في يومهن العالمي، تذكروا اللواتي في القرى والجبال …

بقلم محمد لحميسة

ان أيسر ما يعرفه الباحث في العلوم الإجتماعية عندما يخوض في موضوع الثقافة هو وجود ما يسمى الثقافات الفرعية ، تعبر عن ثقافة فئة اجتماعية معينة تتشارك في صفة معينة الجنس أو السن مثلا ، فنجد ثقافة الشباب كتعبير عن نمط تفكير متفرد يمتاز به الشباب ، قس على ذلك مثال ثقافة الرجال ، ثم ثقافة النساء .

بيد أن هناك ثقافة فرعية تعتبر لحد كبير هامشية ولو عند الفعاليات الفاعلة في المجال كالجمعيات والمؤسسات الإجتماعية وحتى السياسية ،يمكن تسمية هذه الثقافة الفرعية ، ثقافة النساء القرويات أو ثقافة نساء المناطق النائية .

إن كمية الظلم والتبخيس الاجتماعي الذي يمارس على المرأة الجبلية لا يمكن احتماله ، قد تسأل إمرأة في منطقة قروية نائية -تستيقظ هي الأولى وتنام هي الأخيرة ،تشتغل داخل وخارج البيت- ماذا تفعلين في الحياة ؟ ستجيب في استحياء لا شيء !
لأن هناك استيلاب متعدد الأوجه يمارس على هذه النسوة كما تحدث عن ذلك د.مصطفى حجازي في دراسته التخلف الاجتماعي.

هناك استيلاب اقتصادي تكون فيه المرأة غير مستقلة ماديا فيكون الرجل هو المعيل ، ثم هناك استلاب جنسي تتشيء (تصبح شيئا )فيه المرأة لتصبح أداة لإعادة الإنتاج البيولوجي وظيفتها تلبية رغبات الرجل الجنسية ، ثم هناك الإستلاب العقائدي الذي تصبح فيه المرأة تُصدق نقصها ودونيتها وتبدأ بتبرير الواقع الغير عادل الذي تعيش فيه وتساهم في تأبيده عندما تكون أم تورث أفكارها لبناتها وأبنائها .

والمرأة في كل مكان وكل بيئة يمارس عليها هذه الأشكال الاستلابية ، غير أنها تتغول أمام قلة حيلة المرأة القروية ، لأن مفاهيم وتمثلات المجتمع القروي تختلف عن نقيضها الحضري ، فإذا كانت الفتاة في المجال الحضري تدرس لتحقق ذاتها وتنسجم داخل المنظومة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيش وسطها ، فإن قرينتها في القرية تدرس من اجل تعلم الحروف والكتابة فقط ، وقتما تتعلم هذه المكونات يضطر أبوها لمنعها ، لأنه يخضع لنسق إجتماعي معين وهناك انتظارات اجتماعية من الممكن أن تنزع عنه رجولته وينعت بالذيوثي وهذه مسألة حياة أو موت في المحيط القروي ، زيادة على الإنتشار الواسع لقواعد اجتماعية من قبيل أن المرأة في أخر مطافها مكانها هو بيت زوجها ، وقد لا يعني شيئا جهلها بأينشتاين أو سقراط لكن العار يكمن في جهلها بطريقة تحضير الكسكس …

في رأينا إن أي شعارات ترفعها الفعاليات النسوية ويغيب عنها هموم النساء القرويات فهي شعارات معطوبة وناقصة يعوزها النفس الحقيقي للإصلاح وإدماج العنصر النسوي في الحياة الإجتماعية والاقتصادية والسياسية ..الخ.

فمسألة المرأة وقضاياها يجب ان تبتعد عن التناول الرومانسي العاطفي ليكون موضوع عقل وبحث عملي مفاهيمه وانتظاراته محددة بدقة ، وأن نفهم معنى المساواة والعدالة والحرية بعمق لأن هذه المفاهيم قد يسوء استعمالها ونواجه بعدها أزمات قيمية تفقد المجتمع تماسكه ومعانيه، الروتين اليومي وارتفاع نسبة الطلاق كأنموذجين .


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading