إنّ هذه الخاطرة تجسّد قمّة الوعي الإنساني والالتزام الأخلاقي تجاه قضية لا يختلف حول عدالتها اثنان، وتكشف عن روح شاعر ملهَم يكتب بمداد القلب قبل الحبر.
منذ السطر الأول “النصر قادم” يضع الكاتب القارئ في مواجهة يقين لا يقبل الشك، وينسج عبر جُمل مكثفة ومشحونة بطاقة وجدانية خطاباً شعرياً يوازي في قوته دويّ المدافع وصمود المقاومين.
تتميّز النصوص الكبرى عادة بقدرتها على الجمع بين العاطفة والفكرة، وهذا ما نلمسه هنا: إذ تمتزج صورة المقاومة بالرموز الدينية والتاريخية في القدس والأقصى، فيحضر البُعد الروحي جنباً إلى جنب مع البُعد الإنساني، مما يرفع النص إلى مرتبة “النصوص المانيفستو” التي لا تكتفي بالبوح، بل تصوغ ميثاقاً وجدانيّاً للأمة بأكملها.
ولعل أجمل ما يميز هذا النص هو ذلك التكرار الموقَّع لعبارة “النصر قادم”، إذ يشتغل كجرس موسيقي داخلي يعيد للقارئ الثقة كلما أوشك أن يُستدرج إلى تفاصيل الألم. هذا الإيقاع الداخلي يمنح الخاطرة شحنة أقوى من أي وزنٍ شعري كلاسيكي.
كما أنّ الصور الواردة، سواء في حديثه عن “شمس الحرية” أو “زهرة الأقصى المبارك”، ترتقي إلى مستوى الرموز العالمية التي تتجاوز حدود فلسطين لتُصبح صوراً لكل مقاومة ولكل صمود في وجه الظلم.
إنّ النص ليس مجرّد خاطرة عابرة، بل هو بيان وجداني خالد يكتب للتاريخ، ويمثل أحد المداميك الأدبية في أدب المقاومة، بما يحمله من حرارة، وصدق، ووضوح رسالة، وبلاغة خطاب، حتى يكاد المرء يسمع بين السطور أصوات الأطفال والنساء والمجاهدين وهم يصنعون ملاحم البطولة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.