في ذكرى الاستقلال: ماذا لو سيطرت الحركة الوطنية على الحكم؟

الحسن زهور

ذ. الحسن زهور//

سؤال لن يتبادر كثيرا على الذهن لهيمنة تصور ثقافي سياسي ايديولوجي على الذهنية المغربية منذ الستينات من القرن الماضي؛ تصور ثقافي و ايديولوجي رسخته الحركة الوطنية بمختلف تياراتها في الذهنية المغربية يرتكز على قدسية و طهرانية الحركة الوطنية بمشروعها السياسي و الثقافي. في السياسي تظهر الحركة هنا الوجه الايجابي في مساهمتها في تحرير البلد لكنها تخفي الوجه الاخر المتمثل في محاولة فرض حزب وحيد و أوحد لحكم المغرب باعتبارها ( حسب تصورها ) هي الوحيدة التي حررت المغرب مما يكسبها شرعية الحكم و التحكم. في الثقافي و الايديولوجي تبنت الحركة الفكر المشرقي و حاولت بكل الوسائل المتاحة لها ربط المغرب بالشرق ثقافيا و هوياتيا. لذلك حاولت الحركة ترسيخ مفهوم ابوتها الوطنية التحريرية و السياسية باعتبارها الفاعل الاساسي و الوحيد في تحرير المغرب لتفرض بالتالي رمزية الأب بمفهومه الشرقي بلا منازع.
لنتذكر تضحيات المقاومين منذ احتلال المغرب، و فضل الزعماء و القياديين من داخل الحركة الوطنية السياسية و من خارجها (وهم كثر )في نضالهم من اجل الاستقلال، كما لن ننسى الاشادة بتضحيات المقاومة المسلحة للقبائل ضد الاحتلال الفرنسي و التي استفادت منها الحركة الوطنية السياسية سياسيا ثم تنكرت لمقاومتها فيما بعد، لكن السؤال هو : ماذا لو سيطرت الحركة الوطنية على الحكم بالمغرب أنذاك و فرضت مشروعها السياسي و الثقافي بالقوة و الهيمنة؟ فلا يخفى على متتبع لتاريخ المغرب بعد الاستقلال ذاك الصراع الخفي احيانا و الظاهر احيانا بين الحركة الوطنية و القصر و الذي اتخذ اشكالا متنوعة متمثلة في محاولة حزب الاستقلال بجناحيه السلفي( المرحوم علال الفاسي) و اليساري( المرحوم بن بركة) بفرض حزب وحيد على المغرب اسوة بما وقع في بعض البلدان العربية المعتبرة انذاك نموذجا للتحرر و التحرير حيث الاحزاب القومية هي المهيمنة فيها كمصر الناصرية و سوريا و العراق.
في خضم هذا الصراع بين مشروع الحركة الوطنية السياسية و باقي القوى الاخرى ستكون اول ضربة لهذه الحركة هي فرض التعدد السياسي بالمغرب باخراج و اقرار قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي يعتبر صفعة للمشروع السياسي للحركة الوطنية لجمت طموحها السياسي في جعل المغرب بلدا شبيها ببلدان الشرق الاوسط حيث الحزب الوحيد هو الحاكم، و هو ما نرى المخلفات الكارثية لهذا النموذج اليوم في هذه البلدان التي حكمتها هذه الاحزاب.
لنعد الى سؤالنا الاول: ما ذا لو نجح مشروع الحركة الوطنية السياسي و الثقافي الايديولوجي بالمغرب؟
بنت الحركة الوطنية مشروعها السياسي و الثقافي على جعل المغرب قطرا تابعا للمشرق سياسيا و ثقافيا: سياسيا في تبني المشروع السياسي المهيمن انذاك عبر تبني المشروع السياسي للاحزاب القومية الناصرية و البعثية و هو ما انعكس على الشارع المغربي في تبنيه لكل قضايا الشرق السياسية اكثر من المشارقة انفسهم و ما زالت اثاره السلبية نعيشها الى الان ( تبني بعض المغاربة لقضايا الشرق و استعدادهم للموت من اجل قضايا غيرهم).
و ثقافيا في محاولة الحركة بكل الوسائل المتاحة لها لمحو الخصوصية المغربية باجتثاث الهوية الامازيغية للمغرب التي تشكل روح الاستثناء المغربي و احلال هوية اخرى مشرقية مكانها تحت يافطة الوحدة المبنية على الاحادية و اجتثاث كل تنوع، و هو النموذج التي فرضته الاحزاب القومية بالشرق فانتهى الى ما انتهى اليوم من دمار و فوضى.
فماذا لو نجح هذا المشروع السياسي و الثقافي الايديولوجي للحركة الوطنية في الستينات؟
الجواب لا يحتاج لتحليل وهو ما تعيشه اليوم بلدان ليبيا و مصر و سوريا و العراق و اليمن.. حيث حكمت هذه الاحزاب المعتبرة سابقا نموذجا لهذه الحركة.
يقول المثل الامازيغي ” ازرو ن تمازيرت اسا ئبنا يان” بمعنى: بأحجار البلد يتأسس البناء المتين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد