ملف الامازيغية بين المؤسسات الوطنية
ملف الامازيغية بالمغرب ، في ظل تراجعات متتالية مع مرور السنين في دولة تعتمد المؤسسات، وتتغنى بالحق والقانون في إطار دستور معدل صفق له الكثير، وأصبح شعار الاستثناء المغربي إقليميا وقاريا ودوليا، يطرح سؤال المؤسسات الوطنية وكيف ترى وكيف تريد ملف الامازيغية ؟
وعليه قررت الخوض في هذا الموضوع، انطلاقا من معطيات ميدانية ، وافرازات كل مرحلة، والتنبه المستقبلي بما أراه ممكنا مع استمرار هذا الوضع المعقد والصعب بالنسبة للامازيغية في مسقط رأسها وعلى أرضها .
والملاحظ والمتيقن فيه، أن مكونات الحركة الامازيغية من جمعيات وأفراد وتنظيمات قدموا خدمة عظيمة ومسؤولة وفي غاية الإبداع والابتكار للامازيغية سواءا من حيث التشريع ومقترحات قوانين ولا من حيث البنية اللغوية واللسانية ربحا للوقت، وتفاديا لأية مغالطة قد تفسد فرحة الاحتفال برد الاعتبار وإنصاف هذا المكون الهوياتي الوطني، وتماشيا مع الامازيغة ملك لجميع المغاربة، خاصة بعد دستور 2011 م وإعلان اللغة الامازيغية لغة رسمية للبلاد.
وبالتالي لا عجب أن نراه اليوم تعيش تحث إيقاع التوتر والضغط، وعدم الرضا، وإيقاف محركات إنتاج الأفكار والمبادرات إلى أجل مسمى، في انتظار المؤسسات الوطنية، وما سيكون رد فعل الفاعل السياسي ومؤسسات التشريع بالمملكة .
ومن كوارث المرحلة ما بعد الدستور مباشرة، وترسيم اللغة الامازيغية في الدستور، فوز حزب العدالة والتنمية بأكبر المقاعد وبرياسة الحكومة، وما كان له من حقد وكراهية وموقف واضح وعدائي لكل ما هو أمازيغي ثقافة وهوية، فوضعها في مراتب دونية، وحرمها من الزمن السياسي للولاية الأولى ما بعد الدستور ومن حقها في القوانين والتشريع إلى نهاية الولاية فكانت المهزلة والموت السريري باسم المؤسسة التشريعية والحكومية .
واليوم لابد من قراءة ملف الامازيغية في المؤسسات الوطنية، تفاديا لكل لبس وللتاريخ، ولمعرفة الحقيقة بعيدا عن الاستغلال السياسي ،وأول مؤسسة في هيكل الدولة، هي المؤسسة الملكية استنادا إلى طبيعة البنية المؤسساتية لنظام والتي تعد فيه المؤسسة الملكية أم المؤسسات والرأس الحاكم في جميع المؤسسات العمومية والمنتخبة والمحدثة ،واستكمالا لبداية الورش ( على اعتبار أن المؤسسة الملكية خاصة في العهد الجديد هي من تفاعلت ايجابا مع مطالب الحركة الامازيغية وأعلنت تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية 2002 م وترسيم الحرف الامازيغي تيفيناغ ) فهي مطالبة بالدفع بالملف إلى الحل الايجابي ، لأنها رأس الحكمة في هذا البلاد ، وعليها على الأقل تفعيل القانون ومسألة المؤسسات الحكومية الأخرى عن حصيلة ورش الامازيغية .
وثاني مؤسسة في هرم السلطة، الحكومة المغربية المكونة للأغلبية ( رغم ما تعيشه الأغلبية الحالية من التناقضات والغرائب سياسيا وفكريا وإيديولوجيا)، فهي مطالبة بتفعيل الدستور، والاستجابة والتفاعل مع نبض المجتمع ومطالب الشعب المغربي.
وثالث مؤسسة في نفس الهيكل المخزني، البرلمان بغرفتيه للنواب والمستشارين باعتبارهم منتخبي الأمة، والذين تكاسلوا وغضوا البصر عن هذا الملف، اما خوفا منه سياسيا أو لعدم قدرتهم على إيجاد مخرجات عملية ترضي الجميع، لكن هذا لا يلغي دورهم ومكانتهم في الملف، بل يبقى وصمة عار على جبينهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وهناك مؤسسات منظرة، يرتبط مستقبل الامازيغية ومصيرها بإحداثها، كالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والذي ينتظره جميع المغاربة للحسم في الهوية اللغوية والثقافية للمغرب في ظل الاختلاف والتعدد، لكن مع استحضار الجانب الإنساني والخصوصية المغربية والاستثناء الحقيقي للمغرب، مع التميز الايجابي لفائدة اللغة والثقافة الامازيغية لما تحتاجه إلى عناية واهتمام وهي في طريق إلى الانقراض والاندثار والهامش اللغوي كونيا.
ومن كل ما سبق يبدو أن مسؤولية المؤسسات الوطنية قائمة في مجال ملف الامازيغية، وانية في الوقت الحالي، وكل تأخير أو فشل فاركان الدولة المغربية مسؤول كل حسب اختصاصاته وقوته ومكانته ومدى تأثيره على مجريات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمغرب ، عليها الإفراج على ملف الامازيغية شكل يستجيب لمساهمات ومتطلبات الحركة الامازيغية .
بقلم: الحسن بنضاوش زيري
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.