قطاع التأمين بالمغرب نموذج فعلي للعراقيل المقصودة ضد التنمية كما جاء في الخطاب الملكي ..

بقلم يونس بوبكري*

*رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب

قطاع التأمين بالمغرب نموذج فعلي للعراقيل المقصودة ضد التنمية والتي أشار إليها مضمون الخطاب الملكي للذكرى 23 من عيد العرش.

بالرغم من صدور تقرير حول اختلالات وفساد قطاع التأمين بالمغرب شهر أبريل الفارط والذي يكشف مضمونه بأرقام رسمية عن حجم الفساد وطبيعة الجرائم الإقتصادية وكم العراقيل التي يتم افتعالها لدفع قطاع بأكمله يشغل عشرات الألاف من الوظائف وملايير الدراهم من الاستثمارات، نحو التدمير الكلي والإفلاس وذلك بخطة مدروسة ومحضر لها بعناية لتوريط الوسطاء في مشاكل لا حصر لها ونهب حقوقهم وتعويضاتهم المكفولة قانونا تبدأ بتوقيف وسائل انتاجهم بشكل تعسفي عنهم وتنتهي بفبركة ملفات قضائية بتهم وهمية للطعن في شرفهم ورميهم بالسجون ظلما وعدوانا، باستعمال وثائق مزورة أمام محاكم غير مختصة، خطة جهنمية بمشاركة العديد من الفاسدين والمفسدين، وهي الممارسات التي تقوم بها جل شركات التأمين بما فيهم شركات تحمل علامات تجارية دولية، لدول مثل فرنسا وألمانيا وسويسرا وجنوب افريقيا … وكل هذا بمباركة بطبيعة الحال من موظفي بالهيئة الوصية عن القطاع acaps، الذين انكشفت نواياهم الإجرامية و خدمة مصالحهم الخاصة على حساب المصالح العليا للوطن من خلال التنصيص كتابة في مدونة الأخلاقيات الخاصة بالهيئة، على السماح لجميع الموظفين بتلقي الرشاوي والإكراميات أثناء مزاولة مهامهم دون أدنى إحراج في ذلك، واعتبارها تدخل في باب المجاملة وحسن التعامل مع المراقبين – يا سلام-!!! وإن كان عرض الإكرامية يفوق 2000 درهم يكفي إخبار رئيس الهيئة السابق “حسن بوبريك ” المدير العام الحالي للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي cnss#، أو الرئيس بالنيابة الحالي “عثمان خليل العلمي” للحصول على الموافقة !!! وهو مايفسر حجم التهرب الضريبي للعديد الذي يعرفه القطاع منذ سنوات من طرف العديد من الفاغلين وكان حديث العديد من المقالات الصحفية !!!

وللأسف لازال أغلب هؤلاء المسؤولين عن هاته الوضعية بدون أي محاسبة رغم ما اقترفوه من جرائم في حق الدولة ودافعي الضرائب ومن استغلال للنفوذ لمناصبهم، في إضعاف إحدى مؤسسات أهم الدولة الاستراتيجية عن القيام بأدوارها في المراقبة والتقنين لقطاع جد حيوي بالمجتمع.وفي انتظار تدخل باقي المؤسسات الرقابية مثل رئاسة الحكومة و مجلس المنافسة و رئاسة النيابة العامة، يستمر هؤلاء المسؤولين في نهجهم والتغاضي الكلي عن الخروقات والتجاوزات والعمل على تبييضها، وتكريس للسياسات الاحتكارية للإستفراد بالمستهلك المغربي و الثروة و مقدرات الأجيال القادمة، والتكلفة ستكون جد باهضة.

وللتذكير فإن جل المؤسسات الدستورية الرقابية بالبلاد توصلت بنسخة من تقرير حول ” اختلالات وفساد قطاع التأمين ” الصادر عن جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب والذي يشير الى أوجه الفساد الذي ينخر هيئة مراقبة التأمينات والإحتياط الإجتماعي والقرائن والأدلة للممارسات الإحتكارية والإتفاقات والإتفاقيات والتواطؤات التي تجمع شركات الأبناك وشركات التأمين للتحكم في منظومة الأسعار بالسوق والتي تعد محظورة بقوة القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار المنافسة ، وهو القانون الذي من المفترض أن مجلس للمنافسة ورئاسة الحكومة يسهران على إحترامه من طرف الفاعلين الإقتصاديين….. الا أن هاته المؤسسات لم تصدر لحد الآن أي بلاغ في الموضوع عن وجود تحقيقات أو أبحاث حول مايحدث بقطاع التأمين وفرض سيادة القانون في المجال الإقتصادي، خاصة أن التقرير يشير الى وجود عمليات تهرب ضريبي بملايير الدراهم سنويا. ليطرح أكثر من سؤال عن دور مجلس المنافسة وكيفية اشتغاله ومدى انسجامه مع القوانين المحدثة له والتشريعات المعتمدة بالبلاد ؟؟؟ ومدى إحترام هؤلاء المسؤولين لتوجيهات عاهل البلاد وخطبه السامية ؟؟؟ وما الغاية من كل هاته المؤسسات اذا كانت لا تعمل على إنفاذ القانون؟؟؟

إن خطاب جلالة الملك الأخير حمل رسالة واضحة الى شعب المغربي وجميع المسؤولين عن الشأن العام، مفادها أن “أخطر ما يواجه تنمية البلاد والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية وخدمة مصالحهم الخاصة. وهو ما يجب محاربته”؛ هذا المقتطف من الخطاب الملكي لعيد العرش لسنة 2022 جاء على لسان “أعلى سلطة في المملكة” كي يقرع جرس الإنذار بشأن “معيقات الاستثمار بالبلاد والمستفيدين من هاته العراقيل”، التي تعترض التنمية بالبلاد وعلى وجوب محاربة هاته الممارسات. فأين مؤسسة رئاسة الحكومة اليوم ومجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ورئاسة النيابة العامة من التفاعل مع الخطاب الملكي الأخير و محاسبة الفاسدين والمفسدين لوضع حد للعراقيل المقصودة للمستثمرين و توفير شروط التنمية الإستثمار بالبلاد.

ان ما ينقصنا اليوم هو تحمل مسؤولي هاته المؤسسات للأدوار المنوطة بهم و التطبيق الحرفي لمضامين الخطب والتوجيهات الملكية، عوض أن يلجأ المستثمرين في القطاع لرفع لافتات إحتجاجية على وكالاتهم تؤكد استمرار تعرضهم لمزبد من عمليات الابتزاز والتوقيع على مستندات تحت الإكراه والضغط، بالرغم من العديد من الشكايات والملفات والتقارير التي رفعت من تمتيلياتهم المهنية لجل المؤسسات الدستورية تحذر من تدمير ممنهج لإستثماراتهم من طرف لوبي الفساد بقطاع التأمين، فساد لم يكن ليتفشى لولا مباركة مسؤولي هيئة مراقبة التأمينات والإحتياط الإجتماعي الذين أصبح لهم أدوار أخرى غير تلك المحدثة للهيئة، والمثال هاته المرة من الدارالبيضاء لوسيط التأمين الذي لم يجد بدا من إشعار العموم من الزبناء بتوقيف تزويد مقاولته بوسائل الإنتاج الضرورية لخدمة المؤمن لهم من طرف تعاضدية أرباب النقل المتحدين MATU، هاته التعاضدية التي تجرأت على التجني على القوانين والتشريعات والتلاعب بحقوق المؤمن لهم و المستثمرين في غياب أي رادع مم طرف مراقبي الهيئة حيث تؤكد اللافتة مرورهم على الوكالة دون إنجاز أي محاضر معاينة لهاته الخروقات أوتصحيح لهاته الاختلالات !!!!!

لتطرح أسئلة عديدة و بقوة، أين هي المقاربة التشاركية التي نص عليها الدستور في تدبير الشأن العام؟ و الى متى سيظل هذا الفساد بالقطاع جاتما على قلوب الجميع وتتحمل تكلفته كل شرائح المجتمع؟ و من المستفيد من هذا الوضع؟ حفنة من المجرمين؟ و ما الجدوى من وجود مؤسسات الحكامة إن لم تحاسب لهؤلاء المسؤولين عن الفساد الذي اقترفوه بعدما اتضح بالبلت والمطلق أنهم لا يعملون لخدمة الصالح العام والوطن وإنما لحساب مصالح ذاتية ؟؟؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد