كلميم: جرائم المياه تهدد واحة تيمولاي في أمنها ووجودها
توصل الموقع بملف قضية عين تيمولاي إزدار بإقليم كلميم، وفي انتظار استكمال جميع عناصر الملف ووضوح الرؤية بعد لجوء الساكنة إلى السلطات لمطالبتها بإعمال القانون وحماية الحقوق وصون مستقبل الواحة المهددة في أمنها ووجودها، يكتفي الموقع بنشر هذا المقال تنويرا للرأي العام. ولنا عودة إلى الموضوع.
ما يحدث بواحة تيمولاي بإقليم كلميم ينذر بكارثة بيئية، اجتماعية، اقتصادية وإنسانية قد تعصف بوجود هذه الواحة الصامدة التي وشمت تاريخ الجنوب المغربي بالكثير من العطاء السخي. فقد كتب عنها العلامة المختار السوسي ما يسر القارئ ويثلج صدور أبنائها وبناتها، وكيف لا وهم حفدة بناة صرح تاريخي ساهم في تاريخ سوس والصحراء.
واحة تيمولاي هبَة عين لا تنضب، فخروجها إلى الوجود كان بفضل اكتشاف تلك العين المعروفة عند الأهالي ب “إكي وَانُو”، وزوالها من الوجود سيكون لا قدر الله بسبب ما يتربص بهذه العين من جرائم حفر الآبار والاستغلال المفرط واللاقانوني للفرشة المائية التي تغذي العين منذ قرون.
ليست عين تيمولاي مجرد مصدر للمياه، بل تشكل تراثا إنسانيا بكل المقاييس، فحولها كُتب جزء من تاريخ سوس والصحراء، فهي شاهدة على ملاحم وأحداث تاريخية؛ من هناك مر احمد الهيبة، والقايد المدني الأخصاصي وآخرون، كما أن تلك العين كانت شاهدة على الكثير من الصراعات والأحداث التاريخية التي وسمت سوس والصحراء لقرون خلت.
بتلك العين وبتيمولاي هبَتُها، هام الكثير من مبدعي سوس، فقد ألهمت الفنان الكبير الحاج بلعيد، والحاج محمد ألبنسير، وبها مكث الفنان بومارك الذي قدم الشيء الكثير لفن الروايس. كما ألهمت طلاب العلم، فبجامعها المحاذي للعين تخرج الكثير من حفظة القرآن والأئمة المشهود لهم بالتمكن من أصول الدين. ولربما كانت بركات تلك العين والولي الصالح “سيدي بورجا”، كما يعتقد البعض، وراء نجاح الكثير من أبناء وبنات تيمولاي، رغم شح الإمكانيات، سواء كأطر في إدارات الدولة أو رجال أعمال سواء بالمغرب أو خارجه.
خلال السنوات الأخيرة، وبسبب جرائم المياه، تراجع صبيب العين بشكل مهول وخطير، مما عرض الكثير من بساتين وحقول الواحة للتلف بسبب ندرة المياه، فتراجع النشاط الفلاحي، وتقلصت مداخيل ممتهني النشاط الفلاحي من الساكنة، وازداد فقراء تيمولاي فقرا، كما ازدادت أعداد النازحين منهم بحثا عن بدائل في هوامش الفقر بمدينة أكادير. يضاف إلى ذلك كله، الخطر الكبير المحدق بمدخرات الكثير من العمال المهاجرين بالخارج، خصوصا من الجيل الأول والثاني، الذين استثمروا شقاء العمر والغربة في العين والواحة.
ما يرتكب في حق هذه العين المعطاء وواحة تيمولاي بشكل عام، يسائل أولا أبنائها وبناتها ممن حالفهم الحظ ووجدوا لهم أماكن في المصعد الاجتماعي، فعليهم تقع مسؤولية الترافع من أجل حماية العين والواحة، ما دام المنتحبون معارضة وموالاة مشغولون بسفاسف الأمور وقشور السياسة السياسوية. كما يسائل السلطات، حسب الاختصاص، التي رخصت بحفر الآبار على مستوى مجرى العين، رغم علمها بتذمر الساكنة مما يدبر ضد العين والواحه برمتها. وأخيرا يسائل الضمير الجمعي، فعين تيمولاي وواحتها مشترك جماعي، وما يرتكب في حقهما يهدد نظاما بيئيا (écosystème) فريدا في وجوده.
توقيع أوتمولاي
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.