عبد الله بوزنداك //
الأمازيغ يتحملون جزءا من المسؤولية في ما يقع للأمازيغية من تراجع.لنفرض أن الدولة أعطت للأمازيغية المكانة اللائقة بها وأخرجت قانونا تنظيميا في مستوى التطلعات. هل سينخرط الناطقون بها في دينامية لإعادة الاعتبار لهذه اللغة ؟ إن المسؤولية التي تقع على عاتقنا كبيرة جدا. مصير الأمازيغية مرتبط بشكل كبير بالناطقين بها. ومرتبط كذلك بنا كحاملين لهذا الهم الكبير.
نعم الدولة تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، هي المسؤولة الأولى عن هذا الوضع الذي يتسم بالتراجع المهول في عدد الناطقين بالأمازيغية. ومن حقنا المطالبة بجبر الضرر عن طريق سن سياسة قائمة على التمييز الإيجابي لفائدة هذه اللغة لتعويض التخريب الذي تعرضت له بسبب غيابها عن مؤسسات الدولة لأكثر من 50 سنة.
لكن يجب أن لا نغفل أن مسؤوليتنا كبيرة فيما يقع، إننا نعاني من عدم الانسجام بين الخطاب والممارسة. فلنأخد كمثال هذا الفضاء الأزرق، الأمازيغية أصبحت لغة رسمية في الفايسبوك، وهذا إنجاز كبير، لكن لنتسائل، كم منا يكتب بها ؟ كم ساهمنا في نشر الكتابة بها ؟ كم منا يقرأ ما يُكتب بها ؟ أنا متأكد من أنه لو كتبت هذه الفقرات بالأمازيغية فحتما ستلقى إقبالا أقل وتفاعلا أقل مما ستلقاه إذا كتبت بالعربية.
إن لاوعينا يحتقر الأمازيغية، لاوعينا يفضل العربية والدارجة، لأن سنوات التدجين الإعلامي والتربوي أتت أكلها، إن إيديولوجية الدولة تتحدث من خلالنا، ومن خلال سلوكاتنا، ونحن لسنا إلا نتيجة لهذه السياسة التربوية والإعلامية التي دامت أكثر من خمسة عقود والتي تبجل تعبيرا لغويا على حساب آخر، وتكرس صورة سلبية عن الأمازيغية مما أثر في لاوعينا الجماعي.
هذا مشكل كبير يبين هوة كبيرة بين الخطاب والممارسة، هل فعلا نريد أن تنتشر لغتنا ؟ إن الأمازيغية اليوم تحتاج إلى أبنائها أكثر من أي وقت مضى، فهي تعاني من تراجع كبير خصوصا في المدن الكبرى. المفارقة الكبيرة هي أن العديد من المناضلين الأمازيغ يتحدثون بالدارجة مع أبناءهم ولا نجد أي تأثير لـ”نضالهم” في بيوتهم؟ والعديد منهم يكتب تدويناته على الفايسبوك بالعربية أو الدارجة… والأمَرّ أن أغلب الجمعيات والتنسيقيات والتنظيمات المدافعة عن الأمازيغية لا تحرر بياناتها بالأمازيغية، وهنا أستثني طبعا بعض المبادرات التي من المفروض أن تُعَمَّم.
آن الأوان أن نتدخل قبل فوات الأوان، إن اللغة تعيش من خلال استعمالها، وكلما ابتعدت عن الاستعمال تموت. إن الاستمرار على هذا الوضع يعني شيئا واحدا، هو أننا فعلا نريد للغتنا أن تختفي ليقتصر نضالنا على الأمازيغية الهوية والثقافة والأرض، ونؤجل هَمَّ اللغة المؤرق بتعقيداته إلى أجل غير مسمى، ونستفيق بعد مدة على لغتنا وقد لفظت أنفاسها الأخيرة كما وقع للعديد من الشعوب التي استفاقت بعد فوات الأوان، لتناضل بعد ذلك فقط من أجل بقاء بعض الآثار القليلة التي تؤرخ لوجود لغاتها. ولن نجازف إن قلنا أن أعداء الأمازيغية يراهنون على الوقت لكي يُمحى ما تبقى من هذه اللغة. آن الأوان أن يكون نضالنا نوعيا، وأن نتخلى عن بعضٍ من كبرياءنا وأنانية البعض منا.
أخيرا إليكم هذه الخريطة التي أسميها “خريطة الموت”، وتبين مراحل موت اللغات في المجالات الحضرية، الأمر قد ينطبق على الأمازيغية في مواجهة زحف الدارجة ببعض المدن المغربية. للمزيد من لإطلاع على موضوع مراحل موت اللغات، أنظر المراجع أسفله:
Fasold, R. (2004), The Sociolinguistics of Society. Oxford : Basil Blackwell.
Crystal, D. (2000), Language Death, Cambridge University Press.
Fishman, J. A. (1972), Language In Sociocultural Change California: Standford University Press.
Dorian, N. (1981), Language Death: the life Cycle of a Scotish Gaelic Dialect. Philadelphia: Univ. of Pennsylvania Pres
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.