كتاب: جدل الفلسفة العربية للدكتورمحمد همام

الدكتور محمد همام

لقد حاولنا في هذا الكتاب عرض الأفكار اللغوية للجابري في مشروعه النقدي؛ حاولنا تقريب أرضيتها الأولى وضوابطها المرجعية وفعاليتها المنهجية. هذه الأفكار اللغوية كانت الأساس في مشروع الجابري للاستيعاب النقدي والعقلي للتراث العربي بمختلف مواقفه واتجاهاته في سياق اجتماعي وتاريخي وحضاري، بأبنيته الإبستمولوجية أو مضامينه ودلالاته الأيديولوجية. وكان هذا الطموح النقدي للجابري مبررا لتعرض طه عبد الرحمن له بالنقد، ولعرض طموح آخر حاولنا تقديمه في إطار جدلي ونقدي مثمر بما يغني الحوار الفلسفي العربي، طموح تداخلت فيه اللغة بالفكر وارتبط فيه التعبير بالتفكير عبر تطويع اللغة العربية للاصطلاح العلمي وتحرير التقنية الاصطلاحية العربية من التبعية والتقليد .

وكان الخيط الرابط والمتين بين المشروعين هو اعتبار اللغة العربية مدخلا رئيسا لتحقيق أسباب الفعل المبدع في التفلسف، لغة متناغمة مع مجالها التداولي؛ لغة تبلغ معرفة نافعة وتستند إلى عقيدة راسخة بأفق فكري منفتح ومبدع.كما كان هدف الكتاب إبراز مفكرين مغربين كبيرين في إطار من الجدل والنقد والتكامل لبناء المعرفة الفلسفية المبدعة وليس في إطار الاصطدام والتهادم الذي سعت كثير من الأبحاث المغرضة إلى تكريسه،على أساس  العداء والخصومة بين الفيلسوفين الكبيرين.إن فهم طه عبد الرحمن لايتحقق إلا بقراءة الجابري،كما أن استيعاب الأبعاد النقدية لمشروع الجابري لا يتحقق إلا بقراءة طه عبد الرحمن،والفهم المتعمق للمعرفة التراثية،بأفق نقدي مبدع،عبر الجمع بين مشروعين متكاملين وليسا متصادمين،كما أريد لهما؛الجمع بين قمتين فلسفيتين مغربيتين هما الجابري وطه عبد الرحمن.