مكتبة الروائي العالمي أمبرطو إيكو تتحول إلى فيلم…

الدكتور حسن الطالب

” الحياة بدون كتب تصبح جد قصيرة والحقيقة المطلقة هي الحقيقة الروائية ” أمبرطو إيكو

المكتبة الخاصة بأمبرتو إيكو هي أقرب إلى محراب استثنائي للثقافة: فقد احتوت مكتبته على حوالي 50000 كتاب من العناوين المعاصرة و 1500 كتاب نادر وقديم يعود أصول بعضها إلى القرن 17. بعد وفاته في 19 فبراير من عام 2016، تم التبرع بالمكتبة إلى الدولة الإيطالية لمدة 90 عاما كما جاء في وصيته، فالأعمال المعاصرة ومجمل الأرشيفات ستذهب لجامعة بولون(Bologne) التي درس بها الكاتب طيلة حياته، في حين ستؤول مكتبته السيميائية السحرية والعجائبية كما فضل تسميتها Bibliotheca semiologica curiosa, lunatica, magica et pneumatica, المؤلفة من 1, 200 كتاب ما بين قديم وحديث وبعضها نادر إلى مكتبة بريدانس دو بريراBraira) (Braidence de بمدينة ميللانو .

أمبرطو إيكو الذي ملأ الدنيا وشغل الناس على مدى 50 عاما بأبحاثه التي تحول بعضها إلى أيقونات في مجال البحث السيميائي والجمالي والتواصل الجماهيري مثل “العمل المفتوح” (l’œuvre ouverte) (1962) و”البنية الغائبة” (La Structure absente) (1968) و”الدليل” (1972) و”القارئ في الحكاية”(Lector in fabula) (1979) و”السيمائية وفلسفة اللغة” (1984) علاوة على روايات صُنفت لا من حيث قيمتها أو من حيث مبيعاتها التي تجاوزت 40 مليون نسخة من عيون الأدب العالمي المعاصر مثل “اسم الوردة” و”بندول فوكو” و”جزيرة اليوم السابق” و” وبودولينو” و “مقبرة براغ”..إلخ سيميائي ومبدع استثنائي قلما يجود الزمان بمثله في حقل اختصاصه. وقد كان من حظ اللغة العربية أن ترجمت معظم أعماله وحازت اهتماما كبيرا من لدن القارئ العربي الذي وجد الباحثون والقراء في منجزه البحثي والإبداعي كل قيم الإنسانية التي تجعل من المعرفة معرفة مشتركة متعددة الجوانب ولاسيما في بعدها المتوسطي والأنسي.

تحويل مكتبة صاحب القولة المشهورة: ” الحياة بدون كتب تصبح جد قصيرة والحقيقة المطلقة هي الحقيقة الروائية” إلى فيلم هو حدث يرى فيه المهتمون به وبإنتاجه الفريد فرصة لولوج عالم إيكو الفتان، هو الذي سحر القراء بعوالم إبداعه الروائي وأبطاله الخالدين كويليام باسكرفيل وأداسو دا ملك (اسم الوردة) أو كازابون أو جكوبو بولبو (فيب ندول فوكو) أو غيرها. فقد كان يصف مكتبه بالملاذ الذي يجد فيه السكينة والطمأنينة، ونافذة يطل من خلالها على قرون غابرة من الفكر والإبداع الإنسانين وقد ساعده إتقانه لسبع لغات أن يطلع على أجود ما جادت به قرائح المبدعين الكبار في معظم اللغات، فكان يستقي عوالم رواياته وأبطالها من مخزون الذاكرة البشرية في كل العصور والحقب ومن ثم طابعها الإنساني المفتوح.
في تصور إيكو ليست المكتبة فضاء فحسب، بل هي ذاكرة متحركة، مشرعة على نوافذ المتعددة، وعلى ثقافات متنوعة، وعلى ذاكرات ممتلئة ومكثفة. لذلك كان يرى أن عصر التكنولوجيا والرقمنة قد أعاد إلى أذهننا مكانة الكتاب وأنه لا “أمل في التخلص من الكتب”’N’spérez pas vous débarrasser des livres (2009) كما يوضح عنوان أحد كتبه المشهورة التي ألفها بالاشتراك مع الإعلامي والسينمائي جون كلود كريير.
أخرج هذا الفيلم المخرج والروائي الإيطالي دافيد فيرارو (David Ferario) بالتعاون مع أسرة إيكو وكانت تجمعه بالراحل علاقة صداقة وسبق له أن أعد برنامجا عن حياته وعلاقته بالكتب.
ومن الموضوعات التي تناولها الفيلم تحديدا هواجس إيكو الرئيسية: العلاقة بين الحقيقي والمزيف، والأدب كتفسير وخلق عالم بديل، وتطوير النظريات الأدبية وانعكاسها إلى فكرة أن العالم يقدم نفسه دائمًا على أنه شيء قابل دوما للتأويل والفهوم المتعددة.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading