محطات من حياة وطني كبير ..وفاء لروح الوطني والمقاوم والاتحادي سي محمد بوراس الفيجيجي ..
تارودانت * بقلم: مصطفى المتوكل الساحلي//
انتقل إلى عفو الله ورحمته الوطني والمقاوم واحد مؤسسي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأخ محمد بوراس الفيجيجي بمدينة تارودانت يوم الاحد 23 غشت 2020 ليدفن بالمقبرة الكبرى بباب الخميس قرب رفيقه في الوطنية والنضال عمر المتوكل الساحلي .
وفي علاقة بهذا المصاب الجلل نود من تارودانت ان نقد للقراء والمهتمين خلاصة تركيبية لحياة الفقيد انطلاقا من مذكرات الفقيه الفيكيكي التي تحمل عنوان : سفر في زمن المقاومة والنضال والمنشورة سنة 2015.
..هو محمد بوراس المعروف بالفيجيجي .. من قبيلة زناكة بمنطقة فيجيج بن محمد العربي بن محمد البشير ..قدمت اسرته تضحيات حيث ستشهد جده من جهة الوالدة وأصيب والده ووالدته في مواجهة الاستعمار الفرنسي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .. وسي محمد بوراس من موالدين أوائل العشرينات وأوراقه الرسمية تحمل سنة 1927 .والفقيد عنده أربعة إخوة يكبرونه سنا وهم بنتان وولدان وأخت أصغر منه .. تلقى تعليمه الأول بمسجد القبيلة حيث ختم القرآن مرتين ودرس الفقه والنحو والمنطق الصوري .. التحق بالقرويين سنة 1944 وكان مستواه المعرفي والتعليمي متقدما على أقرانه وعلى ما يدرس ورغم كل محاولاته ليجتاز امتحانا يخوله المستوى الذي يستحق أن يدرس به اضطر سنة 1946 للتوجه الى عبد العزيز بن ادريس الذي نصحه بالذهاب الى مؤسسة بن يوسف بمراكش حيث شكلت لجنة من عالمين ليختبراه ليقررا بأن يلتحق بالثانوي ..
وبمراكش تعرف على الفقيه البصري ،وبوشعيب الدكالي ،الحريري ، وبوشعيب البيضاوي وآخرين .. و كان من مؤطريهم في الوطنية والسياسة كل من عبد الله إبراهيم المتواجد بمراكش والمهدي بنبركة وأبوبكر القادري .. تأسست جمعية للطالب باقتراح من عبد الله إبراهيم وأجريت انتخابات تمثيلية على مستوى كل قسم وانتخب هو وثلة من الشباب منهم بوشعيب الدكالي ،ومحمد بلحاج، ومحمد البصري ، وعبد الرحمن بلفضيل ، وبوشعيب البيضاوي .. وأصدروا مجلة أسموها الشرارة ، أصبح للجمعية صدى ووزن تجاوز مراكش ليؤثر في طلبة فاس ومكناس حيث تم الاتفاق مع عبد الله إبراهيم ليتجه للرباط كل من بوراس والبصري عند سي بوبكر القادري للتنسيق معه للسفر إلى فاس ومكناس فعقدت لقاءات مصغرة كشفا فيها غايتهما وموضوع تأسيس الجمعية بفاس ومكناس ..
وأثناء زيارة محمد الخامس لمراكش 1950 قام مع بعض الطلبة بالتشهير ببعض الخونة بكتابة أسمائهم على الجدران وكان من القلائل الذين قامو بالإتصال مع بعض العلماء لجمع عرائض مؤيدة لمحمد الخامس الذي كانت تجمع عرائض ضده بإيعاز من المقيم العام وإشراف القياد الخونة ومنهم الباشا الكلاوي .، وفي سنة 1951 كان من المشاركين الرئيسيين لتنظيم إضرا ب للطلبة احتجاجا وتضامنا مع طلبة القرويين بسبب توقيف استاذين بها بتوجيه من الإقامة العامة للسلطات الاستعمارية ،، ونجح الاضراب الأول ثم نظم إضراب ثان لامحدود للتضامن حول نفس الموضوع ..ليستدعى الفقيه بوراس من طرف الباشا بمراكش حيث اقتيد مكبل اليدين ب ” الحجيلة ” حبل صغير ليعتقل ويتعرض للضرب بعصبة الثور 200 مرة تناوب عليها أربعة مخازنية ، كما اعتقل العديد من رفاقه وتعرضوا للتعذيب مثله ، الى أن افرج عنهم بتدخل من السلطان محمد الخامس ليتنهز فرصة اطلاق السراح ويتجهه إلى البيضاء للتواصل مع وطنيين منهم مبارك منار .. ولقد كلفه حزب الإستقلال بتنفيذ برنامج محاربة الأمية بمراكش ، ليتعرض للاعتقال والتهديد بسبب ذلك حيث منعوا من تنظيم دروس محاربة الأمية بمدرسة الفضيلة .. ولقد كان من ضمن الوفد الذي زار السلطان بالرباط لتقديم تهانئ عيد الفطر سنة 1951 كما التقوا بعد ذلك بولي العهد الحسن الثاني .. وكانت أعمالهم وانشطتهم متنوعة تشتمل حتى العمل المسرحي حيث توفق في الحصول على رخصة لعرض مسرحية بسينما مرحبا بأكادير .. لكنهم بسبب حملة اعتقالاات استباقية لمقدم وفد من الأمم المتحدة مخافة تنظيم وقفات احتجاجية ضد الاستعمار وكان من المعتقلين أعضاء فرقة التمثيل فتعرض للابعاد من مراكش بعضهم ، فبادر بوراس إلى استدعاء طلبة آخرين إلى اكادير ليتدربوا على المسرحية وليتمكنوا من استيعاب أدوارهم في زمن قياسي ليتم عرضها ،، وفي اطار إعادة ترتيب الأوضاع تم اجراء الاتصالات للقاء الملك محمد الخامس حيث رافق بوراس ثلاثة طلبة فطلبوا منه التدخل لأن بيوتهم مشمعة وطلب منهم التوقيع عدليا على الالتزام بعدم التدخل في أمور السياسة وعدم الاتصال بالحزب واخبروه بانهم لايرضون بذلك ووعدهم خيرا ، وبقي الوضع على حاله لمدة شهر وزيادة لعدم قبولهم بالعودة والإتجاه عند الباشا بمراكش لترتيب طي ملفهم ، ليخبروا لاحقا بأن الملك قال بأن المشكل حل وعليهم الرجوع لمراكش وتبين أنه تدخل فقط حتى لا يتم اعتقالهم ، وعادوا ليجدوا بيوتهم لازالت مشمعة ليبحثوا لهم عن مساكن بديلة ، وقد تعرضوا للإعتقال بأمر من ابن الباشا الكلاوي الذي كان ينوب عن والده في سفره بسب الشك في أنهم وراء كتابة أسماء الخونة بجدران مراكش وتم جلده 50 جلدة ، وليمنع بعض زعماء الطلبة من الاقتراب من كلية بن يوسف ، ويؤمر بوراس بمغادرة المنطقة ورفضت الإدارة تسليمة شهادة الانتقال التي توضح مستوى دراسته ليرحل إلى الدار البيضاء ..وبعد هدوء العاصفة أرسلت له الشهادة ليسجل نفسه بالقرويين بفاس ..
وبلغ إلى علمهم عن طريق الاعلام العملية التي وقعت بمراكش المنظمة من المقاومة بمراكش ضد الباشا الكلاوي عميل الاستعمار ،، وبعد حملة الاعتقالات التي طالت قياديين من المقاومة منهم حمان الفطواكي وعمر الساحلي ومحمد السوسي و…الخ وبعد انكشاف خلايا المقاومة والابعاد الاحتياطي لبعض المقاومين والقيادين الى مناطق أخرى منها الشمال شكلت قيادة شبابية جديدة من أربعة افراد لتدبير المرحلة مكونة بوراس وبوشعيب الدكالي والمنوزي سعيد ..وعملوا على إحداث خلية بفاس بعناصر من الشرق والبيضاء ..
وكان الفقيد صلة وصل قوية بين الزرقطوني والفقيه البصري والمقاومة بالبيضاء ومناطق أخرى من المغرب منها فاس ومكناس ووجدة و الناضور وفكيك و…تعرض للاعتقال مارس 1955 .
وذكر في مذكراته انه في 1952 بعد اعتقال أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال في سياق التضامن والاحتجاج على اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد تصادف وجود عبد الرحيم بوعبيد مع المجاهد الحنصالي في زنزانة واحدة ، وكان بوعبيد من المدافعين عن الحنصالي ..
تكلف بعقد لقاء مع أحرضان الضابط بالجيش الفرنسي بعد وساطة واتصال قام بها د . الخطيب والبكاي وتم يوم 11 يناير 1955 وحضر اللقاء سعيد المنوزي واتفقوا على طريقة للتواصل بينهم ..
كما تم الاتصال مع أحد الأشخاص بعثه المجاهد عبد الكريم الخطابي المتواجد بمصر وكان موضوع اللقاء المساعدة في أعمال المقاومة بالريف .. وكلف بوراس عباس المسعدي بالإتصال بمرسول الخطابي وتبين لهم أن هذا الشخص له علاقة بالمخابرات الفرنسية ..
وتعددت الاتصالات التي يقوم بها بوراس في اطار توفير ظروف عمل أكثر قوة ومردودية مع الالتزام الكبير بقواعد السلامة والحذر ،، وفي علاقة بكل التحركات كان هناك عمل مواز سياسي ونقابي اعقبه ظهور خلاف وتباين في طرق العمل سجله عبد الله إبراهيم على المحجوب بن الصديق وفي هذا قال الشهيد إبراهيم الروداني وفق ما وثقه بوراس في مذكرته ( ها حنا غدي نشوفو هاذ المحجوب آش غدي يخرج منو ) .اعتبارا للمنافسة بين مجموعتين واحدة تدعم المحجوب والثانية تدعم الطيب بن بوعزة ،، ولقد طلب بوراس من عبد الله إبراهيم ان يتدخل بقيادة حزب الاستقلال لدعم المقاومة لكنهم اعتذروا ، وقال لهم عبد الله إبراهيم من الأفضل ان تعتمدوا على أنفسكم ..
.. . في مارس 1955 وفي كمين نصبه الاستعمار الفرنسي بعد وشاية اسباني كان في علاقة تجارية ببيع شاحنته لأحد أعضاء المقاومة ..فاعتقل بوراس لينقل إلى الرباط معصوب العينين وتعرض للتعذين لانتزاع أسرار الملف وأسماء لها صلة بالمقاومة ، وبعد أيام حضر الاسباني الواشي ليحكي بمحضر بوراس المعصوب العينين الذي ميزه من صوته تفاصيل عملية الشراء والحورات التي دارت معه .. ثم نقل إلى معتقل الشرطة بالمعاريف بالبيضاء ، وتمكن من تسريب معلومات لخارج السجن لإثارة انتباه القيادة بالبيضاء بواسطة أحد ضباط الشرطة المتعامل مع بعض القياديين حتى يغادروا المنطقة لتجنب اعتقالهم ومنهم بوشعيب الدكالي وسعيد المنوزي وعباس المسعدي ..وكان بوراس يعلن لهم أثناء التحقيق أسماء لمتعاملين مع الاستعمار على انه يتعامل معهم ،، وبعد اطمئنانه لمغادرة القيادة للدار البيضاء اعترف لهم بأنه يعمل من أجل استقلال المغرب وعودة السلطان من منفاه وأن ما يقوم به هو من جنس ما قام به الفرنسيون ضد الاستعمار الألماني .. ونفى أن يكون لحزب الإستقلال أية علاقة بالمقاومة دعما أو توجيها ،، وكان الاستنطاق يستمر معه من الثامنة صباحا إلى منتصف الليل … وبقي على هذه الحال لأكثر من شهر ونصف ، ليتم نقله إلى وارزازات مقيدا للتعرف على رجل نفى معرفته به رغم ترهيبه وتهديده لينقل مرة أخرى إلى البيضاء ليحال بعد أشهر من التعذيب على قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية فطالب بحضور محاميه في التحقيق الذي نصحه بقول ما يعرفه وكان ذلك اليوم هو أول وآخر يوم حضر فيه ذلك المحامي .. فنقل مساء اليوم الأول للتحقيق الى سجن القنيطرة وكان تعامل القاضي لبقا وذكيا لاعنف فيه فقرأ عليه محضر الشرطة ليقوم بوراس بنفي ما يراه يحتاج للنفي ويسكت عن غيره ،، وفي أحد أيامه بسجن القنيطرة أطل عليه من نافذة الزنزانة الوطني والمقاوم الشاب عبد الفتاح سباطة الذي كان معتقلا أيضا ..والذي صدر في حقه حكم بثلاثين سنة ، وكان يكلف بأعمال النظافة بالسجن ولم تكن له سابق علاقة مباشرة معه وهو من زوده بمصحف بطلب منه ومن قام بنقل المعلومات من المقاومة والوطنيين بالخارج إلى الفيجيجي ومنه إلى الخارج كما سرب تقريرا يهم المقاوم بنبوكر وآخرين المعتقلين بنفس السجن يخبرهم فيها بأنه لم يفش أي سر ولم يذكر أسماءهم أثناء التعذيب بالمعتقل ،، وبعد محاولات تم جمعه معهم في جناح واحد حيث كل واحد في غرفة ، كما سربت خلاصة تقريره الى كل من الفقيه البصري ومولاي عبد السلام الجبلي الذين نقلا من سجن غبيلة إلى نفس السجن بالقنيطرة ، ولقد كان الوطنيون يقومون بتعليم وتقديم الدروس في محاربة الأمية للمعتقلين الآخرين في أوقات الإستراحة ، وعمل قاضي التحقيق على إجراء مقابلة بين بوراس وكل من الفقيه البصري ومولاي عبد السلام وقد وضع فوق رأسه طربوش ورقي يحجب وجهه ويمكنه عبر ثقب من رؤية من هم أمامه حتى لا يتعرف عليه من أجلس أمامهم وسئل عن معرفته بهم فنفى ..ليتم بعد ذلك إصدار الأوامر بنقله نحو سجن غبيلة وذلك ما تم ، ليجد بالسجن بعد ذلك كلا من حسن العرايشي ،ومحمد منصور ،وبوشعيب الغندور ، وعبد القادر عسو ، وكلهم محكوم عليهم بالإعدام ..ولقد نظمت عملية هروب كل من البصري وسباطة ولحسن الصغير كللت بالنجاح ،، وبعد عودة محمد الخامس من المنفى يوم 16 نونبر 1955 وتشكيل حكومة برئاسة البكاي شرع القضاء في إطلاق سراح المعتقلين تباعا من سجن القنيطرة والبعض بسجن اغبيلة ولم يفرج عن بوراس الذي مازال شبه مستثني من التسهيلات التي تقدم للآخرين ،، وفي فبراير 1956 نقل باقي المعتقلين ومنهم بوراس إلى ” فوريان الدار البيضاء ” بعين الشق تحت رقابة حراس السجن .. وهكذا اقترح بوراس على منصور الهروب من المعتقل فوافق وأخبر اخرون وتم إخبار بونعيلات خارج السجن بالعملية ليحضر سيارة لنقلهم لينطلقوا فارين والالتجاء لدار عائلة الورداني بدرب الشرفاء بالدار البيضاء ليلتحق بهم كل من البصري وحسن الاعرج بالبيت ..
وتزامنت هذه المرحلة مع نداء للملك محمد الخامس يطلب فيه من من الناس ان يسلموا الأسلحة ان كانت بحوزتهم ..وفي نفس الوقت كان جيش التحرير المغربي يكمل بناءه وتنظيم قواته المتواجد في مناطق جبلية مختلفة استعدادا لاستكمال معركة التحرير حتى طرد المستعمر و الاستقلال التام مخافة تراجع المستعمر ، وسمى بوراس هذه المرحلة أي 1956 “زمن الفوضى” حيث بادر البعض في إطار تنفيذ عشوائي لنداء تسليم السلاح للقيام بنصب نقط تفتيش تسببت في فوضى واضطراب وتعسف طال حتى المقاومين الذين لايعرفهم هؤلاء وكادت تحصل مشكلة مع سي محمد منصور الذي كان محكوما بالإعدام من الفرنسيين و كان يحمل سلاحا واعترضه البعض ولحسن الحظ تعرف عليه واحد من الحاضرين ونبههم ..واضطر معها العديد من المقاومين إلى تبديل هوياتهم ووثائقهم تحسبا للالتقاء برجال الدرك ليتم انتقال إلى وجدة بتنظيم من سعيد بونعيلات ثم إلى الناظور للالتقاء بموقع تجمع أعضاء جيش التحرير والملتحقين به ووجدوا هناك قيادات منهم : التهامي النعمان ، واعمر الحريزي ، وسعيد ولد الحاج ، وكان المسؤول عن هذه المنطقة عباس المسعدي وعبد الله الصنهاجي ..
وفي هذه الفترة وصلهم خبر وفاة عباس المسعدي ،ولاحتواء الحدث الخطير وتجنب تطورات أخطر تم تسريع مصالحات بإشراف من عبد اللطيف بنجلون وأحرضان الذي عين عاملا بالرباط بعد الاستقلال ولقد حضر بوراس في اجتماع التهدئة – لم يحضره الفقيه البصري – بين المقاومين لتجنب السقوط في شراك صراعات .. وتم استقبال نخبة من جيش التحرير من طرف الملك محمد الخامس ليعود بعد ذلك للناظور ثم تطوان ،، ولقد تسرب الى علم بعض المقاومين أن جهات بجيش تحرير الشمال اتخذت قرارا باغتيال بوراس نظرا لمخالفته وانتقاده لطريقة عملهم وقمعهم لبعض المقاومين .. ، وفي نفس المرحلة أغتيل الشهيد إبراهيم الروداني وآخرين بالبيضاء …..
ولقد ألحقت قيادة حزب الاستقلال باللجنة السياسية كلا من محمد بوراس ، ومحمد البصري ، وعبد الرحمن اليوسفي ،وعبد السلام الجبلي ، وحسن صفي الدين ، والمحجوب بن الصديق عن النقابة وضمن أعضاء هذه اللجة السياسية أعضاء اللجنة التنفيذية ..لم يحضر اليوسفي لاجتماعتها بشكل كلي ، وحضر الجبلي الاجتماع الأول فقط وبقي الآخرون يداومون على الحضور .. وبعد اعتقال أحد قادة جيش التحرير الذي التحق بالجيش الملكي من طرف قيادات جيش التحرير بالشمال ليودع وآخرين بسجن بريشة ، وبتدخل من ولي العهد الذي طلب من الملك عقد مجلس وزاري للتداول في هذا الحدث .. وا ستدعى بوراس ليقوم بدور الوساطة للإفراج عن المعتقلين وذلك ما حصل ورافقه لمتابعة العملية أحد الحراس الخاصين لولي العهد ..
وبعد صراعات واختلافات بحزب الاستقلاق وبين الوطنيين شكلت حكومة عبد الله إبراهيم ليعمد بوراس للتفرغ للعمل في المنطقة الشرقية لتقوية التنظيم والتوعية السياسية ومتابعة كل قضايا الشرق ..
وفي علاقة بموضوع جيش التحرير ومنذ 1957 ارتكز العمل على حماية المنطقة الشرقية لعلاقتها بالأراضي المغربية التي لم يتم استرجاعها بعد والعلاقة مع جيش التحرير والمقاومة الجزائرية ، والجنوب المغربي الذي مازالت أراضيه خاضعة للاستعمار الاسباني ،، وقام حرمة ولد بابانا الذي كان نائبا بالبرلمان الفرنسي بزيارة لمكتب المقاومة بدرب الشرفاء بالبيضاء حيث استقبله بوراس الذي اتصل مع الفقيه البصري وبقيا على اتصال بحرمة ،وبفال ولد عمير ،والداي ولد سيدي بابا ، والمختار ولد اباه وكلهم كانوا أعضاء بالبرلمان الفرنسي كما كانت هناك اتصالات منفردة بزكرياء أمير ترارزة ،، ومن بين القضايا موضوع التشاور والتنسيق الصحراء المغربية المحتلة ، وتم تقديم الأربعة للملك محمد الخامس وأصبحوا يتوفرون على سكن بالمغرب وكانت نوايا وارادات الجميع موحدة على توحيد شمال إفريقيا بعد نهاية الاستعمار ..
ولقد لعب بوراس دورا كبيرا في تنظيم جيش التحرير بالشرق حيث أسست قاعدة عسكرية كبيرة ، وكان يتواجد بالمنطقة قواعد عسكرية للجيش الفرنسي وكذا السلطة المغربية وتواجد لجزائرين من جبهة التحرير الذين يقومون بأعمال عدائية ويعتقلون كل من لايريد مساعدتهم أو التعاون معهم وكان مركز بوعنان تحت قيادة عمر النعيمي السوسي من تارودانت الذي كان بالجيش الجزائري قبل أن يلتحق بجيش التحرير المغربي وبالخصوص بفيجيج ..وكانوا يتوصلون بالدعم وبالسلاح من كولميم بالجنوب المغربي .. وكانوا يعملون من أجل وضع حد للفوضى التي يتسبب قيها الجنود الجزائريون وفي نفس الوقت يفتحون قنوات للتفاهم .. ورتب لقاء للبعض منهم مع محمد الخامس 1958 وكان رفقتهم بوراس الذي خاطب الملك قائلا إن هذا الوفد الذي يمثل ذو يمنيع ، وأولاد جرير ، ولعمور جاؤوا لرؤية الملك وليسمعوا منه هل تلك المناطق المغربية فأجاب الملك (عرفتوا هاذ الباب اللي انتوما واقفين عليها راه بحال هنا بحال تما ) وللإشارة فقد كان جيش التحرير المغربي متحكما في منطقة الشرقية أي بشار المغربية ،، ورغم أن الأمور تسير كما يخطط لها جيش التحرير المغربي إلا أنه بدأ التحرش من طرف البعض بتحريك رجال الدرك وبعض الأشخاص بما فيهم عامل منطقة قصر السوق في محاولات منهم لتفكيك الجيش وإضعافه بإبعاد الجنود والمتطوعين عنه والتي فشل معظمها ..
ولقد تسبب الاختلاف في تدبير إتمام استقلال المغرب بين جيش التحرير المغربي وقيادته العسكرية والسياسية في علاقة بحزب الاستقلال الذي كان حزبا يجمع كل التوجهات حيث كان علال الفاسي من المتحمسين لاتمام الاستقلال وعمل الجيش إلا أن الأمور تحولت إلى صراع داخل حزب الاستقلال لتقع القطيعة بعد تعيين الملك لحكومة بلافريج سنة 1958 .حيث شدد الخناق على جيش التحرير بمنعه من الإقتراب من الجيش الفرنسي ، وبموازاة مع ذلك كانوا في مناوشات مع الجيش الجزئري الذي يستفز ويتعسف وكان جيش التحرير المغربي يردعهم ويعتقلهم أحيانا .. ولمعالجة المناوشات مع جبهة الجزائر عقد لقاء بالرباط رفقة حسن لعرج السكتاني مع عبد الحميد مهري حيث تبين أن ما يقع متعمد وأن نيتهم جميعا هي الإستيلاء على الأراضي المغربية ،، إلا أن جيش التحرير المغربي تمكن من نشر قواته وبسط نفوذه بالمناطق الاسترتيجة بشرق المغرب وبقي الاتصال مستمرا بانتظام مع القيادة الوطنية المتواجدة بالدار البيضاء بمنطقة بوشنتوف بليوط وكان مكلفا بالاتصلات اللاسلكية والراديو بعض الجنود الصحراويين المغاربة الذين كانوا بالجيش الاسباني حيث ترفع تقارير عن الأوضاع والتحولات والمستجدات ،، وربط الاتصالات أيضا بجيش التحرير بالجنوب المغربي بكولميم وقياديين منهم الشهيد إبراهيم التزنيتي ، وادريس بنبوبكر … إضافة لوجود بنسعيد ايت ايدر وباهي بمنطقة بيزاكارن …
ولقد شنت حملات إعلامية ممنهجة ضد المقاومين والوطنيين وأعضاء من جيش التحرير في علاقة بسياسة حكومة بلافريج وتوجه قياديين من حزب الاستقلال وكانت جريدة ” الأيام ” التي يسيرها أحمد زياد تقوم بالدور الأساسي في التهجم والإساءة ،، وتطورت الأمور إلى اعتقال بعض الوطنيين والمقاومين بجيش التحرير بالشرق ليقدم الجيش المغربي على تطويق كل مراكز جيش التحرير بالمنطقة ،، وبعد لقاءات بين بوراس والملك محمد الخامس تم تطويق المشكل والنزاع وتم الافراج عن جميع المعتقلين وتزامن هذا مع تبعات ملف عباس المسعدي الذي سينقل رفاته إلى أجدير واستغل البعض ذلك وشرع في إتلاف مقرات حزب الاستقلال وكان ما سيعرف بأحداث الريف ،، وفي ظل هذه الإضطرابات سقطت حكومة بلافريج ، ولتجاوز الأزمة عين محمد الخامس أواخر 1958 عبد الله إبراهيم رئيسا للحكومة وكان عبد الرحيم بوعبيد وزيرا للاقتصاد و.. ، ومن تداعيات الصراع داخل حزب الاستقلال قرر بوراس وآخرين الإنسحاب من اللجنة السياسية والقيام بعقد لقاءات تواصلية بمختلف ربوع الوطن لشرح موقفهم وقراراتهم وكان بوراس مكلفا بالشرق ،، وقامت حكومة عبد الله إبراهيم بمبادرات واعمال إيجابية كان لها الصدى بالوطن وفي هذه الأجواء طالب كل من عبد الله إبراهيم وعبد الرحيم بوعبيد بجلاء الجيش الفرنسي من المغرب ، وقال أحد المسؤولين الفرنسيين متحديا : ( سنرى من سيجلى ، أنحن أم هم ؟) ..وفي ماي 1960 تمت إقالة حكومة عبد الله إبراهيم ، وشكلت حكومة يترأسها الملك محمد الخامس وبها أحزاب باستثناء الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ..
ولقد شهد المغرب حملات من القمع والاعتقال طالت العديد من القادة الوطنيين والمقاومين وقيادات جيش التحرير المغربي .. وتوبع العديد بتهم ملفقة موضوعها مؤامرة اغتيال ولي العهد وبقوا معتقلين إلى أن أصدر الملك الراحل محمد الخامس بلاغ العفو عنهم ..
وبعد العفو مباشرة شرع الاتحاديون 1960في الإعداد للانتخابات حيث حصلوا على أغلبية المقاعد في المدن الكبرى …وفي أكتوبر 1960 ذهب بوراس رفقة عبد الرحيم بوعبيد الذي ألقى محاضرة بوجدة ،، وبعد عودتهم علم بحدوث اعتقالات كبيرة شملت حتى بنموسى وبنحمو ..وأخبر بنسعيد الذي التحق ببوراس وقررا الاختفاء حيث استقر بضيعة مولاي العربي التي بقي بها قرابة 3 أشهر ونقله بنسعيد إلى موقع آخر حيث وجد إبراهيم التيزنيتي مختفيا أيضا .. وبقوا كذلك إلى اليوم الذي توفي فيه محمد الخامس فبراير 1961 ، حيث تم الإتقال إلى الشمال وسلك طريق المهربين للدخول إلى سبتة مع عدم استعمال جوازات سفرهم فاعترضهم بعض الحراس الذين أسروا لهم باسم اليوسفي فتركوهم يمرون ،، وقام بعض الوطنيين بنقل متاعهم وحاجاتهم ليغادروا بالباخرة إلى إسبانيا ثم الحافلة من مالقا ومنها إلى باريس حيث كان في انتظارهم مولاي المهدي العلوي الذي كان طالبا وقتها ، وليقوم المهدي بنبركة بعد أسبوعين بإعداد إجراءات تنقل بوراس ، والحسين الصغير ، ومصطفى العماري ، واحمد الفطري إلى يوغوزلافيا .. وشرعوا في تعلم اللغة المعتمدة في صربيا وكانت تصلهم منح لمصاريفهم الشخصية الضرورية ..
وبالمغرب استمرت حملة الاعتقالات لتصل إلى المقاوم الكبير لفاخري الذي كشف بعد التعذيب العنيف عن مخبأ السلاح المخصص لمواجهة الاستعمار ….و صدرت احكام يوم 20 غشت موزعة من السجن المؤبد والحكم بالإعدام على عبد السلام الجبلي ، ومحمد بنموسى الساحلي 20 سنة سجنا ..واحكام متفاوتة على على إخوانهم المعتقلين بالمغرب ،، وبعد تعبير بوراس عن عدم رضاه بالبقاء بيوغوسلافيا أرسل إليه بنبركة بطاقة الطائرة إلى بيروت ليجد في استقباله الوطني والمقاوم الكبير أحمد المرابط ليلتحق بدمشق بسوريا حيث يوجد إبراهيم التيزنيتي، وعمر الفرشي ، وعمرو العطاوي .. والتحق بعض رفاقه بالجزائر بعد استقلالها ليبقى بوراس بسوريا إلى حين وقوع الانقلاب بها في مارس 1963 ،، وفي زمن الانقلاب زار كل من اليوسفي والبصري سوريا للتهنئة بنجاح الانقلاب ، واقنع الفقيه البصري بوراس بضرورة الانتقال الى الجزائر رغم تحفظه من السفر إليها لوجود خلافات بينه وبين بعض قيادات الجزائر ، وبعد التقائه بالاخوان توجه إلى وهران وبعدها بلعباس والتحقت اعداد أخرى بالجزائر التي رحبت بالملتحقين في زمن بنبلة ، وفي نهاية حكمه وقعت خلافات واعتقل العديد ليوضعوا بمعسكر الوطي ،، ووقع خلاف بين الجماعة ومولاي عبد السلام الجبلي من جهة ومولاي عبد السلام وبوراس من جهة أخرى ..وفي الوقت الذي يستعد فيه بنبلة لعقد الصلح مع المغرب قاد بومدين انقلابا في يوليوز1965 …وجاء عند بوراس كل من اليازغي وبنسعيد ليخبراه بضرورة الإحتياط ولتقرر الجماعة أن يغادر بوراس الجزائر فسافر إلى باريس بجوازه المغربي ،، وبعد مدة أراد التوجه لروسيا لمعالجة عينه المريضة ولما كان بألمانيا إتصل مع أحد الإخوة بفرنسا ليخبره بحدث اختطاف المهدي بنبركة ولما رجع لباريس بدأ بالتنسيق مع مولاي عبد السلام بشان جواز سفره الذي اشرفت صلاحيته على الإنتهاء …وأنجز له جواز سفر بالسفارة السورية باسم جديد لتجنب التعرف عليه واختطافه خاصة وأنه محكوم بالمغرب بالسجن المؤيد ،، وللتغطية على عدم وجود ختم دخوله لفرنسا قام بوضع شكاية للأمن يخبر بضياع جوازه ليعطى بعد أيام شهادة الضياع وحل الإشكال …وسافر بعد ذلك إلى روسيا لعلاج عينه وتصادف وقت انتهاء علاجه وهو مقيم بالفندق الاستعداد لاستقبال الملك الحسن الثاني الذي كان في زيارة لروسيا وطلب من مرشده أن يحوله لفندق آخر لأن وفدا رسميا سيحل به وكانت غايته تجنب أن يكون شخص ضمن الوفد المرافق له وخاصة الحراس الشخصيين الذين يعرفهم ويعرفونه في أوقات لقاءاته به او بالملك محمد الخامس كان هذا في 1966 ، ليعود إلى باريس فاتصل به عبد الفتاح سباطة يخبره بأن شخصا يريد رؤيته ليجد الفقيه البصري ..
