منتدى أنوال للتنمية والمواطنة يطالب بتعديل قانون التجمعات العمومية

رفع منتدى أنوال للتنمية والمواطنة مذكرة بشأن المطالبة بتعديل قانون التجمعات العمومية وضمان الحق في حرية التجمع والتظاهر السلمي[1]، ووجه المنتدى مذكرته الى كل من رئيس الحكومة؛ ورئيس مجلس النواب؛ ورئيس مجلس المستشارين؛ ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان؛ ووزير الداخلية؛ ووزير العدل؛ والمندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان؛ و  رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ننشر المذكرة كاملة تعميما للفائدة.

  • تقديم:

في إطار مهام منتدى أنوال للتنمية والمواطنة الرامية إلى النهوض بثقافة المواطنة وحقوق الانسان ونشر السلوك المدني، وتفاعلا مع مخرجات وخلاصات اليوم الدراسي المنظم بمدينة ميضار بتاريخ 22 يونيو 2019 حول: ” الحق في حرية التجمعات العمومية”، بمشاركة خبراء ومختصين وفاعلين جمعويين واجتماعيين، فإننا نتوجه إليكم بحكم مسؤولياتكم واختصاصات مؤسساتكم بهذه المذكرة للمطالبة بتعديل قانون التجمعات وضمان الحق في حرية التظاهر والاحتجاج السلمي، آملين أن تلقى منكم تجاوبا إيجابيا.

  • العناصر الاسنادية:

 يعد الحق في حرية التجمع والتظاهر السلمي من الحقوق الأساسية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ضمن ما جاء به من حريات وحقوق أساسية، حيث أكد على أنه ” لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والتجمعات السلمية”[2]، ونص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن “الحق في التجمع والتظاهر السلمي معترف به، ولا يجوز منعه أو الحد منه إلا في الحالات المتعلقة بالأمن القومي أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو حماية حقوق وحريات الآخرين في البلاد”[3] و تقضي اتفاقية حقوق الطفل بأن ” تعترف الدول الأطراف بحقوق الطفل في حرية التجمع السلمي”[4]، وأقر إعلان حماية المدافعين حقوق الانسان “بأن يكون لكل فرد الحق بمفرده أو بالاشتراك مع غيره وعلى الصعيدين الوطني والدولي في الالتقاء أو التجمع سلميا وتشكيل منظمات أو جمعيات …”[5]

وسلم مجلس حقوق الإنسان بأهمية التمتع بالحق في حرية التجمع السلمي،  و دعا في قراره  رقم  24/5، الدول بأن ” تحترم وتحمي بالكامل حقوق جميع الأفراد في التجمع وتكوين الجمعيات بحرية، وعلى شبكة الإنترنت وخارجها، بما في ذلك في سياق الانتخابات، ويشمل ذلك الأشخاص الذين يتبنون آراء أو معتقدات مخالفة أو تتبناها أقلية من الناس، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والنقابيين وغيرهم من الأشخاص، بمن فيهم المهاجرون، الذين يسعون إلى ممارسة هذه الحقوق أو تعزيزها، وأن تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان أن تكون أية قيود على الممارسة الحرة للحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات متوافقة مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان” [6].

وأشار المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع الـسلمي والحـق في حرية تكوين الجمعيات، ماينا كياي في تقريره المقدم لمجلس حقوق الإنسان إلى ضرورة ” ضمان أن تمتثل كل القيود للقواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتستوفي على وجه الخصوص المعيارين الصارمين في الضرورة والتناسب في ظل مجتمع ديمقراطي، مع مراعاة مبدأ عدم التمييز”[7].

وقد صادق المغرب على جل الاتفاقيات الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان، وأكدت ديباجة دستور 2011 على سمو الاتفاقيات المصادق عليها فور نشرها، كما أن الإطار القانوني المغربي قد اعترف بالحق في التظاهر السلمي وكرسه في دستور 2011، عندما نص على أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات”[8] .

  • واقع استمرار ممارسة العنف ضد حرية التجمعات:

واستحضار للتجربة القائمة والوضع العام لحرية التجمعات ببلادنا على ضوء القانون المنظم لها رقم 76.00 وما أقره من قيود تعيق ممارسة هذا الحق حيث حظر كل التجمعات على الطرق العمومية، واعتبر أنه لا يمكن السماح بها إلا لفائدة الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والهيئات المهنية والجمعيات المصرح لها بصفة قانونية، والتي تكون قدمت تصاريح من أجل هذه التجمعات، وهذا الأمر يجعل تطبيقهعلى مستوى الواقع يتطلب عددا من الإجراءات الشكلية التي ينص عليها، ما يعطل ممارسة هذا الحق ويتيح انتهاكه من طرف السلطات العمومية وبالتالي حرمان المواطنين والمواطنات من التمتع به، خاصة في أثناء التوترات الاجتماعية التي تتميز برفع المحتجين للمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث يتم ممارسة التضييق والعنف ضد المتظاهرين واعتقالهم  وتقديمهم أحيانا إلى محاكمات تفتقد في أغلبها لمعايير المحاكمة العادلة، لترهيبهم واثنائهم عن الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. كما يتم دفع بعض الإعلام إلى تشويه صورة مناضلي الحركات الاحتجاجية واقصائهم من الحياة العامة ومنعهم بمختلف الوسائل في التعبئة السلمية والمدنية والتعبير الحر عن مطالبهم وفق ما يكفله الدستور وتقره المواثيق الدولية لحقوق الانسان خاصة أمام تلاحق مؤشرات التضييق على حرية الرأي والإعلام.

وفي بعض الأحيان يؤدي ” الاستعمال المفرط وغير المتناسب للقوة الى المس بالحق في الحياة والمس بالسلامة البدنية لبعض المحتجين وخاصة في صفوف النساء والقاصرين”[9]

وطبقا للمعطيات المرصودة والمعالجة من طرف منتدى أنوال للتنمية والمواطنة فقد سجلنا خلال السنوات الثلاث الأخيرة أن ممارسة الحق في التجمع والتظاهر والاحتجاج حافظت على طابعها السلمي ولم تشهد عنفا الا في حالات محدودة جدا لكنها في القابل تواجه بنفس الأسلوب المتسم بغياب الحوار والوساطة واللجوء إلى التدخل بعنف واستخدام القوة لفض التجمعات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية.

وتؤثر هذه الإجراءات سلبا على كل من يختار ممارسة حقه في التجمع والتظاهر السلمي، الأمر الذي يؤدي إلى تهميش فئات واسعة ومنعها من التعبير عن مطالبها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الفضاء العام، وهو الأمر الذي يفاقم من عجز الفئات الهاشة عن ممارسة حرياتها والتمتع بحقوقها في التنمية العادلة و مجمل الحقوق الاجتماعية والبيئية والاقتصادية والثقافية المضمونة دستوريا .

  • الاستنتاجات:

ظلت التعديلات المدخلة على ظهير 15 نونبر 1958، بمقتضى القانون رقم 76.00 الصادر في 23 يوليوز2002 والمتعلق بالتجمعات العمومية، محدودة ولا تنسجم مع القانون الدولي لحقوق الانسان وعلى الخصوص مع المادة 25 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، حيث حافظ القانون الحالي على التقييدات التي تضمنها تعديل 10 أبريل  1973 والتي طغى عليها الهاجس الأمني حيث حصر القانون 76.00 حق التجمع في المؤسسات المكونة قانونية دون الأفراد والمجموعات العرفية من لجان وتنسيقيات وشبكات مدنية وحقوقية وغيرها، مما يعد مسا بحرية المواطنين والمواطنات في الاحتجاج والتجمع السلميين، كما أبقى على العقوبات السالبة للحرية، كما يسجل قصور الاطار القانوني الحالي عن استيعاب أشكال جديدة من التعبيرات والممارسات ذات العلاقة بالحق في التظاهر السلمي والتي يتزايد اللجوء اليها كالوقفات الثابتة، والاعتصامات وغيرهما، ويؤدي هذا الوضع إلى ازدياد المضايقات والانتهاكات ذات الصلة بالحق في الاحتجاج السلمي والتي لا تجد مصدرها فقط في طبيعة النصوص القانونية المتنافية مع المواثق الدولية لحقوق الانسان، وضعف استقلالية القضاء بل كذلك في عدم التطبيق السليم للنصوص الموجودة، واستمرار الافلات من العقاب، وهذا ما يزيد في استعمال العنف والقوة في العديد من حالات التظاهر السلمي العمومي ويجعل الحريات العامة تنبني على أسس هاشة وقابلة للتراجع.

  • المطالب:

ووعيا منا بأن حقوق كل المغاربة في الحرية والكرامة لا تتجزأ وأنه لا مجال لاستمرار التمييز بين الفئات والجهات في التمتع الفعلي بهذه الحقوق، ومن أجل تجاوز الوضع الذي تم توصيفه في هذه المذكرة وتحسين شروط ممارسة الحق في التجمع والتظاهر السلمي، انسجاما مع انخرط المغرب في المنظومة الحقوقية الدولية والتزاماته بالعمل على ملاءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات المصادق والموقع عليها، واستحضارا للتوجهات الكبرى المعلن عنها في مجال حقوق الإنسان، والقائمة على القطع مع ممارسات الماضي من خلال اعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب لكل من يخرق القانون كيفما كان مركزه ومسؤولياته، فإننا نتقدم إليكم بهذه المقترحات بشأن إقرار حرية التجمعات وحق تنظيم المظاهرات السلمية لجميع المواطنات والمواطنين وذلك عبر تنقية البيئة الحقوقية والقيام بمراجعة شاملة لقانون التجمعات رقم 76.00 وفق ما يلي:

  1. الإفراج عن كل المعتقلين على ذمة قضايا التجمع والتظاهر السلمي وإلغاء كل الاحكام الصادرة في حقهم وحفظ التحقيقات في القضايا التي لازلت بأروقة القضاء، والتخلي عن سياسة المحاكمات الممنهجة.
  2. القيام بإصلاح فعلي للقضاء بما يضمن استقلاليته ونزاهته وكفاءته ليلعب دوره في حماية المواطنات والمواطنين من كل التعسفات.
  3. تعديل القانون المتعلق بالحق في التجمع والتظاهر السلمي بما يتلاءم مع المرجعية الدولية لحقوق الإنسان ومع ما تقتضيه الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
  4.  توفير المزيد من الضمانات القانونية لحماية ممارسة حرية التجمع والتظاهر والاحتجاج السلمي بكل حرية وبدون قيود.
  5. ضمان حقوق المتظاهرين في الولوج إلى الفضاءات العمومية، وحمايتهم من كل أشكال التهديد والمضايقة و”البلطجة”.
  6.  التنصيص على مقتضى ضرورة استعمال مسطرة التفاوض والوساطة مع المتظاهرين حول مطالبهم قبل اللجوء الى فض التجمعات والتظاهرات مع ضمان تكريس مبدأي الضرورة والتناسب في حال استعمال القوة.
  7. الغاء العقوبات السالبة للحرية والإبقاء فقط على الغرامات عند مخالفة مقتضيات القانون المنظم للتجمعات العمومية.
  8. السماح بإمكانية التصريح المسبق عن تنظيم التجمعات والتظاهرات السلمية عبر البريد المضمون أو الوسائل الالكترونية.
  9. التنصيص على اعفاء الجمعيات والهيئات والمنظمات المؤسسة بصفة قانونية من سابق التصريح لعقد الاجتماعات العمومية.
  10. التنصيص على حق استعمال القاعات التابعة للمرافق والمؤسسات العمومية من طرف جميع الهيئات دون تمييز.
  11. التحديد بدقة لشروط منع المظاهرات من أجل الحد من السلطة التقديرية للإدارة.
  12. الاعتراف بحق التجمهر السلمي وعدم فضه بالقوة.
  13. إعطاء حق تنظيم المظاهرات في الطرق العمومية للأشخاص الذاتيين والمعنويين والمجموعات والتنسيقيات والشبكات المؤسسة بشكل قانوني أو عرفي وعدم حصره في الهيئات المعترف بها قانونا.
  14. ضمان سلامة الصحفيين الذين يقومون بتغطية أخبار المظاهرات السلمية.

عن منتدى أنوال للتنمية والمواطنة / الرئيس : محمد الحموشي

————————هوامش

[1] – هذه المذكرة هي محصلة لعمل تشاركي تم خلال اللقاء الدراسي المنظم المنظم بميضار – إقليم الدريوش بتاريخ 22 يونيو 2019 حول: ” الحق في حرية التجمعات العمومية”، وساهم فيه مجموعة من الفاعلين الجمعويين والنقابيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وباحثين مهتمين بموضوع الحريات العامة .

–  المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان. [2]

 –  المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.[3]

[4] –  المادة 15 من اتفاقية حقوق الطفل.

 –  المادة 5 من إعلان حماية المدافعين حقوق الانسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1998 .[5]

[6] قرار اعتمده مجلس حقوق الإنسان حول الحق في حرية التجمع السلمي وفي تكوين الجمعيات بتاريخ 8 أكتوبر 2013

 تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ماينا كياي لمجلس حقوق الانسان في 24 أبريل 2013[7]

 الفصل 29 من الدستور. [8]

 تقرير السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان أمام مجلس البرلمان 16 يونيو 2014 – ص 34. منشورات المجلس الوطني لحقوق 

                                        


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading