مترشحات اشباح
ذ. الحسن زهور
ظاهرة جديدة تعرفها الانتخابات الحالية هي ظاهرة المترشحات الاشباح.
في افغانستان النساء يفرن من حكم طالبان والباقيات يرتعدن خوفا من السجن المعنوي الذي سيفرض عليهن.
نتهم طالبان بأنها تقيد المرأة بشتى القيود، ولكننا نحن نقوم ببعض ما تقوم به ولا نجد في ذلك غضاضة.
فما معنى ان لا تنشر المترشحة في الانتخابات صورتها في ملصقات الدعايات الانتخابية؟
هل يمكن ان ندخل ذلك في حرية الإنسان الشخصية؟
هنا يجب ان نفرق بين المواطن العادي كشخصية عادية والمواطن المسؤول الذي يتحمل مسؤولية عامة.
فمن حق اي مواطن عاد ان ينشر أو ألا ينشر صورته في مواقع التواصل الاجتماعي أو في وسائل الاتصال بمختلف اشكالها، وليس من حق اية مؤسسة إعلامية أيا كانت نشر صورته إلا بموافقته، لأن هذا يدخل ضمن حريته الشخصية كفرد وكمواطن لا يتحمل أية مهمة ووظيفة عامة تحتم عليه التعريف بنفسه ليتعرف عليه المواطنون.
لكن ان ينتقل الفرد المواطن الى مستوى الشخصيةالعامة( منتخب(ة)، مسؤول(ة) اداري(ة) سياسي(ة)، فنان(ة)، رياضي(ة)، كاتب(ة)… هنا تفرض عليه المسؤولية الكشف عن نفسه ( اسمه، صورته، منجزاته….) ليتعرف المواطنون عليه(ها) لأنه خرج من دائرة الشخصية الفردية الى دائرة الشخصية العامة التي لها شروط عامة تفرضها هذه الدائرة العامة ويجب الامتثال لها.
لكن ما نلاحظه في الانتخابات الحالية ظهور المترشحات الاشباح بشكل مثير في ملصقات اغلب الاحزاب السياسية المغربية سواء اليسارية بمختلف تياراتها المشاركة في الانتخابات، وسواء الليبرالية او الإسلامية، ينبئ هذا بأن الديموقراطية لدى هذه الاحزاب هوت الى مستوى ” الشعارات السياسية” للوصول بواسطتها الى التسيير الإداري او السياسي. فالبناء الديموقراطي يبتدئ اولا من تهييء المواطن ليتشبع بمبادئ هذا فكر الديموقراطي اولا، فالاختباء كشبح مخافة أن يتعرف الناس على من سينوب عنهم في تحمل المسؤولية يعتبر إخلالا اوليا بهذا الفكر الذي يتطلب أول ما يتطلبه هو الوضوح وليس الاختباء.
وفي هذا الصدد يقول المثل الامازيغي:” وانا ئتحوشن، ؤر أر ئسنتال تامارت نس” اي من يدخل أحواش مشاركا لا يغطي لحيته.
لكن من المسؤول عن هذه الظاهرة اي ظاهرة “المترشحات الأشباح”؟
المسؤولية تتحملها الاحزاب أولا التي رشحت هؤلاء الاشباح، فكلمة الاشباح تقترن في قاموسنا السياسي والنقابي بالفساد الإداري( الموظفون الاشباح) كما ان الاشباح في ثقافتنا تقترن دوما بالأماكن المهجورة اي الوحشة والخوف..
والمسؤول الثاني: هم المواطنون، لأن المواطن الذي سيصوت على لائحة بها اشباح عليه أن لا يشتكي من سوء التسيير، ولا ان يطالب بتنقية الإدارة العمومية من الموظفين الاشباح لأن الشبح شبح سواء أكان موظفا أو مترشحا. كما ان المواطن الذي لا يشارك في التصويت او الذي صوت على من لا يستحق مسؤولية التمثيل فليس من حقه ان ينتقد سوء التسيير لأنه يتحمل مسؤولية ما هو فيه.
المسؤول الثالث: هي اللجنة الوطنية الساهرة على الانتخابات التي عليها الاستفادة من هذه الوضعية الجديدة لفرض مبادئ الديموقراطية الانتخابية، فنحن لسنا في افغانستان، نحن في بلد الحضارة العريقة: في بلد اسمه المغرب.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.