لمحات من تاريخنا المعاصر: مقال حول الهوية الأمازيغية للمغرب يقود صاحبه إلى السجن
هل يمكن لمقال عن الهوية المغربية أن يمس بأمن الدولة ويقود صاحبه إلى السجن؟
نعم، هو مقال يتحدث عن الهوية الأمازيغية للمغرب، ويرد على ادعاءات القوميين والسلفيين وأغلب الإطارات السياسية والثقافية والجمعوية بالمغرب التي أدخلت المغرب في جغرافية التعريب وحاولت بكل الوسائل جعل المغرب بلدا عربيا.
المقال لعلي صدقي أزايكو، وقد سبقته مقالات له منها مقال” تاريخ المغرب بين ما هو عليه وبين ما ينبغي أن يكون عليه” في مجلة “كلمة” عدد 3 سنة 1971، وتصدرها جمعية علماء سوس بانزگان؛ والمقال رد على المتعصبين للعروبة الثقافية والسياسية والعرقية, لكنه لم يثر أنذاك اية ضجة، لأن الحركة الأمازيغية في بداية أمرها كانت محاصرة من كل الجهات وكانت الجمعية الأمازيغية (AMREC) وبعض المناضلين القلائل يكافحون من أجل الهوية الأمازيغية بالمفاهيم الشائعة آنذاك ، مثل مفهوم الثقافة الشعبية، الثقافة الوطنية.. (گان زوند أموش گر ئفاسيون د ئگرزامن)…
ومع بداية انتشار فكر الحركة الأمازيغية بميلاد جمعيات ثقافية أخرى (الرباط، الناظور، أكادير، البيضاء…) بدأت سياسة المضايقات (بعد اول ملتقى وطني للجامعة الصيفية سنة 1980 في أكادير تم حظر أنشطة الجمعية إلى سنة 1990؛ اختفاء المناضل الأمازيغي بوجمعة هباز سنة 1981 وإلى الآن يجهل مصيره، اعتقال حسن إد بلقاسم واستجوابه وسحب منه جواز سفره، واعتقال واستجواب الدكتور عبد المالك اوسادن …).
وفي سنة1981 سينشر مقالا بعنوان “في سبيل مفهوم حقيقي بثقافتنا الوطنية” في أول عدد من مجلة أمازيغ (الصادرة بالعربية) باسم مستعار “ع. ازوليض”؛ والمجلة كان يتراءسها أوزين أحرضان، وترجم المقال الى الانجليزية بعنوان”المغرب بلد أمازيغي بقناع عربي” ونشره صحفي أمريكي في جريدة “نيويورك تايمز” أثناء زيارة الملك الراحل الحسن الثاني لأمريكا سنة 1982، حيث عرف المقال بالهوية الأمازيغية للمغرب. وبعد عودة الملك الراحل تم اعتقال علي أزايكو ومدير المجلة أوزين أحرضان وعبد الخالق اوسادن … وتم حظر مجلة أمازيغ بالعربية.
وتمت محاكمة علي أزايكو بتهمة “المس بأمن الدولة” وحكم عليه بالسجن سنتين قضى منها سنة وبضعة أيام،كما تم حظر مجلة أمازيغ بالعربية.
ولم تع الدولة العميقة أنذاك في المغرب أمرين أثبتهما التاريخ طوال تاريخ هذا البلد، وتأكدت منه الدولة المغربية الآن وهما: اولا ان الهوية الأمازيغية المغربية (الهوية الثقافية والحضارية) هي محركة التاريخ المغربي ولشمال غرب افريقيا؛ ثانيا أن الأمازيغية (أي الفكر الأمازيغي) هو صمام الأمان للمغرب من كل الانحرافات والأخطار التي تهدد كيانه السياسي والثقافي… ،
وهو ما نراه اليوم -بعد انتشار فكر الحركة الأمازيغية- من اهتمام المغاربة بقضيتهم الوطنية وبمشاكلهم وبتنمية بلدهم والابتعاد عن تبني مشاكل الشرق الاوسط حتى صار الكثير من المغاربة اكثر من المشارقة انفسهم في تبني قضاياهم، وكأنهم موال جدد يخدمون أسيادهم المشارقة لإثبات ولائهم الوهمي لهم بدل أن يكونوا هم الأسياد كما كان أجدادهم أسيادا وبناة لأعظم لامبراطوريات التي حكمت جنوب البحر المتوسط والسودان الافريقي.
الحسن زهور
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.