تستعد مجموعة من الفعاليات من اليسار المغربي لاحياء ذكرى 23 مارس بمدينة مراكش ، وقد سبق لهؤلاء ان احيوا نفس الذكرى بالهرهورة السنة الماضية ، وقال مصدر للموقع ، ان عدد من قدماء التنظيم السري 23 مارس الذين اسسوا من بعد منظمة العمل الديمقراطي الشعبي والاشتراكي الديمقراطي .. وفعاليات اخرى من اليسار المغربي سيلتقون لاحياء ذكرى 23 مارس بتقديم عروض حول مسار العديد من المناضلين منهم من استشهد من اجل الديمقراطية ومنهم وفاه الاجل ومنهم الاحياء الذين يناضلون داخل بعض الاحزاب المغربية والجمعيات والنقابات والمنابر الاعلاميةمن اجل تحقيق الديمقراطية والحرية ..وستكون المناسبة لتقييم كل هذه التجارب وكذلك لمناقشة الوضع الراهن في المغرب..وهي فرصة كذلك للذكرى ولصلة اواصر الصداقة والاخوة التي كانت تجمع العديد من هؤلاء عبر مسيرة نضالية وتاريخية أعطت الكثير للوطن ..بهذه المناسبة يقدم الموقع مقالا للكاتب عزيز المجدوب حول البناء التنظيمي وأساليب الاشتغال في تجربة منطمة 23 مارس :
“خضع بعض أفرادها لتداريب عسكرية واعتمدت السرية درءا لقمع الأجهزة الأمنية ..واستغرق تشكيل منظمة “23 مارس” حوالي خمس سنوات بعد اندلاع الأحداث التي سميت على إثرها، وفضل أعضاء هذه المنظمة التي انطلقت في البداية على شكل أنوية وخلايا اختار الأعضاء المشكلون لها الاشتغال في سرية ريثما تنضج فكرة تأسيس التنظيم بعد أن يحدث التقارب الإيديولوجي بينهم وتذوب الخلافات حول مجموعة من القضايا المتعلقة بطرق مواجهة النظام أو طريقة تعبئة الجماهير الشعبية، وكذا المواقف من بعض القضايا القومية والدولية. ففي البدء كانت الفكرة وكان الطموح لصنع غد أفضل يدغدغ كيان مجموعة شابة بدأ وعيها السياسي يتفتح خلال مطلع الستينات، واختار بعض أفرادها الانتظام ضمن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان في تلك الفترة ملاذ جل الطامحين إلى التغيير بعد أن ترسخ الاقتناع لدى قواعد هذا الحزب أن النظام لا يرغب في اقتسام السلطة معه بشكل ديمقراطي أو غيره، واعتماده خيار ملكية مطلقة يكون فيها الملك مصدر كل السلطات، مع الحفاظ على البنيات الاستعمارية وعودة رموزها وممثليها “عبر النافذة”.
لم تكن أحداث 23 مارس سوى القطرة التي أفاضت الكأس، ورسخت الاقتناع لدى تلك المجموعة الشابة الطامحة إلى التغيير، أن لا جدوى من انتظار تحرك القيادة السياسية لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية التي تكالبت عليها الضربات منذ سنة 62 بعد أن اختارت الدخول في مجابهات صدامية مع النظام وبلغت الضربات أوج قسوتها باختطاف واغتيال الزعيم المهدي بنبركة نهاية سنة 65، وأنه لا بد من اعتماد صيغ نضالية أخرى تتجاوز سيناريوهات التفاوض مع الحكم التي قادتها الأحزاب الوطنية ما أدى إلى خفوت وهج النضال الجماهيري خلال السنوات التي تلت ذلك.
وهكذا ظهرت المجموعة الأولى التي سميت “حلقة فاس” واختارت الاشتغال بشكل مستقل عن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، علما أن جل أعضائها ينتمون إلى الشبيبة الاتحادية التي كانت حديثة التأسيس خلال منتصف الستينات، ومنهم من كان ينشط ضمن جمعية ثقافية موازية سميت “نادي الوعي” كان من بين أعضائها مصطفى مسداد والحسين الكوار، ليحدث لقاء بينهم وبين مجموعة “الرابطة الفكرية” بمراكش وسميت حلقة فاس لأن المنتسبين إليها كانوا يتابعون دراستهم الجامعية بهذه المدينة.
وتواصلت اللقاءات داخل “حلقة فاس” التي أخذت في التوسع بعد التحاق مجموعة أخرى من الطلبة بها، فكان أول شكل نضالي نفذته الحلقة لاختبار قدرة أفرادها على التعبير عن موقفها جماهيريا ولو في نطاق محدود، هو إعداد منشور بداية سنة 1968 للدعوة إلى مقاطعة تقليد “سلطان الطلبة” تم طبعه في سرية تامة. ويحكي مصطفى مسداد أحد الأعضاء المؤسسين لحلقة فاس كيف أن الآلة التي تم بها طبع أول منشور، كان قد عثر عليها رفقة زميله الحسين الكوار صدفة بإحدى الجوطيات قرب باب مراكش بالمدينة القديمة للبيضاء فاقتنياها، وبها تم نسخ المنشور الذي صيغ بخط اليد قبل نقله إلى فاس وتوزيعه سرا في الحي الجامعي.
كان تفاعل الطلبة مع المنشور كبيرا الشيء الذي منح جرعة من الثقة إلى أفراد حلقة فاس، فتوالت محاولات كثيرة من هذا القبيل، دون أن تتعامل السلطات بشكل جدي، أو تعتقد أن الأمر يتعلق بتنظيم ماركسي لينيني يتشكل في السر، سينضاف إلى حلقات وتنظيمات أخرى كانت تحلق في الأفق الإيديولوجي والسياسي نفسه قبل أن يدرك أفرادها أن التقارب حاصل في ما بينهم فيقررون توحيد الصف في منظمة سياسية واحدة هي “23 مارس” التي تأسست خلال اليوم نفسه من سنة 1970. وضم التنظيم الجديد كلا من حلقة فاس وحلقة حرزني ثم حلقة السرفاتي، واختار المؤسسون السرية منهجا لهم، وكانت اللقاءات المركزية الأولى تعقد بإحدى الشقق قرب سينما فيردان بالبيضاء، كما اختار أفراد التنظيم تبني أسماء حركية ومستعارة وكلمات سر مضبوطة تفاديا لوقوعهم بسهولة في أيدي الأجهزة الأمنية.”
عزيز المجدوب
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.