وبقي بوراس يتنقل بين عدة دول .. وكان عمله وتحركاته ومبادراته في تنسيق تام مع إتحاديي الداخل واتحاديي الخارج و اللاجئين تجنبا للقمع أو الإعتقال أو تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم ،، وكان العمل يشمل التأطير والتكوين الفكري والتدريب ، وتنظيم استقبال ورعاية ودعم وتيسير إقامة وتنقل واندماج اللاجئين بما في ذلك إعداد الوثائق والجوازات ضمانا لحمايتهم وتجنب مراقبة تحركات العديد منهم ،، وكان بوراس متحفظا جدا من أحد كبار الضباط بالجيش المغربي يطلق عليه ” جنرال ” الذي التحق بهم وكلف للإشراف على التداريب ، وأخبر ونبه مرارا بعض القياديين بشكوكه ومنهم الفقيه أثناء إحدى زياراته لسوريا …
وبعد أن قدم إلى دمشق من براغ أبلغ بأن حملة اعتقالات تمت شملت أحمد بنجلون وبونعيلات بإسبانيا وسلما للسلطات المغربية ،، وغيرهما ممن لديهم جوازات سفر سورية رحلوا لسوريا بتدخل من السفارة السورية أما التيزنيتي فرحل للسجن لان رخصة إقامته انتهت إضافة إلى ما حجز معه ،،
وفي سنة 1971 في تزامن مع زيارة اليوسفي لدمشق كتب بوراس رسالة للفقيه البصري يخبره بأن ما يقومون به هو ضرب من العبث وأن ذلك ينتج عنه المزيد من الإعتقالات ،، لخص قراره بقوله ” فلتعتبرني من الآن أنني أتخلى عن الحركة” ..وسلم الرسالة مغلقة لليوسفي ليسلمها للفقيه البصري ،، وفي 1972 زار بنونة بوراس في سوريا وأحاطه علما بالتسلل الذي سيقومون به من الجزائر عبر فيجيج فنبهه إلى أنه لم يعد معهم في هذه “الحريرة” وأن هذه مغامرة مكشوفة وستثير الشكوك من البداية .. واتفق لم شمل اسرة بوراس بتنظيم تهريب الزوجة والابنين الصغيرين من المغرب عبر الجزائر وأنجزت جوازاتهم وأرسلت إليهم بمقر إقامتهم بوهران ليسافروا إلى إيطاليا دون مرافق وقام بوراس باستقبالهم بمطار دمشق وسجل الأبناء بالمدرسة ..
وفي 3 مارس 1973 استمع إلى أخبار أحداث مولاي بوعزة بإذاعة إسرائيل بالعربية والتي عبر بوراس عن رفضه تنفيذ أية مهمة للجماعة لأنه متشبث باعتزاله ..وبعد وصول الأبناء للجامعة وتدخل قياديين وطنيين من المقاومة عند الدولة المغربية أعطيت التعليمات لتسوية وضعيتهم بإعداد جوازات سفرهم المغربية وتوصلهم بالمنحة المغربية …
وفي سنة 1977 سافر إلى باريس لزيارة الطبيب وتصادفت زيارته زيارة لعبد الرحيم بوعبيد لفرنسا وقام مولاي المهدي العلوي بتحديد موعد لقاء بينهما واقترح عليه بـوعبيد التدخل لتيسير عودته للمغرب فاشترط أن يعود معه شخص عزيز عليه اسمه محمد ساعة الذي كان وراء الإشراف على دخول الجماعة من الجزائر إلى فيجيج ثم كولميمة …وفي سنة 1980 صدر عفو ملكي ليطلب الإلتقاء بصديقه ساعة بباريس ودخلوا سويا إلى المغرب وللإشارة فقد خرج بوراس من المغرب في 28 أكتوبر 1960 وعاد إليه في 29 أكتوبر 1980وكان في استقباله أعضاء من المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي واللجنة الإدارية للحزب ، ونظم حفل استقبال بمنزل الحبيب الشرقاوي ..وحاول بوراس التدخل باتفاق مع بوعبيد عند الجابري لثنيه عن الاستقالة بعد ان تعطلت مساعيه لرأب الصدع مع جماعة أحمد بن جلون ،، ولم يسفر تدخل بوراس عند الجابري عن أية نتيجة لتشبث الأخير بقراره…وبالمؤتمر الرابع للاتحاد الاشتراكي انتخب عضوا باللجنة الإدارية للحزب …إلا انه عبر عن عدم استعداده لتحمل أية مسؤولية حزبية واخبر لجنة الترشيحات بالمؤتمر الخامس بقراره…
وبقي الفقيه الفيجيجي سي محمد بوراس مستمرا في وفائه لوطنيته الصادقة ومبادئه ورفاقه في الوطنية والاتحاد واليسار ويتتبع بشكل كبير كل قضايا المغرب والأوضاع السياسية والحزبية برؤية نقدية موضوعية بناءة ، وكان دائم التواصل مع رفاقه وأصدقائه الى اقعده التعب والهرم ..ليختار الحضور الى تارودانت عند ابنه جمال وليلقى ربه ويدفن بتارودانت يوم الأحد 23 غشت 2020.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.