في هذه الأيام المظلمة والحزينة والتي أوصلنا لها الإسلام السياسي،في هذه الذكرى التاسعة لإنتفاضة 17 فبراير والتي كان من الممكن أن تكون ذكرى فرح شديد وبداية طريقنا لبناء الديمقراطية ودخول ليبيا مرحلة والحداثة نجد هناكعوامل جعلىت هذه الانتفاضة والتي كانت أن تكون إنتفاضة تاريخية رائعة تنتهي إلى ما آلت إليه اليوم من فوضى وإرهاب وعدم وجود السيولة المالية وفقر* وتكريس للجهوية والقبلية المتخلفة.
لا شك أن قيادات عمالة الإسلام السياسي وطمع العصابات والمليشيات المتعاملة معه وقلة الحنكة والخبرة السياسية لمن تولوا ومازالوا يتولون أمور البلاد.زد على ذلك عدم وجود النية الحقيقية لإخراج البلاد مما وصلت إليه بدأ ممنيسمون نفسهم البرلمان وبالذات رآسته والمجلس الأعلى للدولة ورآسته ومجلس الرآسة “الوزراء” والبنك المركزي ومحافظه والجيش الدي يسمي نفسه الجيش العربي؛هؤلاء كلهم لا توجد عندهم النية لإجاد حل لأزمة ليبيا بل البقاء علىكراسيهم أبدآ.
إن ماحدث في فبراير 2011 في ليبيا لم يكن ثورة حقيقية حيث غابت القيادة السياسية،ولم تكن هناك أهذاف ولا مطالب محددة غير الإطاحة بالديكتاورية والمتمثلة في شخص القذافي وغطرسته وسيطرته على كل شيئ؛ ولا شك أنه كانهناك الرغبة الجامحة للحرية والديمقراطية ولكن بدون وجود برنامج سياسي.فالسياسة كانت عبارة عن حديث مرابيع ينتهي بإنتهاء الحديث ولم تكن هناك أحزاب سياسية تطرح برامج سياسية محددة للتغير.فالسياسة والأحزاب السياسيةكان من يزاولها في أيام الديكتاتور يسجن وحتى يقتل.
سأتعرض هنا وبعجالة للآسباب التي أوصلت إنتفاضة فبراير إلى ما هو حال ليبيا اليوم :
-عفوية إنتفاضة 17 فبراير 2011:
بلغت غطرسة القذافي وهمجيته حدهما الأقصى ولم يكن هناك أي إعتبار للإنسان الليبي ولا لوجوده على الأرض الليبية ولم يتوقع القذافي أن الليبيين سيقوموا يوما ما ضد غطرسته الفاشية،وخاصة بعد أن فتحت له أبواب الغرب وقامبزيارة أوروپا وحضر إجتماع الجمعية العمومية في الأمم المتحدة ومهزلة خطابه الذي دام أكثر من ساعة وهو يرغي ويزبد على طريقته في خطاباته في ليبيا؛ وكيف لا وهو من زود المال للرئيس سركوزي رئيس فرنسا آن ذاك ليصلإلى الرئاسة في إنتخاباته التي سبقت الإنتفاضة وهو الذي قبل يده پرلسكوني رئيس وزراء إيطاليا آن ذاك …!!!
كانت ليبيا مرتع للفساد الإداري والمالي وإنتشرت معاملات الرشاوي والمخدرات والذعاره وعدم توفر فرص العمل وغلاء المعيشة وضعف المرتبات.حكمت البلاد بالحديد والنار وقتلت بل ومنعت أي إمكانية لإنتشار الثقافة؛فلم تكن هناكإلا المكتبات التي تبيع منتجاته إبتداء من الكتاب الأخضر إلى كتاب “دولة الحقراء” التي يدعي أنه هو كاتبهاوالتي وللأسف كتب لها المقدمة الكاتب الليبي المشهور والذي يعيش في مصر وإسمه “أحمد إبراهيم الفقي”.وبالطبع لم يكن هناكيتوفر أي نشاط سياسي بل إعتبر أن أي سياسي وحزبي هو خائن ولابد من سجنه أو قتله كما ذكرت سابقآ.
في هذا الجو وفي تلك الفترة قامت إنتفاضتان في كل من تونس ومصر وكان المحرك الأساسي لهما هما الشعبان والذان إستفادت منهما القوى الإسلامية العميلة.ففي تونس كان حزب النهضة وفي مصر حزب الإخوان المسلمين.وتمكنهذان الحزبان من تغيير نظام الحكم في بلديهما مستخدمان جموع الشعب التواق إلى التغير والإنعتاق.وعلى نفس الطريقة حاول الإسلاميين في ليبيا نفس التجربة وبالذات بعد أن قام الشباب الليبي بإنتفاضته العفوية والتي لم يكن لها أي بعدأو رؤئ سياسية معينة. وإستغل الإسلاميون هذا الفراغ السياسي وتمكنوا من السيطرة على المجلس الإنتقالي بقيادته الهشة والتي كان على رأسها مصطفى عبدالجليل الذي كان منبطحآ لهم من بداية الإنتفاضة.وتخلصوا نتيجة لهذا الإنبطاحمن العقيد عبدالفتاح يونس والذي كان قائدا عسكريآ صادقآ في أدائه العسكري والتوجه بليبيا نحو الديمقراطية.ولم يهداء بال الإسلاميين العملاء لدولتي قطر وتركيا حتى قتلوا هذا القائد ليفسح المجال لهم في المجلس الإنتقالي والذي لميتمكن من إيقاف تحركاتهم العميلة.
وليلة تحرير طرابلس أظهر لنا الإسلاميون، رجل القاعدة عبدالحكيم بالحاج والذي لم يكن له دور بارز في الإنتفاضة،على أنه هو من حرر طرابلس.
ولم يرتح لهم بال حتى بعد أن رفضهم الشعب ،في أول إنتخابات للمؤتمر الوطني في يوليو2012 ،ومنوا بالهزيمة وإعتمدوا على ألأموال القطرية لشراء ضعاف الذمم في المؤتمر الوطني لمحاصرة الذي ينوون تحقيقالديمقراطية.وساروا بالبلاد في دهاليزهم المظلمة.بل حتى عند إنتهاء الفترة الإنتخابييه أصروا على الإستمرار والبقاء ضد مظاهرات الشعب ونداءاته لهم بالإنسحاب
-نقص حنكة القوى السياسية الحزبية:
وتشكلت مجموعة من الأحزاب الغير إسلامية في نهاية 2011 وبداية 2012، وكانت كثيرآ ما تلتقي في أهذافها،إلا أنها ونتيجة لعدم وغياب تجربتها السياسية وعدم تجربتها في مزاولة العمل السياسي علنآ (حيث أنهم أثناء فثرت القذافيلم يسمح بمزاولة العمل الحزبي السياسي وكان يعتبر خيانة عظمى)،لم تتمكن هذه الأحزاب من طرح برنامج سياسي واضح للشعب وقامت مجموعة من التكنوقراطيين الذين كان لهم دور أساسي في عهد القذافي والذين يرغبون في دعمالنموذج الرأسمالي في ليبيا بطرح ماسمي بالتحالف الوطني والذي ضم مجموعة من الأحزاب ومن بينها الحزب الذي كان أكثرهم وضوحآ في رؤياه السياسية وذلك حزب “التيار الوطني الديمقراطي”.إلا أن هذا التحالف لم يتمكن منالبقاء طويلآ ولم يتمكن من الصمود أمام الإسلاميين.وكانت قطر وتركيا ومن ورائهم دول أوروپية وحتى أميركا كينبوع مال يَصْب المال والسلاح للإسلاميين لدعمهم في مواجهة أي تحرك في إتجاه الديمقراطية.حتى أن زعيم الإخوانالمسلمين المصري(القرضاوي” والمقيم في قطر قام بزيارة لليبيا مع زعيم حركة النهضة التونسية (الغنوشي)لدعم الإسلاميين، وصرح الشيخ القرضاوي في تصريح له أن الوقت الآن هو وقت الإسلامين وليس وقت القوى السياسيةالأخرى وكانت تلك الزيارة المزعومة للمصالحة الوطنية…!!!
-تكالب القوى الأجنبية العالمية:
أرى أن كلآ من إنتفاضتي تونس ومصر اللتان سبقتا الإنتفاضة الليبية لم تكونا إلا عاملان مساعدان لبدء الإنتفاضة الليبية هذه الدولة المغاربية والتي تقع على الحدود الشرقية للمغرب الكبير حيث تحاد جمهورية مصر والسودان.
إستغل الإسلاميون علاقاتهم العميلة مع دولتي قطر وتركيا للقفز على سدة الحكم في ليبياوكان تحمس دولة قطر واضحآ جدآ منذ البداية لمساعدة الإسلاميين (الإخوان المسلمين وجماعة المقاتلة والتي هي إمتداد لتنظيم القاعدة وكذلك تآييدبعض العناصر التي كانت تنتمي إلى ماكان يسمى جبهة الإنقاذ)،هذه المساعدات التي تجلت في المال والسلاح.وقامت قطر بالتنسيق مع تركيا والتي تطمح في إرجاع السيطرة العثمانية على شواطئ البحر الأبيض المتوسطالجنوبية.وتتضخ طموحات دولة قطر في السيطرة على جنوب البحر المتوسط (وبالذات ليبيا وتونس والجزائر لقرب هذه الدول من أوروپا)ومد الغاز القطري بعد السيطرة على الغاز الليبي والجزائري رإلى جنوب أوروپا والتحكم في هذاالغاز الطبيعي مع الشركات الرأسمالية الأوروپية والأمريكية الكبرى والعاملة في هذا المجال….
وزاد الخلاف بين دولة الإمارات ودولة قطر: حيث تطمع دولة الإمارات أيضآ في السيطرة على ليبيا وذلك بالتحالف مع مصر الجار الشرقي لليبيا وتأييدهما للعقيد حفتر في شرق ليبيا وذلك بالسيطرة على ليبيا وبالذات الشرق الليبي بهذفالسيطرة على الشمال الأفريقي ونفطه أيضآ لقربه للسواحل الأوروپية الجنوبية.
ويتضح هذا المخطط الدولي أيضآ في الصراع القائم بين فرنسا وإيطاليا.حيث تقوم فيه فرنسا بدعم العقيد حفتر في شرق اللباد بينما تقوم إيطاليا بدعم حكومة الوفاق في طرابلس.حيث أن زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة للرئيس المصريكانت بالأساس لتناول الوضع الليبي وترتيب الدعم إلى حفتر في شرق البلاد.بينما لم تتوانى تركيا في إرسال العتاد والسلاح إلى غرب البلاد لدعم الميلشيات المسلحة والمتحكمة في تسيير الأمور في طرابلس.
دول العالم لا تأبه بليبيا ولكن يهمها السيطرة على النفط والغاز ولتذهب ليبيا للجحيم.ويظل هؤلاء البيادق الليبيين، في صراعهم على كراسي السلطة ،العملاء في قتالهم وبدون أي إكتراث لليبيا.
*محمد شنيب// ميلانو 6 فبراير 2019
——————————————–
*حسب تصريحات المسؤلين في المؤسسة الوطنية للنفط فإن إنتاج النفط بلغ أكثر من مليون برميل يوميآ في بلد لا يتجاوز تعداده ستة ملايين وبالرغم من كل هذا زادت البطالة وقلت فرص العمل والعملة الليبية مازالت مختفية والسوقالسوداء نشطة
لا أحد يستطيع تفسير عدم وجود العملة في البنوك وعدم حصول الناس على أموالهم من البنوك وكثرة وزيادة السوق السوداء وتهريب العملة.ويعجز محافظ ليبيا المركزي في إيجاد حل لهذه المشكلة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.