مسيرات حاشدة في شوارع العاصمة الجزائرية
انطلقت مسيرات حاشدة في شوارع العاصمة الجزائرية وسط انتشار كثيف للشرطة التي اعتقلت عددا من الأشخاص قبل بدء الاحتجاجات الأسبوعية في يوم الجمعة التاسع عشر ضد النظام، وغداة رفض جديد لمطالب المحتجين من قيادة الجيش.
ومنذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل تحت ضغط الشارع وبعد تخلي الجيش عنه، يطالب المتظاهرون برحيل وجوه الفريق القديم، وخصوصا الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح المتمسك بالتطبيق الحرفي للدستور.
وبمجرد انتهاء صلاة الجمعة، بدأت حشود المتظاهرين ملتحفين العلم الوطني السير نحو ساحتي موريس أودان والبريد المركزي، كما كل أسبوع منذ بدء الاحتجاجات في 22 فبراير، عبر شارعي ديدوش مراد وحسيبة بن بوعلي.
الجزائريون يتظاهرون ضد العسكر:
وردّد المتظاهرون شعارات “سلمية سلمية مطالبنا شرعية”، و”الجزائر أمانة باعها الخونة”، و”لا نريد حكم العسكر من جديد”، و”دولة مدنية لا عسكرية”، و”قايد صالح.. إرحل”.
وانسحبت الشرطة التي احتلت المكان طوال الصباح إلى مواقعها قرب مبنى البريد المركزي وعلى أطراف الشوارع، بعدما قامت في وقت سابق بالتدقيق في هويات عشرات المتظاهرين واعتقال العديد منهم.
وأوقفت الشرطة في وقت سابق سبعة أشخاص على الأقل بعد تجريدهم من هواتفهم النقالة في شارع حسيبة بن بوعلي. وفي شارع ديدوش مراد أوقف رجال أمن بالزي المدني شابين بمحاذاة جامعة الجزائر1. واقتيد الموقوفون في شاحنات الشرطة، بدون أن يعرف سبب توقيفهم.
الخوف وراءنا
وكما في يوم الجمعة السابق، تم اعتقال أول المتظاهرين قبل انطلاق الاحتجاجات الكبرى، خصوصا القادمين من المناطق البعيدة من العاصمة الذين تمكنوا من الوصول إلى ساحة البريد المركزي رغم إغلاق مداخل المدينة.
واستهدفت الاعتقالات الأسبوع الماضي حملة الراية الأمازيغية، وأمر القضاء بحبس 18 منهم في انتظار محاكمتهم بتهمة “المساس بوحدة الوطن”.
وحتى بعد احتشاد المتظاهرين، لاحقت الشرطة حاملي الرايات الأمازيغية وتدخلت لاعتقالهم مستخدمة بخاخات الغاز المسيل للدموع من أجل الانسحاب.
وتسبب ذلك في توتر بين الشرطة والمحتجين، ولكن تدخل شباب يلبسون سترات خضراء مكتوبا عليها “سلمية” مع الشباب المسعفين بالسترات البرتقالية، ساهم في تهدئة الوضع وانسحب رجال الشرطة.
وكان توقيف هؤلاء تنفيذا لتعليمات رئيس الأركان من أجل منع أي “راية أخرى” في التظاهرات، غير العلم الوطني، فرد المحتجون بشعار “أمازيغي عربي إخوة وقايد صالح مع الخونة”.
وقال أحمد (54 عاما) لوكالة فرانس برس: “أنا مندهش من هذا العدد الكبير للشرطة، لم أر هذا من قبل. إنهم يريدون إخافتنا لكن نقول لهم الخوف وراءنا”.
من جهتها، استغربت حسينة (34 عاما) الانتشار الكثيف لرجال الأمن قائلة: “الشرطة احتلت الساحات قبلنا وبدأت بتوقيف الناس. أنا نفسي شاهدت شخصا اعتقلته قوات مكافحة الشغب”.
وكان ناشطون نشروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي شعارات هذا اليوم، وهي “مرحلة انتقالية تحقق القطيعة مع النظام قبل الانتخابات الرئاسية”، للرد على تحذيرات رئيس الأركان الفريق قايد صالح الذي اعتبر أن المطالبين بفترة انتقالية يسعون إلى “حماية الفساد من خلال تأجيل محاربته”.
التشويش على العدالة
وسبق لرئيس الأركان أنّ صرّح في 18 يونيو بأن “تجميد العمل بأحكام الدستور قد يقود نحو مرحلة انتقالية… ما يعني إلغاء كافة مؤسسات الدولة والدخول في نفق مظلم اسمه الفراغ الدستوري، ويعني بالتالي تهديم أسس الدولة الوطنية الجزائرية”.
وطالت الملاحقات القضائية في حملة “محاربة الفساد” كبار رجال الأعمال والمسؤولين السياسيين، وخصوصا رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال الموجودين رهن الحبس الموقت في انتظار محاكمتهما.
وحذر عدد من رموز الحركة الاحتجاجية ومراقبون من استخدام القضاء في صراع النخب في هرم السلطة، وطالبوا بترك محاربة الفساد للرئيس المنتخب.
وقال قايد صالح الذي كان وفيا لبوتفليقة طوال 15 عاما، الخميس، إن “بعض الأطراف المغرضة تحاول التشويش على العدالة والتشكيك في أهمية محاربتها للفساد، بحجّة أنّ الوقت ليس مناسباً الآن لمحاربة هذه الآفة ويتعيّن تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات، وهنا يتضّح للعيان مصدر الداء بل منبع الوباء”.
وبعد إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مرتقبة في الرابع من يوليو، لانعدام وجود مرشحين ورفض الحركة الاحتجاجية لها، باتت السلطات أمام وضع معقّد، فالدستور ينصّ على أن يسلّم رئيس الدولة الانتقالي السلطة لرئيس جديد بحلول 9 يوليو، وهي مهلة قصيرة جداً لتنظيم انتخابات جديدة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.