في ذكرى رحيله : الفنان عموري مبارك أيقونة الأغنية الأمازيغية العصرية

تحل يوم 14 من شهر فبراير الجاري الذكرى 7 لوفاة أيقونة الغناء والموسيقى الأمازيغية، الفنان المغربي عموري مبارك. ونحن نتذكر وفاته يوم السبت 14 فبراير 2015 بإحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء، بعد معاناة طويلة مع مرض عضال حيث ظل خلال فترة العلاج  شامخا متحديا معاناة المرض إلى أن وفاه الأجل المحتوم.

ذكرى وفاة صاحب أغنية “جانبيي”، التي حاز بها على الجائزة الأولى للأغنية المغربية في المحمدية سنة 1989، تذكرنا بفنانا الراحل الذي صارع المرض في صمت ودون ضجيج كبير، ومات في صمت في غياب شبه تام لمتابعة إعلامية تليق بمقام الفنان المغربي الأمازيغي الكبير، ونتذكر عموري كذلك لأنه الفنان الذي جدد الاغنية الامازيغية وأوصلها الى العالمية، ويستحق أن تخصص له مكانة لائقة به وبأعماله الفنية الخالدة، نتذكره  في ذكرى غيابه جسدا  لا فنانا مبدعا عربون تقدير لروحه ولمساره الفني.

يكفي أن عموري مبارك ضمن مجموعة أوسمان ( البرق ) التي ظهرت في بداية السبعينيات من القرن الماضي، عمل على  تطوير الأغنية الأمازيغية ، وذلك من خلال استعمال آلات جديدة وحديثة، كالقيثارة والكمان الخ، مما أهل المجموعة للغناء في فضاء  “الأولمبيا “الشهير بباريس، حيث تألقت المجموعة بقيادة الراحل عموري مبارك.

والفنان المغربي الفقيد عموري مبارك من موالد  سنة 1951 في دوار ايركيتن على قمم الأطلس الكبير، بإقليم تارودانت، المطلة على مدينة تارودانت التي قضى بها طفولته الشغوفة.

و بعد اكتشاف أضواء تنبعث من بعيد من مدينة تارودانت  ليلا التي كانت تبدو له من علو قريته، حيث شأت الاقدار أن يعيش في هذه المدينة داخل مؤسستها الخيرية المعروفة لدى أغلب أبناء الإقليم حيث كانت تستضيف التلاميذ لمتابعة دراستهم بالتعليم الثانوي القادمين من المناطق النائية وكدا الايتام والمتخلى عنهم من الصغار والكبار.

بعد ظروف الاقامة في المؤسسة المذكورة، التي عاش فيها عموري مبارك متاعب الحياة، بدأ عموري مساره الفني رفقة مجموعة “سوس فايف”، التي كانت تؤدي الأغاني بالفرنسية والإنجليزية. بعد ذلك التحق عموري بمدينة الرباط ليدشن بدايته الحقيقية مع الغناء الامازيغي من خلال الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، بإيعاز من المرحوم ابراهيم أخياط الذي ساعده بعد لقائه في مدينة تيزنيت وشجعه  للانتقال الرباط.

وكانت مبادرة انتقال عموري الى الرباط وراء تأسيس مجموعة “ياه”، التي ستحمل ابتداء من سنة 1975 اسم مجموعة “أوسمان”، وهي أول مجموعة أمازيغية تدخل عالم المجموعات بالمغرب، إلى جانب المجموعات المعروفة خاصة ناس الغيوان وازنزارن.

كانت مجموعة “أوسمان”، تتكون من عموري مبارك، وسعيد بيجعاض، وبلعيد العكاف، واليزيد قرفي، والمرحوم سعيد بوتروفين، وطارق المعروفي، يؤطر أعمالها كل من الراحل إبراهيم أخياط، والاستاذ الصافي مومن علي،  بمثابة البداية الحقيقية لمسار الفنان عموري مبارك، الذي لعب دورا بارزا في إرساء قواعد الأغنية الأمازيغية العصرية، من خلال العديد من الأعمال، التي شارك بها في العديد من الحفلات سواء داخل المغرب أو خارجه.

وفي هذا الصدد يقول الباحث الأمازيغي أحمد الخنبوبي في كتابه “المجموعات الغنائية العصرية السوسية” يقول “كانت إرادة أعضاء الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، منذ تأسيسها عام 1967 ملحة في لعب دور أساسي من أجل تطوير الموسيقى الأمازيغية، وإخراجها من طابعها التقليدي والكلاسيكي، المتمثل في نمطي “الروايس” و”أحواش” بمختلف تجلياته إلى النمط العصري.

وكان لقاء إبراهيم أخياط، رئيس الجمعية بالفنان عموري مبارك، في بداية السبعينيات صدفة، في أحد الأعراس بمدينة تيزنيت، حيث اكتشف أخياط أن التصور، الذي وضعه أعضاء الجمعية الثقافية، لتطوير الأغنية الأمازيغية وعصرنتها، متجسد في الشكل الغنائي، الذي يمارسه عموري مبارك“.

هكذا تشكلت النواة الأولى لمجموعة “أوسمان”، التي تميزت عن باقي المجموعات الموسيقية الأمازيغية الأخرى، بتأثرها الكبير بالموسيقى الغربية، من خلال الاعتماد على آلات القيثارة، والكمان، والأكورديون، وغيرها، والمقامات الموسيقية الحديثة، وهذا لا ينفي هوية الطابع الموسيقي الأمازيغي للمجموعة، فالتأثر والتأثير في الميدان الموسيقي من السمات التي لا يمكن أن تعيش أو أن تجدد دونهما الموسيقى .

بعد تجربة أوسمان شق الفنان عموري مبارك مسيرته الفنية بالغناء الفردي، وبالطريقة نفسها التي بدأ بها مع المجموعة، إذ كان حريصا على التعامل مع نخبة من كبار المبدعين المهتمين بالثقافة الأمازيغية، أمثال الشاعر المتوفي مؤخرا إبراهيم أخياط، والمرحوم علي صدقي أزايكو، ومحمد مستاوي، وغيرهم. وطغت على نصوص عموري مبارك الغنائية مواضع الحرية والغربة وحب الارض والانسان الأمازيغي.

تمرد عموري مبارك، رحمه الله، على التقليد في الاغنية الامازيغية واستعمل ألحانا وتوزيعا موسيقيا عصريا، كما استطاع أن يكون خلال تجربته مجموعة من الشباب في مجال الغناء والموسيقى من ضمنهم زوجته زورا تانيرت وابن أخته هشام ماسين اللذين بدورهما يشقان طريقهما الفني على درب فقيد الاغنية الامازيغية والاب الروحي للأغنية الامازيغية العصرية عموري مبارك.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading