فيما يخص حصيلة الأمازيغية منذ البدايات الأولى فينبغي التأكيد على أن الحركة الأمازيغية كانت امتدادا للنضال الأمازيغي والمقاومة منذ آلاف السنين، حيث ليست إلا الوجه المدني الحديث لتلك الروح القديمة التي عرفت بالتفاني في الدفاع عن الأرض والتعلق بالحرية، ولهذا كان طبيعيا أن تحقق الحركة الامازيغية مكتسبات كثيرة انتزعتها بصمودها وبعقلانيتها وبفكرها القوي والمقنع الذي يتماشى مع حقوق الإنسان ومع العصر الذي نحن فيه.
فمنذ ظهور أقدم جمعية في منتصف الستينات إلى الآن كان المسار شاقا ومليئا بالصعوبات والتضحيات، ولكن المناضلين الأمازيغيين استطاعوا أن يغيروا الكثير من الأشياء رغم أنهم لا يتوفرون على الدعم المادي المطلوب، كما أن الجميع كان ضدهم لا الأحزاب ولا الدولة ولا حتى جزء كبير من المجتمع، ولكنهم تمكنوا من أن يُسمعوا كلمتهم ويوصلوا الأمازيغية إلى الدستور وإلى المؤسسات وأن يسجلوا صفحات مجيدة من النضال في الشارع وعلى مستويات عديدة.
وقد تحققت خلال هذا النضال الطويل مكتسبات أذكر منها تزايد عدد الجمعيات الأمازيغية وظهور الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة وكذلك حركة “تاوادا ن إمازيغن” التي استطاعت أن تنظم لأول مرة نزول الأمازيغ إلى الشارع لوحدهم دون ذكر مشاركتهم للمسيرات الأخرى التي كانوا ينضمون إليها، كما أسجل بهذا الصدد تراجع القومية العربية وانهزام الإسلام السياسي أمام المواقف الامازيغية حيث لم تستطع هاتان الإيديولوجيتان أن تصمدا كثيرا لعرقلة المطالب الامازيغية التي بدأت تتحقق بالتدريج رغم الشغب الذي كان القوميون والإسلاميون يحدثونه في كل مرة، فدخلت الامازيغية إلى المدرسة وكذلك إلى الإعلام وبدأت تبرز في الفضاء العمومي وفي واجهات المؤسسات، وتقوى النضال الامازيغي دوليا بتأسيس الكونغريس العالمي الأمازيغي، وتم تتويج كل هذه المكتسبات بالدستور الذي اعترف أخيرا بالأمازيغية لغة رسمية سنة 2011.
بعد أن أصبحت الأمازيغية مطلبا في الشارع المغربي ولم تعد قضية الحركة فقط، ولكن أعتقد أن أكبر مكتسب للأمازيغية هو الوعي الشعبي الذي تزايد لدى الاوساط الشعبية ولدى النخب، حيث أصبح الكل يتحدث عن الانتماء إلى الامازيغية بشكل أو بآخر بعد ان كان الناس يخجلون من أمازيغيتهم، وسيكون على الامازيغ أن يستمروا في النضال إلى حين تحقق كل مكتسباتهم الاخرى وخاصة منها ما يتعلق بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين للحركة الثقافية الامازيغية وتعميم الأمازيغية في التعليم وفي الإعلام والإدارة والقضاء وكل مناحي الحياة، وترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة، وكذلك عودة الأراضي المغتصبة إلى أصحابها وتدبير استغلال الثروات طبقا للقانون، وهي كلها قضايا اقتصادية واجتماعية ترتبط بالملف الأمازيغي.
وعلى المستوى الحكومي نؤكد على أن الأربع سنوات المنصرمة لم تعرف أية إجراءات جدية لتفعيل الدستور بل على العكس تماما فقد كانت هناك تراجعات كما حصل في التعليم وفي الإعلام العمومي والخاص.
التعليقات مغلقة.