مذكرة ترافعية للفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب “FNAA”، حول وضعية الأمازيغية بمشروع القانون رقم 15/38 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة
مذكرة ترافعية للفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب “FNAA”، حول وضعية الأمازيغية بمشروع القانون رقم 15/38 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة مُوجّهة لـ :
- السيد رئيس مجلس المستشارين
- السادة والسيدات رؤساء الفرق والمجموعات النيابية بمجلس المستشارين
رئيس فريق/ المجموعة النيابية:
1- تقديم:
حيث أن الأمازيغية هوية، لغة، ثقافة وحضارة مغربية عريقة في حاجة إلى حماية تشريعية، وآليات مؤسساتية وإجراءات عملية ترد الاعتبار إليها وتنهي عقود التهميش والإقصاء وفق منطق للمصالحة يعيد تشكيل الهوية واللغة والثقافة الوطنية عبر منظومة العدالة والمدرسة والإدارة والإعلام العمومي، واعتمادا على توصيات اللجنة الأممية المكلفة بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري المنبثقة عن اجتماعها المنعقد في غشت 2010، وعلى توصيات اللجنة الأممية المكلفة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 2006 و2015، والتي توصي الدولة المغربية صراحة بوضع وتبني إجراءات ذات طابع قانوني ومؤسساتي لإخراج الأمازيغية من وضع الدونية،
وتأسيسا على الملاحظات الختامية والتوصيات ذات العلاقة بإعمال الدستور الموجهة إلى بلادنا من طرف هيئات المعاهدات وأصحاب الولايات برسم المساطر الخاصة وفي إطار الاستعراض الدوري الشامل.
وبناءا على القرار حول مشاركة المجتمع المدني وتفاعله مع البرلمان وباقي المجالس المنتخبة ديمقراطيا من أجل تطوير وتنمية الديمقراطية، المصادق عليه من طرف الجمعية البرلمانية 113، بجنيف بتاريخ 19 أكتوبر 2005.
وأخذا بعين الاعتبار المستجدات الحاصلة بالوثيقة الدستورية المعدلة وبالأخص مقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل الخامس منها، والتي تنص على: ” تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء“.
واستحضارا لبعض ما جاء بالتصريح الحكومي المقدم أمام البرلمان في شهر يناير 2012 والذي جاء في بعض فقراته ما يلي: “…..إعطاء الأولوية للقوانين ذات طابع المهيكلة كالقوانين التنظيمية الخاصة بعمل الحكوميةوالتعيينات والقضاء والأمازيغية “. والدي أضاف: ” لقد أقر الدستور توجهات في هذا المجال تقتضي تنزيلا تشاركيا يرتكز على تقوية اللغتين الوطنيتين الرسميتين العربية والأمازيغية في إطار يحفظ الوحدة ويضمن التنوع وذلك بالعمل على تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية عبر وضع قانون تنظيمي يحدد كيفيات إدراج الأمازيغية وإدماجها في التعليم والحياة العامة، مع صيانة المكتسبات المحققة ووفق جدولة زمنية تراعي المجالات ذات الأولوية، واعتماد منهجية تشاركية مع مختلف الفاعلين في مجال النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين،“
واستحضارا للأهداف ذات الصلة باللغة الأمازيغية الواردة بميثاق إصلاح منظومة العدالة بالمغرب. ومنها تلك الرامية إلى “ضمان التواصل بين المحاكم والمواطنين والمواطنات باللغة الأمازيغية.”
وانطلاقا من كون الحركة الأمازيغية بالمغرب، تشكل جزءا لا يتجزأ من هذه الحركة المجتمعية، والتي كانت دائما تناضل من أجل الكرامة والمواطنة، إلى جانب القوى الحية ببلادنا، بل وما فتئت تلعب دور الرافعة من أجل التغيير والتنمية الديمقراطية بشكل عام، وإلى بناء الإطار القانوني والمؤسساتي بشكل خاص الذي سيفضي إلى جبر كل الانتهاكات التي كانت ولا زالت الهوية والحضارة الأمازيغية عرضة لها طيلة العقود الماضية.
وانطلاقا من كون ترسيم الامازيغية بكل مرافق الحياة العامة بما فيها القضاء كان اول مطالب الحراك الشعبي لسنة 2011،
وبالنظر إلى التأخير المتعمد الحاصل في اصدرا القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، واعتماد هذا التأخير كخلفية ومبرر لدى القطاعات الحكومية المعنية في استمرارها في وضع مشاريع قوانين تنظيمية وعادية مناقضة للوعود وأهداف الدستور.
فإننا في الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب “FNAA” وبعد اطلاعنا على مشروع القانون رقم 15/38 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة والذي تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي يوم الخميس 18/02/2016 وبالأخص ما جاء في مقتضيات مادته 15 والتي جاء فيها ما يلي: “تظل اللغة العربية لغة التقاضي والمرافعات وصياغة الأحكام القضائية أمام المحاكم مع العمل على تفعيل اللغة الأمازيغية طبقا لأحكام الفصل 5 من الدستور، ويجب تقديم الوثائق والمستندات للمحكمة باللغة العربية أو مصحوبة بترجمتها مصادق على صحتها من قبل ترجمان محلف كما يحق للمحكمة ولأطراف النزاع أو الشهود الاستعانة أثناء الجلسات بترجمان محلف تعينه المحكمة أو تكلف شخصا بالترجمة بعد ان يؤدي اليمين أمامها.”
وبناءا على إحالة هذا المشروع على لجنة التشريع وحقوق الإنسان بالغرفة الأولى للبرلمان، وانطلاق مسلسل مناقشته بها بتاريخ 22 مارس 2016، الذي يصادف بيوم قبله احتفال البشرية باليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري.
وتفعيلا لمهامنا الجمعوية، نود أن نتقدم لكل المتدخلين والمعنيين بالتشريع، من نواب الامة، من أجل تدارك وإصلاح الوضع الدوني للأمازيغية بمقتضيات مشروع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، آملين أن تلقى الدعم المطلوب كمنطلق لبناء مغرب متعدد مستوعب لتنوعه اللغوي والثقافي ويقطع عمليا مع التمييز والمعاناة اليومية للمواطنين والمواطنات الناطقين بالأمازيغية أمام جميع قطاعات منظومة العدالة ببلادنا،
2- ملخص التشخيص:
نعتبر أن دولة ما بعد الاستقلال بالمغرب كانت تسعى إلى جعل الهوية المغربية تتركب من ثنائية العروبة والإسلام في تهميش وإقصاء واضحيْن لباقي المكونات اللغوية والدينية، وطمسٍ مقصود لروافد تكوين الشخصية المغربية. وقد انعكست هذه السياسة على قطاع العدالة بشكل واضح خاصة بِجعل اللغة العربية وحدها لغةً للتقاضي بالمغرب من خلال القانون رقم 3.64 بتاريخ 26 يناير 1965 المتعلق بتوحيد المحاكم الذي ينص فصله الخامس على: ” أن العربية هي وحدها لغة المداولات والمرافعات والأحكام في المحاكم المغربية“، أضف إليه قرار وزير العدل رقم 414.65 بتاريخ 29 يونيو 1965 الذي ينص في فصله الأول على: ” يجب أن تحرر باللغة العربية ابتداء من فاتح يوليوز 1965 جميع المقالات والعرائض والمذكرات المقدمة أمام مختلف المحاكم“
لذلك نرى أن التطبيق العملي لهذا النص استبعد بشكل جدلي كل إمكانية لاستحضار التعدد اللغوي في فضاءات العدالة، كما رَبط ممارسة المهن القضائية بإتقان اللغة العربية كامتداد لفلسفة تعريب حقل العدالة وهكذا مثلا : يسجل من خلال الحالات المعروضة علينا استمرار التمييز ضد الناطقين بالأمازيغية أمام مختلف مرافق السلطة القضائية، كما يسجل استمرار العمل بمقتضيات الفقرة الثانية من البند الرابع من المادة 18 من القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة على:” ويتعين على المحامين المنتمين لهذه الدول، إن لم يكونوا حاصلين على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة المنصوص عليها في المادة 5 أعلاه اجتياز امتحان لتقييم معرفتهم باللغة العربية وبالقانون المغربي قبل البت في طلباتهم“. أو القانون رقم 00-49 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة بتاريخ 22/06/2001 ولاسيما البند السادس من المادة الثالثة من الفرع الأول من الباب الثاني الخاص بشروط ولوج المهنة والذي ينص على الإجازة في اللغة العربية كمؤهل علمي لولوج المهنة في استثناء واضح للإجازة في الدراسات الأمازيغية أو غيرها من اللغات المتداولة بالمغرب.كما أنّ لقانون توحيد المحاكم المغربية وتعريبها آثار قانونية غير دستورية لا تخلو من تجليات التمييز، وتكرس لمحاكمة غير عادلة للأمازيغيين.
كما يسجل آنيا وفي موضوع هذه المذكرة:
1. الوضع الدوني الذي وضعت فيه الامازيغية لغة وثقافة وهوية بمقتضيات المادة 14 من نص مشروع قانون التنظيم القضائي، عبر اعتماد منهج تمييزي تراتبي لكلمة “تظل” وكلمة “تعتبر أيضا” الواردة في الفصل الخامس من الدستور.
2. إقصاء الامازيغية لغة وثقافة من مجالات الولوج للعدالة، ومنها فضاءات التواصل والترافع أمام المحاكم،
3. تعليق استعمال اللغة الأمازيغية بمرافق القضاء وربط ذلك بتعيين ترجمان، هو بمثابة اعتبارها لغة أجنبية، وهو توجه خارج السياق الدستوري والحقوقي للبلاد ومساس بالحق في ولوج الامازيغ للعدالة.
4. تعامل نص مادة المشروع مع الأمازيغيين كأجانب بأوطاننا الأصلية، عندما تم فتح المجال ضمنيا بتعين تراجمة للأمازيغ بمحاكم وطنهم.
لذلك، ومن أجل إصلاح وتجاوز المعيقات المفصّل بعضُها أعلاه فإننا في الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب “ FNAA ” ندعو الى ما يلي:
1. تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية موضوع الفقرة الثالثة ومقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل الخامس من الدستور المعدل حتى تتمكن الأمازيغية من أداء أدوارها كاملة في فضاءات العدالة موضوعاتيا ومؤسساتيا.
2. ملحاحية تطابق القوانين العادية والتنظيمية مع توصيات اللجان الأممية ذات الصلة ومع مقررات الفصل الخامس من الدستور بما يضمن المساواة بين اللغتين الرسميتين،
3. مراجعة نص المادة 14 من مشروع القانون رقم 15/38 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وذلك بشكل يضمن استعمال اللغة الأمازيغية أمام مرافق السلطة القضائية بدون أي شكل من أشكال التمييز،
4. نسخ أحكام القانون رقم رقم 3.64 بتاريخ 26 يناير 1965 المتعلق بتوحيد المحاكم وذلك بباب الأحكام الختامية والانتقالية من المشروع.
5. تنقيح الترسانة القانونية المغربية من كافة النصوص المكرِّسة للتمييز العنصري على أساس اللغة أو العِرق أو الدين أو غيره، واستصدار مقتضيات تشريعية جديدة أو معدلة لتلك المذكورة أعلاه، تأخذ بعين الاعتبار التعدد اللغوي والتنوع الثقافي بالمغرب، وتجعل من الأمازيغية لغة رسمية لها وظائفها المَنوطة بها في المجتمع والدولة.
6. أن يفتح المجال في مواد المشروع للموروث القانوني والعرفي الأمازيغي ليكون مصدرا من مصادر التشريع بما لا يتعارض مع المرجعية الأممية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب.
7. جعل استعمال وإتقان اللغة الأمازيغية، مجالا للتنافس بين موظفي كتابة الضبط والقضاة وأطر المهن القانونية المساعدة للقضاء خِدمة لكافة المواطنين والمواطنات دون تمييز.
8. ربط مسالة تعيين القضاة بشرط معرفة وإتقان التعابير اللسنية للغة الأمازيغية السائدة بالمنطقة التي سيتم تعينهم بها.
السيدات والسادة :
تفاعلا مع مقترحاتنا أعلاه فإننا نقترح تعديل نصوص مشروع القانون رقم 15/38 المعروض على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالغرفة الأولى وذلك باعتماد المقتضيات القانونية التالية:
المادة 14
تعتبر اللغة الأمازيغية أيضا لغة التقاضي ولغة الولوج للقضاء وجميع المهن القانونية والقضائية، وتمارَس الدعاوى والإجراءات القضائية بإحدى اللغتين الرسميتين.
المادة 14 مكرر 1
تراعى الحقوق اللغوية الأمازيغية للمرتفقين، في تعيينات وترقيات الموظفين ومن في حكمهم، وفي تقييم نجاعة أدائهم الوظيفي أو المهني.
المادة 14 مكرر 2
يتم تأهيل مختلف المتدخلين والعاملين في منظومة العدالة باعتماد وإحداث تكوينات خاصة في مجال الأمازيغية لغة وثقافة وأعرافا.
المادة 14 مكرر 3
يراعي المجلس الأعلى للسلطة القضائية معيار العدالة اللغوية، في تنفيذ صلاحياته واختصاصاته في مجال تعيين القضاة، وتقييم نجاعة أدائهم المهني.
عن مكتب الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب “FNAA”
الرباط في 07 دجنبر 2017
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.