في هذه الآونة الأخيرة، دائما يطرح علي سؤال من طرف الأصدقاء مفاده ما سر عشقك وحبك لمجموعة أودادن سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الواقع مباشرة؟
قبل الخوض في الإجابة عن السؤال الذي تم طرحه، يجدر بنا الأمر الوقوف عند النبذة التاريخية البسيطة السطحية لهذه المجموعة، فكما هو معروف في سوس أن أكادير ” الدشيرة – بنسركاو – أيت ملول …” تعتبر المنطقة التي شهدت ظهور البوادر الأولى لبعض المجموعات الغنائية في الفن الأمازيغي منذ أواخر السبعينيات القرن الماضي.
في هذه الحقبة التاريخية خاصة بدأت مجموعة أودادن تتشكل شيئا فشيئا على يد” رئيس المجموعة عبدلله الفوى – أحمد الفوى – حسن أعطور – العربي أمهال – محمد شمومخ …”، بدأت مجموعة أودادن في مشاركتها في الاحتفالات المحلية ” عيد العرش- الأعراس – أمسيات غنائية…”، بدواوير كثيرة نواحي أكادير وانزكان، عندما لاقت المجموعة تجاوبا كبيرا، قرر أعضاؤها البحث عن آفاق جديدة، فكانت الانطلاقة الأولى الفعلية لمجموعة أودادن.
رغم هاجس الخوف من التجربة الجديدة ألا وهي التسجيل في الأستوديو، إلا أن أعضاء المجموعة لم يترددوا في الفوز بهذه الفرصة الذهبية.
وفعلا تم إنتاج أول شريط غنائي سنة 1985 ولكنه لم يخرج إلى الأسواق إلا في سنة 1986.
تتميز أغاني أودادن بالتنوع الشعري والموسيقي الأمازيغي العصري والروحي، كما أن موضوعها ينصب أساسا على الطبيعة والحب والمرأة والرجل، بلغة شعرية تحفز عقل المستمع لإدراك المعنى والدلالة.
حققت أغاني مجموعة أودادن منذ ظهورها إلى يومنا هذا نجاحا باهرا، أكسب المجموعة شهرة بين جمهور ظل وفيا للمجموعة أينما حلت وارتحلت داخل المغرب وخارجه خصوصا في فرنسا وبلجيكا وهولندا …
اعتمدت المجموعة منذ بداياتها على التنويع والمزج بين اللحن والإيقاع، فتجدها قد وظفت الإيقاع الهواري، الكناوي، إيقاعات الأغنية الحسانية الصحراوية.
تغني مجموعة أودادن بالأمازيغية، ولها أعمال فنية باللهجة ” الدارجة “، جمعت بين التراث الهواري، وأغاني متداولة في النطاق ” الشعبي “.
وهو ما جعل المجموعة تدخل قلوب القبائل الهوارية، المنتشرة بسوس والتي تتحدث بلكنة، تختلط فيها الدارجة المغربية بالأمازيغية، كما تميزت مجموعة “أودادن ” بالقصائد الطويلة المغناة، حيث يصل عدد أبيات القصائد إلى ما يفوق الخمسين بيتا، تتميز في مجملها بالتلميح والإشارة ” الخفية “.
خدم ظهور “أودادن” الأغنية الأمازيغية العصرية من عدة نواحي، أهمها أنها نجحت في جعل الشباب يرتبط بهذه الأغنية ذات الجذور في التراث والتاريخ، فشكلت المجموعة بذلك ظاهرة ذات امتدادات وبصمات، دافعت الكثير من الشباب إلى التأثر بها، وتأسيس فرق غنائية مماثلة لها.
لعل الإجابة على السؤال الذي طرحناه في البداية يعيدني إلى اللحظات الأولى التي بدأ فيها الارتباط بهذه المجموعة خاصة مرحلة الطفولة 2003، في هذه اللحظة بدأت أنصت لبعض أغاني هذه المجموعة ، صحيح أنه في تلك اللحظة لا يتم استيعاب المعنى العميق للكلمات ولكن يكون الإنصات فقط للحن.
لكن بقدر ما تزداد السنوات بقدر ما يزداد الوعي إلى أن وصل فكرة مفادها؛ أن جل أغاني هذه المجموعة ركزت في أساسها على خطاب وجداني موجه للقلب، لكن بشكل غير مباشر ” الاستعارة، التشبيه ، المثال …”، مثلا أغنية ” “ونا إران الموجات البحر إكشم سيسنت هاتي تيري أن قصاد إسكا نوت المثل “.
إن ما يميز مجموعة أودادن عن باقي المجموعات الغنائية هو حفاظها الدائم والمستمر على نهجها الفني الغنائي في عدة جوانبه كنمط الغناء واللحن واللباس الموحد، كل هذا ساهم في استمرارية هبة وعطاء هذه المجموعة،إضافة إلى بعض العناصر الأخرى التي ساهمت بدورها في نضج المجموعة.
يمكن أن نستحضر على سبيل المثال العنصر الديني وذلك من خلال العلاقة الوطيدة لرئيس المجموعة بالزوايا والأولياء والمواسم، ولعل هذا ما نجد له أثر في أغنية المجموعة ” شيلاه ألولاياء السادة نربي ريغ نزور إريغ أنتوب”، إضافة إلى تواضعه مع عامة الناس.
إن مجموعة أودادن الغنائية تشكل اليوم جزءا من تاريخ الفن المغربي، تستحق العودة للبحث فيها والتوثيق والتأريخ لها، على غرار بعض المجموعات التي الغنائية التي أنجزت حولها الكثير من الأشرطة والأفلام التوثيقية التي ساهمت في إبراز قوتها وما أضافته إلى المشهد الثقافي بشكل عام.
الكاتب حسن اطوركي
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.