تحتفي معظم دول العالم هذا العام مع الأمم المتحدة بحملة الـ 16 يومًا من النشاط للقضاء على العنف ضد المرأة في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر إلى 10 كانون الأول/ديسمبر في إطار الموضوع العالمي الذي حددته حملة الأمين العام للأمم المتحدة “لوّن العالم برتقاليًا: فلننهِ العنف ضد المرأة الآن!” وبالتزامن مع اليوم العالمي الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر في عام 1999 كيوم عالمى للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم فعاليات للتعريف بهذه المشكلة تمهيدا للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.
الاحتفال بهذا اليوم يعد خطوة في رفع سقف التضامن الإنساني بين شعوب العالم، وتحريك الشعور العام وتوحيده ضد أي مساس بحقوق المرأة كونها عضوا أساسيا في المجتمع لا يحق لكائن من كان أن يغمط هذا الحق، ومن التقارير المحبطة تعرض واحدة من كل ثلاث نساء إلى العنف على الأقل مرة في حياتها. وتزداد النسبة في وقت الأزمات، ودونك جائحة كورونا وغيرها من الأزمات الإنسانية والنزاعات والكوارث الناجمة عن تغير المناخ وغير ذلك. ووفقًا لتقرير جديد صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، واستنادًا على البيانات التي جمعتها ثلاث عشرة دولة منذ تفشي الجائحة، تقول اثنان من كل ثلاث نساء إنهن إما تعرضن لشكل من أشكال العنف أو يعرفن امرأة تعرضت للعنف، وإنهن أكثر عرضة لمواجهة انعدام الأمن الغذائي، علاوة على ذلك، فإن واحدة فقط من كل عشر نساء تذكر أن الضحايا يذهبن إلى الشرطة طلبًا للمساعدة. ومما يجب أن نتذكره أنه حتى وإن كان العنف القائم على النوع الاجتماعي منتشرا فهو ليس حتميا. يمكننا منعه، بل يجب منعه. و كخطوة أولى لإيقاف هذا العنف، يجب تصديق الناجيات، واعتماد خطط شاملة تعالج الأسباب الجذرية وراء ذلك، والعمل على تحويل الأعراف الضارة وكذا تمكين النساء والفتيات. في إتاحة الخدمات الأساسية التي تركز على الناجيات عبر مختلف القطاعات الشرطية والعدلية والصحية والاجتماعية، والتمويلات الكافية للإيفاء بأجندة حقوق المرأة، يمكننا إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي.
إن في الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة اعترافا بحقوق المرأة في التمتع بكافة أسباب العيش الكريم لا فرق بينها والرجل بسبب النوع، فالذكر والأنثى علاقتهما تكاملية لا تقاطعية وينبغي تعزيز هذا المعنى وترسيخه بشتى السبل والوسائل لخلق جيل يقف سدا منيعا وحائط صد للانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات في المستقبل القريب. وفي يوم الاحتفال باليوم العالمي يجب العمل على حشد كل الطاقات لتضييق الخناق على الانتهاكات بكل أشكالها من اعتداء جنسي أو ضرب أو هيمنة ذكورية سلطوية أو زواج للقاصرات وما إلى ذلك. ولا ضير من استحداث مساحات للفتيات في جميع أنحاء العالم للإفصاح عن تجاربهم وأفكارهم المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي ومدى انتشاره، وبذلك نتحد تضامنا مع الناجيات، ونتشارك في رسائل التضامن ونلتزم باتخاذ الإجراءات لوضع نهاية للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
معهد جنيف لحقوق الإنسان يضم صوته للدعوة التضامنية مع النساء دون تحفظ، وينادي بأعلى صوته دول العالم وشعوبه للوقوف بصلابة في وجه الانتهاكات المتكررة في كثير من بقاع الأرض وبالأخص ببعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي ظلت مضطربة أمنيا وسياسيا لفترات طويلة، مما يعرض النساء لكثير من الانتهاكات والحرمان من حقوقهن، بل وتشريدهم.
ومعهد جنيف لحقوق الإنسان إذ يحتفي بهذه المناسبة يدعو كل الدول والشعوب أن تضع التدابير اللازمة لحماية النساء من الانتهاكات وتوفير الأمن والأمان لهن، ويناشد معهد جنيف لحقوق الإنسان المانحين أن يوفروا الدعم اللازم لمشروعات النساء والفتيات التنموية، ويدعو المعهد دول العالم أن تمنح النساء الفرص في المشاركة السياسية من انتخاب أو ترشح للمناصب القيادية وفق المنافسة الشريفة والمؤهل والخبرة. إننا بمعهد جنيف لحقوق الإنسان إذ ننتهز هذه المناسبة لتسليط الضوء علي التشريعات الوطنية لعدد من دول العالم التي تنتهك حقوق الإنسان وعدم ملائمتها للإتفاقيات الدولية المنضمة لها، إلي جانب غياب قوانين خاصة بالقضاء علي العنف ضد المرأة خصوصا مع تزايد حالات العنف الأسري كما المجتمعي متمثلا بالترهيب والإساءة اللفظية في العمل والمؤسسات التعليمية والعامة ، إضافة للعنف المتمثل في إقصاء النساء واستبعادهن من التعليم والمعرفة، ومراكز السلطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فعلى الرغم من انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة إلا أن هزيمتها ليست بالمستحيلة شريطة أن تتضافر الجهود وتسلم الإستراتيجيات.
التعليقات مغلقة.