قفف رمضان في رحاب صاحبة الجلالة، الأصل والفروع…
بقلم بوشعيب حمراوي:
قيادي بالجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال
الاتحاد المغربي للشغل
جميل أن تنتفض (عضو من الأعضاء القياديين من داخل النقابة الوطنية للصحافة)، من أجل الدفاع عن سمعة وشرف المهنة النبيلة وكل ممتهنيها باعتبار الشرعية النقابية والواجب الذي تفرضه الصفات النقابية الممثلة في الدفاع والحماية والترافع من أجل تنقية وتطهير المهنة. وإنصاف روادها. وجميل أن يزكي زميل لها باحتشام ما تحدثت عنه. وأن يبادر زملاء وزميلات من نفس القطاع ومنتسبين له، ومعهم كائنات رقمية بهويات مجهولة أو نكرة، إلى الضخ في تلك التهجمات المتسرعة وغير المتزنة، والإضفاء عليها بالشرعية الزائفة، باعتماد التأويلات والتحاليل من أجل الدفع باعتبارها حقيقة مطلقة.
متاح لهؤلاء و لأولائك أن يشهروا كل ما يختزنونه من أسلحة فتاكة ممزوجة بكل معاني السخرية و الحقد والتشفي والانتقام من أجل استغلال واقتناص زلات مزعومة أو حتى فبركتها. محاولات للإطاحة بحليف الأمس وداعم تموقع النقابة الوطنية للصحافة داخل المجلس الوطني للصحافة. ونعني به الاتحاد المغربي للشغل أكبر تنظيم نقابي مهني بالمغرب. الذي تحول في نظره هؤلاء اليوم إلى خصم. وطبعا فهي خرجات ومزايدات وتهجمات لا يمكن أن تكون صادرة عن النقابة الأم، التي يتموقعون داخلها، والتي تزخر بالكفاءات ورواد أخلاقيات المهنة. النقابة الوطنية للصحافة التي لها تاريخها وموقعها النضالي الوطني والدولي البارز، ولا يمكن لأي كان إنكاره. كما أن للاتحاد المغربي للشغل دوره البارز قبل حتى تأسيس تلك النقابة.
يكفي الإشارة إلى من ينتقد التفاف الصحافيين حول الاتحاد المغربي للشغل، أن الاتحاد كان ولازال مدرسة وحضنا للمهنيين الصادقين والجادين بمختلف القطاعات المهنية. وضمنهم رموزا للصحافة والإعلام بالمغرب. من قلب الاتحاد الأزرق تخرجت أقلام صحفية مغربية خالصة للشعب والوطن، من قبيل (أحمد بنكيران، نور الدين الصايل، جمال الدين الناجي ، بلعيد بويميد، أندري أزولاي، زكية داود، محمد الأمين الفشتالي ، كابرييل بانون .الخ.. ). كان للإتحاد السبق في إصدار أولى وأكبر المجلات والجرائد الوطنية. كما رعى جرائد يومية وطنية لأحزاب، كانت تعاني من قمع سنوات الرصاص، مثل (جريدة الاتحاد الوطني، الطليعة ، ماغريب أنفورماسيون maghreb information ، لافان كارد l’avant-garde.. ).
ويكفي الاتحاد فخرا فرحة الملك الراحل محمد الخامس، حين بلغ إلى علمه نبأ تأسيس الاتحاد المغربي للشغل وهو في منفاه بمدغشقر. حيث علق بتفاؤل أن : (نيل الاستقلال بات وشيكا). ويكفيه لقب (الجيش الأزرق)، الذي أطلقه بعد عودته من المنفى على مناضلي الاتحاد المغربي للشغل. ولم يكن المغرب حينها يتوفر على جيش ولا على قوى أمن. ويكفي الاتحاد أن جلالته كان يحضر قيد حياته احتفالات عيد الشغل (فاتح ماي)، مصطحبا معه كل أفراد العائلة الملكية. ويكفي أن جلالة الملك الراحل قائد استقلال المغرب، وصف الاتحاد المغربي للشغل ب(وريث حركة التحرر الوطني بالمغرب).
وكأني بهؤلاء يبتغون من وراء شطحاتهم المفضوحة احتكار العمل النقابي ومحاولة الانفراد به، بفرض الدكان النقابي الواحد. وطبعا فالهدف الأسمى هو ضمان الهيمنة على التركيبة المستقبلية للمجلس الوطني للصحافة. وهي مراوغات وتلاعبات لا أظن أنها موضوع توافق داخل تلك النقابة العتيدة.
جميل أن نصعد المنصات الرقمية للإيهام بالدفاع عن شرف الصحفيين. ونحن نعلم أن تلك المنصات المفتوحة في وجه الكائن والمكنون والجاهل والعاقل.. لن تزيل عن معظم رواد السلطة الرابعة، أغطية البؤس والحاجة التي لم تعد أغطية، بل تحولت من كثرة المعاناة والتهميش إلى جلود ملتصقة بأجسادهم. وجميل أن نسعى للتأكيد على أن الصحفيين مكافحين وكادحين همهم الرقي بصاحبة الجلالة. وأنهم ليسوا منحطين ولا متسولين ولا متوسلين من أجل لقمة العيش . لكن هذا يتطلب نضال أكبر من ضرب تنظيمات موازية لها نفس الهموم والمشاغل. يتطلب تقنين المهنة ودعم روادها، بإعادة النظر في شروط الدعم المقدم من طرف الدولة، وفرض الدعم الجهوي والإقليمي للمنابر المحلية والجهوية. وإعادة النظر في شروط الحصول على بطاقة الصحافة. وفرض عدم تجديدها سنويا، أو تجديدها تلقائيا بشرط طلبها من صاحبها. والاهتمام أكثر بأخلاقيات المهنة. وفرض تطبيق القانون الحصول على المعلومة العالق في رفوف المرافق العمومية والمجالس المنتخبة. والفصل بين الجرائد الرقمية المهنية ومواقع التواصل الاجتماعية، التي فتحت الشهية للصحفيين بمواردها المالية وسهولة النشر بعيدا عن شروط التقيد بالأجناس الصحفية. تلك المواقع الرقمية التي تتغذى منها كل المنابر الرقمية والورقية وحتى القنوات التلفزيونية والإذاعات. كما تسوق داخلها كل ما تنتجه مكتوبا أو مسموعا أو مرئيا.
فهل أخلاقيات المهنة، تعطي الحق لقيادي بأي تنظيم إعلامي أن يتهجم على تنظيم آخر منافس، بطرق سوقية وألفاظ مهينة لأصحابها، مستعملا منصات رقمية غير رسمية (الفايس والتويتر و..)، منصات مفتوحة في وجه الصالح والطالح. بل إن هناك من باتوا يقضون حوائجهم الخاصة على صفحاتها.
وقبل التهجم على تنظيم منافس، يجب البحث في ما وراء تلك المعلومة.. يجب الالتزام بقراءة دقيقة لسطور الخبر ومعاني الصور وما خلفها. عوض إطلاق العنان للتهويل قبل المناقشة والتحليل. وقبل حتى التأكد من صحة ما توفر من معلومات. خصوصا أن تلك النقابة التي تتغنى في عدة مناسبات حقيقية أو مصطنعة، بالحكمة والصدارة والتميز الوطني. كانت دائما على اتصال وتواصل تام مع الطرف المعني بما أفرزته من خزعبلات (تدوينات وتعليمات و مقالات …). لا تستوفي شروط النشر ولا تدخل في أي جنس من الأجناس الصحفية.
فهل يدرك هؤلاء المغردين خارج العلاقة المفروض أنها تربط النقابة الوطنية للصحافة والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال. تلك العلاقة المهنية التي باعتمادها تم تجاوز كل مراحل الإعداد والتأسيس للمجلس الوطني للصحافة الحالي. ليعلموا أن تدويناتهم وتغريداتهم لن تزيد قطاع الإعلام والصحافة إلا ميوعة وتفاهة وشتاتا.
لنتذكر أن النقابة الوطنية للصحافة هي من طلبت ود الاتحاد المغربي للشغل. وهي من تظللت بظله من أجل تشكيل لائحة واحدة للصحفيين خاضت وفازت بالمقاعد السبعة للصحفيين في انتخابات المجلس الوطني للصحافة. وهي التي قبلت بأن يتصدر لائحتها صحفي من داخل الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، وهي من قبلت بأن يعود مقعد ممثل نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية داخل المجلس الوطني للصحافة إلى الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال.وجاء ذلك بعد أن أشهر الاتحاد المغربي للشغل القانون المنظم لل (الأكثر تمثيلية). القانون الوحيد الذي يتحدث عن مفهوم النقابة الأكثر تمثيلية هو (مدونة الشغل). أي القانون 65-99.
هذا القانون الذي يؤكد بالمناسبة أن (الأكثر تمثيلية)، هي من حق الاتحاد المغربي للشغل . باعتبار أن الدولة لم يسبق لها أن نظمت انتخابات مهنية خاصة بقطاع الصحافة والنشر. وأنه لا يحق لأي نقابة صحافيين أن تدعي أنها الأكثر تمثيلية.
نعود إلى الشماعة التي علق عليها البعض هراءهم وهلوستهم الرمضانية. حيث حاولوا استعراض ما تبقى لديهم من عضلات. المتمثلة في عملية توزيع قفف مئونة لبعض من اعتبروهم صحفيين أو منتسبين من طرف إحدى الجمعيات الاجتماعية التي عقدت يومها اتفاقية تعاون مع النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام. زعموا أو حلموا وهم في كامل يقظتهم، أن الاتحاد المغربي للشغل هو من نظمها، وأن أمينه العام كان وراءها. تلك المبادرة التي تمت خارج السياق من طرف جمعية خيرية. استفاد منها أشخاص منحدرين من فئات هشة. لم تكن تستهدف العاملين في قطاع الإعلام. ولا يبث النشاط من قريب ولا من بعيد لهيئات الصحافة و الإعلام والاتصال المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل ولا إلى الاتحاد الأم. عملية وزعت على هامش حفل توقيع على اتفاقية شراكة يخص طرفين (النقابة الوطنية للصحافة مهن الإعلام وجمعية نشيطة في الأعمال الاجتماعية ). علما أن الاتحاد المغربي للشغل يحضن كل الشغيلة العاملة بمختلف قطاعاتها العامة والخاصة. وإن تخيلتم أنه كان من بين المستفيدين صحفيين أو منتسبين، فهي بصمة عار على مؤسسة الأعمال الاجتماعية الخاصة بالصحفيين ومكتبها الذي لم ينصفهم. ويجب شكر الجمعية الخيرية التي كشفت لنا عن فئة هشة من الصحفيين. لأن نقابة الاتحاد المغربي للشغل ليست لها أدرع اجتماعية للصحفيين. كما وجبت الإشارة إلى خرجة رئيس الجمعية الاجتماعية غير الموفقة. والذي كال السب والشتم لصحفية علقت بتسرع وبدون أدنى بحث و تقصي على الموضوع. وطبعا فما تفوه به غير مقبول ولا يسمح به سواء داخل الجسم الصحفي او خارجه. علما أن تلك الصحفية تحمل عدة مسؤوليات قيادية داخل النقابة ومؤسسة الأعمال الاجتماعية الخاصة بالصحفيين والبرلمان. وعليها التحري من أجل الكشف هويات الصحفيين المفترض أنهم استفادوا من قفة رمضان من أجل التكفل بهم واحتضانهم.
ما يجب أن يعرفه كل الصحفيين والناشرين والعاملين في المقاولات الإعلامية مدونة الصحافة والنشر نسجت بعيدا عن التوافق الإعلامي المفروض. بمعايير وشروط على هوى ومقاس البعض ممن ورثوا مفاتيح صاحبة الجلالة. أنجبوا المدونة بدون أدنى مخاض أو حتى (وحم).والنتيجة إهمال فئة كبيرة من الجنود البارزين بالساحة الإعلامية (مراسلين، متعاونين، رواد فن الكاركاتير والسخرية وأصحاب المقاولات…).
ما يجب أن يتم الانكباب عليه هو إنصاف الصحفيين والصحفيات ومعهم كل العاملين والعاملات في المقاولات الإعلامية وروادها. والتعجيل بالإعداد الحقيقي من أجل التأثيث مستقبلا للمجلس الوطني للصحافة بموارد بشرية جادة وقوانين منصفة. هذا لا يعني أن المجلس الحالي يفتقر إلى الموارد البشرية الجادة. لكنه يعاني من كونه مجلس غير منصف لكل الفئات الإعلامية، ولكونه مجلس بني على باطل اسمه (الأكثر تمثيلية)، وتحضنه قوانين تعاني القصور.
وحتى لا ننسى اتفاق أمس بين النقابة الوطنية للصحافة والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، والذي لولاه لم رأى المجلس الوطني للصحافة النور. لا ننسى لائحة “حرية. نزاهة، مصداقية” المرشحة للمجلس الوطني للصحافة في انتخابات يونيو 2018. والعمل الذي خضناه سويا من أجل النهوض بالأوضاع المادية والمعنوية والمهنية للمنتمين للمهنة. لا ننسى اللقاءات التي تمت بين التنظيمين، منها لقاء نظم بالمقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل، والذي أدرت شخصيا أشغاله. ولقاء بمقر النقابة الوطنية للصحافة بالدار البيضاء. كما عقد الطرفان تجمعات مشتركة للتعبئة والتأطير حول اللائحة المرشحة. لا ننسى أننا اتفقنا على العمل سويا من أجل مراجعة القوانين المؤطرة للمهنة وللقطاع، والاهتمام بأوضاع المشتغلين في المقاولات الإعلامية الرقمية. ومراجعة بعض القوانين ذات الصلة، في حدود ما يسمح به قانون المجلس الوطني للصحافة وقانون الصحافة والنشر. لا ننسى أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشركة بين النقابتين من أجل مصاحبة المجلس الوطني للصحافة، والمشاركة في إعداد القانون الداخلي و… لكن للأسف تبخر الاتفاق والتعاقد بعد صدور النتائج وتشكيل المجلس الوطني للصحافة.
الخلاصة أن ينتبه هؤلاء إلى أن الأصل هو الاتحاد المغربي للشغل وأن الباقي مجرد فروع قد تنمو وتنتعش وتبدأ رحلة بناء الخلف، وقد تذبل وتموت وتبقى حكاية يورثها السلف… دمتم في رعاية المولى.
التعليقات مغلقة.