافيين والصحافيات لاسيما في مناطق النزاعات المسلحة.
وفي هذا الصدد، تدعو المنظمة الاتحادات الصحافية العالمية والمنظمات الحقوقية ومنظمات حرية الصحافة والإعلام والنقابات والهيآت الأممية ذات الاختصاص إلى التوحد من أجل محاسبة ومساءلة الاحتلال الصهيوني عن جرائمه المتواصلة بحق الصحافيين والصحافيات ضدا في الحق المقرر لكل فرد في “(..) استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية” كما تنص على ذلك المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تنص عليه المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة في الاتجاه ذاته، وما تنص عليه معاهدات القانون الدولي الإنساني وبروتوكولاته الملحقة وخاصة في تأكيدها على الصفة المدينة للصحافيين وعن صفاتهم كمدافعين عن حقوق الإنسان ،وهم يباشرون مهمات مهنية صعبة في مناطق النزاعات المسلحة، وإقرارها بضرورة توفير الحماية لهم بتلك الصفات إضافة إلى قواعد القانون الدولي ، وما تنص عليه معاهدات ومواثيق حقوق الإنسان وحرية الصحافة الإقليمية والقارية.
ولاشك أن ردم الاحتلال لهذه الأبراج بغارات خاطفة إنما يعبر عن محاولة يائسة لردم الحقيقة ماديا بعدما أخفق في ردمها رمزيا، فحيل وأساليب التلفيق وتزوير الحقائق وحشد الذباب الرقمي ومحاصرة المدونين والأصوات الحرة المساندة لفلسطين بدأت تتداعى أمام اتساع رقعة التضامن وتنامي الوعي بالظلم المسلط على الشعب الفلسطيني، ومع تفكك ادعاءات الإعلام المطبع عربيا أمام واقع مشهود من المجازر وأعمال التقتيل والتوحش الحربي. هذه المجازر التي تحصد أرواح الأبرياء يوميا ناسفة كل حملات تلميع صورة المحتل وتبييض تاريخه الدموي.
وتجدد المنظمة إدانتها الشديدة لكل جرائم الاحتلال في حق الأرض والإنسان والبيئة بفلسطين ، مؤكدة مواصلتها رصد وفضح هذه الجرائم والترافع لمساءلة ومحاصرة مرتكبيها في كافة المحافل وعدم إفلاتهم من العقاب.
الرباط 16 ماي 2021
عن المكتب التنفيذي
التعليقات مغلقة.