لماذا يتم تحويل النقاش ؟
من طبيعة الشعوب التي لاتعرف قواعد النقاش الاكتفاء بالتشخيص دون الوصول إلى مرحلة النقاش الحقيقي حيث الحلول الجذرية والعملية، وبداية مرحلة جديدة من العمل والتنزيل الميداني .
وليس بالغريب أن لا تملك تلك العقول التي كان من الواجب عليها جر النقاش إلى مراحله الأخيرة، ذلك النفس الطويل والقدرة على التعبئة وقيادة النقاش الحقيقي إلى بر الأمان .
وقد يكون هذا دور نخب المعبد في أنظمة لا تريد إلا قطيعا، ولا يمكنها المغامرة بمستقبلها الذي اسسته في غالب الأحيان على أساطير وتكهنات ومؤامرات ستنتهي بوعي الشعب وتمكنه الفكري والاجتماعي والمادي .
ومن هنا لابد من تحويل النقاش الحقيقي حول الأرض إلى أمور تافهة، من قبيل الحجاب وغيره من أمور شخصية، فردية لا تشكل القاعدة ولايمكن الاحتكام إليها.
وارتباطا بالأرض كذلك، حيث الأمازيغية هوية وثقافة وحضارة تعيش تعسفا وظلما وبمسميات تختلف من الحكومة إلى أخرى، يتم تحويل نقاش ضرورة الإنصاف بعدما أصبح خطابا ونقاشا عموميا لا يمكن القفز عليه لأهميته وقانونيته وكونيته ووطنيته، إلى نقاش جديد حول معاش مسؤول حكومي سابق، في استهتار حقيقي بالمواطن، وظروفه الإجتماعية والاقتصادية والمالية التي تنذر بالخطر، وترفع درجة الاحتقان الإجتماعي ربما بعد نزلة أمراض شتوية تنخر أجساد فئات إجتماعية هشة تكون عادة محور الحراك عبر التاريخ .
والاستعانة بالفضائح، وتهويل بعض الأمور رغم صغرها وعدم أهميتها، واستغلال الإعلام العمومي وشبه العمومي بكل أنواعه في مناقشة أمور جانبية بعيدا عن الحقائق الصادمة، والملفات الكبرى التي لاتقبل الإنتظار، وهي التي تشكل ثقوب عريضة لصناديق الدولة، وتعرقل التنمية المستدامة الحقيقية.
وبما أن أغلبية الشعب تمت برمجته على تتبع عورات بعضه البعض، والاستمتاع بالفضائح، واستهلاكها على نطاق واسع، فالوضع سيبقى على ما عليه إلى أجل مسمى، وسيبقى تحويل النقاش من أمور جادة إلى أخرى أكثر تفاهة ، وتأويله بين الفينة وأخرى لغاية في نفس يعقوب، حسب الغاية والهدف من التأويل والتحويل.
والشعب بكل أطيافه مطالب اليوم باليقظة، والتشبت بالنقاش الحقيقي لقضايا تهمه، وتراهن مستقبله لعقود من الزمن في أيادي أجنبية وثقافات عالمية، كما سيصعب ويعقد على أجيال سترث الفقر والهشاشة، والفوراق الإجتماعية، وهي لاتملك إلا الزاد القليل، ولن تقدر على ركوب أمواج عاتية لكل المحيطات العالمية القوية اقتصاديا وماليا وثقافيا ومعلوماتيا .
لحسن بنضاوش
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.