“قسم المستعجلات بإنزگان” عنوان أكبر أكذوبة بمغرب اليوم…

هو لا يفكّر إلا في الأمتار الأخيرة التي تفصله عن نقطة الوصول .. لذلك تجده طالبا العلي القدير أن يجد الزقاق المؤدي إلى قسم المستعجلات فارغا من السيارات سواء القادمة من الإتجاه المعاكس أو المركونة في الجوانب..

هو حال سائق سيارة الإسعاف بإنزگان حالة الإستعجال..
وبالممارسة يعرف أن كل مجهوداته في مسابقة الزمن قد تتبخر لحظة الوصول.. وليس الأمر تهاونا اوتقصيرا منه بل إن تواجد الباب الرئيسي لقسم المستعجلات بإنزكان بزنقة لا تتعدى مترين ونصف وسط حي سكني نشيط من حيث الحركة والجولان.. ومتداخلاً مع دروب وازقة متشابكة يجعل عملية المرور في الإتجاهين تتطلب الحذر والبطء في السير..

في هذا الزقاق المكتظ والدائم الحركة يتعطّل الإستعجال إلى حدود التوقف حتى يسمح لسيارة الإسعاف بالمرور أحياناً.. وقد ينزل المريض المستعجل – في أغلب الحالات –

وسط المارة مهرولين به نحو منفذ صغير ضيق أقرب منه إلى باب زنزانة منه إلى الباب الرئيسي لقسم المستعجلات كما تدل اللافتة أعلاه..

هو الباب الذي يحتاج رجال الوقاية المدنية ينسون الإستعجال نحو الكثير من التركيز والانتباه كي تمر عملية ايصال المريض بسلام.. وقد يزداد الوضع كارثيا تتصادف أكثر من سيارة إسعاف…فالزقاق في هذه الحالة امتداد طبيعي لقاعة الإنتظار… بين أشعة وفضول المارة.. هناك أرواح لادتترجّى في هذه اللحظة سوى رعاية الله سبحانه..

قد يتخطّى المرء الباب الضيق بصعوبة ليقابلك حارس أمن خاص خلف باب حديدي وملامح تخبرك بأنه الآمر والناهي هنا.. مالك المفتاح.. ومفاتيح العلاج والتوجيه.. وأشياء أخرى حسب العارفين بخبايا الأمور بهذا القسم وغيره..

بالفعل ومن باب الممارسة اليومية فيكفيه إلقاء نظرة على حالة المريض خلف الباب طبعا حتى يوجه عائلته إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير..

( غادي غير ضيعوا الوقت هنا) هي الجملة المتكررة وقد يبدوا صادقا اذا تسللت إلى داخل ما يسمى – ظلما وعدواناً – قسم المستعجلات بإنزكان وتتأكد بالملموس ان الأمر لا يعدوا ان يكون سوى بعض المكاتب الإدارية تحولت بقدر قادر إلى قاعات للعلاج.. في غياب تام لكل الآليات الطبية ذات الطبيعة الإستعجالية آخرها قارورات الأكسجين..

هو فضاء بممرات ضيقة.. محتلة بالرضى وأفراد عائلاتهم.. تخترقه ممرضات في وضعية التدريب.. بالكاد تتراءى لك ملامح طبيب من خلال وزرته..

لا مبالغة.. فقد تأكد من خلال معايشة هذا الواقع أن أكبر أكذوبة في مغرب اليوم هو أن عمالة إنزكان تتوفر على القسم الإقليمي المستعجلات.

يجعلك تقتنع بهذا الهروب الجماعي بأكثر من 18 طبيب ومن جميع التخصصات غادروا المستشفى خلال السنتين الأخيرتين كي يتحرروا من وضعية شاهد زور..

بل تدفعك هذه الأكذوبة إلى مساءلة هذا السكوت والإطمئنان عند المسؤولين وذوي القرار بالمدينة والإقليم..

يدفعك الفضول الصحفي إلى مراجعة محاضر الدورات للمجالس المتعاقبة على البلدية فيصدمك هذا الحضور القوي لتيمة السوق ومشاكله او التفكير في إعادة توزيعه..

تجد كل الإهتمامات منصبة على هذا العقار هنا اوهناك..
كل الصراعات بمنطق السوق. بل هو من يصنع رؤساء البلديات.
ولا محضر واحد حول المستشفى الإقليمي..

تزداد العمارات والأسواق.. ويزداد المستشفى تدهورا وسوءا..
تبنى مقرات الادارات العمومية الأخرى.. ويزداد الاستشفاء بالإقليم فقرا في التدبير والعلاج..

آن الأوان لهذه الأكذوبة ان تتوقف.. وهي مسؤلية الهيئات المنتخبة بالأساس إلى جانب السلطات الإقليمية هي مسؤلية الإعلام والمجتمع المدني من أجل ملف استعجالي واحد هو إحداث مستشفى إقليمي بمواصفات تنسجم ومغرب اليوم.. عوض هذه البناية القديمة ( ولنا عودة خاصة).

غير ذلك، فكل الارواح التي تزهق جراء هذا الإهمال تقع على عاتق من يملك سلطة القرار بالمدينة والإقليم..

على عاتقنا جميعا.. نحن الساكنين والصائمين على هذه الأكذوبة

إلى الحلقة الثانية.

(قسم المستعجلات بإنزگان) عنوان أكبر أكذوبة بمغرب اليوم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد